البيان الختامي لمنتدى أبوظبى للسلم يطالب بوقف الحرب الروسية الأوكرانية
ألقى الدكتور خليفة الظاهري، المدير التنفيذي لمنتدى أبوظبى للسلم البيان الختامي للملتقى السنوي التاسع لـ"منتدى أبوظبي للسلم" تحت شعار "عولمة الحرب وعالمية السلام: المقتضيات والشراكات" من 14 إلى 16 ربيع الثاني سنة 1444 هـ الموافق لـ 08 إلى 10 نوفمبر 2022م برعاية متواصلة من الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وبإشراف من الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش بدولة الإمارات العربية المتحدة، وبرئاسة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى أبوظبي للسلم، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.
وشارك في الملتقى مئات المشاركين ما بين وزراء وممثلي منظمات أممية، ومسئولي منظمات إسلامية، وسفراء وممثلي هيئات حكومية ومراكز ومنظمات دولية، ومفتين، وعلماء، وقضاة، وقيادات دينية، ومفكرين، وشخصيات أكاديمية، ونواب برلمانيين، وغيرهم، كما حظي الملتقى بمتابعة الآلاف لجلساته وأعماله المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وقد افتتح الملتقى بكلمة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان عضو مجلس الوزراء، وزير التسامح والتعايش، جاء فيها: "إن الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة تعتز بأن السلام والتسامح والأخوة الإنسانية، والتواصل الإيجابي مع الجميع، هي كلها مبادئ أصيلة في المسيرة الناجحة لدولتنا العزيزة"، كما شارك في الجلسة الافتتاحية الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، وحسين إبراهيم طه- أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، والسفير رشاد حسين، السفير المتجول للحريات الدينية في وزارة الخارجية الأمريكية، والتضامن حول العالم، وشهد الملتقى في أيامه الثلاثة من خلال جلساته وورشة المتعددة، مناقشة موضوعات من أبرزها:
وارتكز موضوع ملتقى هذا العام على السعي إلى تعميق البحث في التحديات الكبرى التي تواجه البشرية في الوقت الراهن، تحديات الأمن والصحة والغذاء والبيئة، متناولاً بشكل خاص إمكانات وتحديات التعاون والشراكة من أجل بناء عالم أفضل لجميع البشر، كما كان الملتقى فرصة لتبادل الآراء والخبرات بين الفاعلين في حقل السلم والتسامح، ولسبر آفاق التعاون لنشر قيم السلم والتعايش.
كما أقيم على هامش الملتقى معرض للمنظمات العاملة في حقل السلم والتعايش، شاركت فيه نخبة من المنظمات والهيئات من مناطق مختلفة من العالم وقد خلص المشاركون في الملتقى التاسع لمنتدى أبوظبي للسلم 2022م، بعد تبادل وجهات النظر في القضايا المدروسة، إلى ما يلي:
أولاً- النتائج:
1. التئام مؤتمر هذا العام في وضع دولي مضطرب يزيد من مستوى التحديات التي تواجه البشرية.
2. أكدت الأزمات الراهنة والتوترات الحاصلة أن السلم كل لا يتجزأ، وأن أي إخلال به ستنعكس آثاره على البشرية في كل مكان.
3. بينت الحروب الدائرة في أجزاء من العالم أن نزعات الحرب لا تزال كامنة في النفوس؛ ولذا فإن من مسئولية القيادات الدينية كما رجال السياسة معالجة هذه الأفكار في النفوس والأذهان قبل أن تخرج إلى العيان.
4. نبهت النزاعات الحاصلة على أهمية الحوار لحل المشكلات البشرية ليكون اللسان بدل السنان، والكلام بدل الحسام، أداة لفصل الخصومات وفض في كثير من دول العالم.
5. انضافت الآثار السلبية للجائحة الصحية إلى العوامل المختلفة المسببة لعدم الاستقرار العالمي لينعكس أثرها ارتفاعا في أسعار الطاقة، وأسعار الغذاء على المستوى العالمي، فزادت بذلك معاناة الدول الفقيرة، وتضاعف خطر المجاعة جمعاء.
6. إن هذه التحديات الخطرة التي تواجه البشرية تطرح تحديات تتمثل في العمل على درء خطر الحروب وتطويق النزاعات المسلحة، وتفعيل دور القيادات الدينية والروحية للإسهام في مواجهة هذه الأزمات وأن تشكل القيادات الدينية قوة اقتراح لإيجاد حلول لمشاكل نقص الغذاء والدواء وتوفيرهما للدول الأكثر احتياجاً في ظل التحديات الاقتصادية والتغيرات المناخية، التي تعصف بالبشرية.
7. تتجلى عولمة الحرب فيما بات يشهده العالم من تفشٍ لحروب مستعرة في بقاع مختلفة من العالم، كما تتجلى في انتشار وانعكاس آثار هذه الحروب وتداعياتها على باقي دول العالم.
8. إن عالمية السلام هي دعوة لمقابلة عولمة الحرب برد فعل مضاد، بحيث نزيل العرض ونداوي المرض بجهود فض النزاعات وإقامة المصالحات.
9. إن دعوة السلم دعوة لازمة وضرورة ملحة، لكن هذه الضرورة تتأكد عندما تشتعل الحروب وتراق الدماء وتستخدم القوة العنيفة بحيث يصبح التهديد عالميا؛ ولذا فإن عولمة الحرب لا يمكن مقابلتها إلا بعالمية السلام.
10. لقد أظهرت جائحة كورونا أهمية التعاون الدولي والشراكات متعددة الأطراف في مواجهة التحديات ذات الطابع المعولم، والتي لا يمكن لبلد بمفرده أو منطقة لوحدها معالجتها أو التعامل معها.
11. لا شك أن درجة التشابك بين مصائر الشعوب وأوضاعها في سياق العولمة المعاصرة فرضت الشعور الواعي بحقيقة الانتماء للبشرية كعائلة كبرى، وللأرض كوطن أشمل، من خلال تجسيد روح ركاب السفينة الذين يؤمنون بالمسئولية المشتركة، وبالحرية المسئولة المرشدة، وبواجب التضامن والتعاون.
12. إن من وسائل عالمية السلام أن نعمل بعقلية الإطفائيين فنسعى إلى إطفاء الحريق قبل السؤال عن من أشعله أو الحكم عليه أو وصفه أو وصمه بأي جرم، فالمهم أولاً هو إطفاء الحريق وإيقاف القتل والقتال قبل الحكم على الأعمال والأفعال.
13. إن المنظومة القيمية المشتركة بين الأديان تشكل منطلقًا قويًا وطاقة فريدة للإسهام في تحقيق الخير العام. فالأديان تدعو إلى الرحمة والمحبة والعفو والصفح والغفران والإصلاح بين الناس.
14. إن القيادات الدينية تخاطب العقول والقلوب وطموحها أن يؤثر هذا الخطاب في الساحة، وتتلقاه آذان واعية، وقلوب مصغية؛ ليتحول إلى إدراك يجعل الحكمة أساسًا، والتواضع منطلقا، والمصلحة هدفا، والترويج لقيم الحياة مبدأ، والقيم النبيلة قواعد للنظام العام.
15. إننا نعتقد أنه من خلال جهود القيادات الدينية مع غيرها بإمكاننا أن نوصل صوت الحياة، صوت الحكمة للأخذ بحجزات الناس عن القفز إلى أتون الحرب والفناء.
16. إننا في خضم هذه التحديات القاتمة والأزمات الخانقة، لا نزال نرجو ألا تخبو شعلة الأمل، وأن تؤدي الأزمات الحالية إلى رد فعل معاكس من شأنه خلق معاهدات جديدة، ليس فقط للحد من التسلح، بل لنزع الأسلحة النووية من خلال مواثيق دولية تحمي حقوق الدول وتصون مصالحها دون الحاجة إلى دخول الحروب واختلاق النزاعات.
17. وختامًا، فإن المؤتمرين يعتبرون جميع المشاركين في جهود السلم والتسامح حول العالم رسل سلام، وسفراء فوق العادة لنشر رسالة السلم والوئام، تعلق البشرية جمعاء على جهودهم وأعمالهم أمالاً عظيمة.
ثانيًا – التوصيات
وقد خلص المشاركون إلى جملة من المقترحات والتوصيات:
1. نشيد بنموذج دولة الإمارات في التسامح والتعايش، ونوصي بأهمية الاستلهام بهذا النموذج الذي تتعايش في كنفه عشرات الأديان والثقافات والأعراق المختلفة، ومئات الجنسيات في أمن وأمان ومودة واحترام.
2. ندعو إلى المزيد من التفكير والعمل المشترك لوضع خارطة طريق للسلم العالمي.
3. نوصي القيادات الدينية والنخب الأكاديمية بإبراز قيم وجهود السلم وإيصال رسالة السلام إلى مجتمعاتهم في مختلف القارات اللغات في مناشطهم وبجميع المختلفة
4. ندعو أن يتم التواصل مع شركات إنتاج المحتوى الإعلامي والرقمي لإنتاج مواد جذابة حول السلم والتعايش السعيد للوصول بجهود السلام إلى شرائح واسعة من المجتمعات حول العالم.
5. نقترح القيام بسلسلة من الندوات والورش الأكاديمية مع الجامعات المرموقة حول العالم لتعميق البحث العلمي في مفاهيم السلام والتعايش بين البشر.
6. نوصي بتعزيز الشراكات والتعاون، وتنسيق الجهود بين الهيئات والمنظمات العاملة في صناعة السلم والتسامح والعيش المشترك حول العالم.
7. ندعو إلى التعريف وتسليط الضوء على النماذج الإيجابية، والقصص الملهمة، والمبادرات الناجحة في مجالات السلم والمصالحات وميادين البيئة والأمن
8. نوصي الغذائي والصحة على مستوى العالم. أن تسهم القيادات الدينية والفاعلين المجتمعين في التوعية والحث على تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
9. ندعو إلى تعزيز وتفعيل دور الشباب والنساء في بناء السلم المحلي والعالمي وفي الإسهام في رسم السياسات وبناء الشراكات لتعزيز استقرار المجتمعات وحفظ السلم فيها.
10. نوصي بإدراج قيم السلم والتسامح في مناهج التربية والتعليم على المستوى العالمي، والتعاون مع المؤسسات الدولية ذات الاختصاص.
11. ندعو إلى تعزيز الشراكات بين المنظمات العاملة في مجال السلم والمؤسسات الإعلامية العالمية.
12. ندعو إلى تعاون متعدد التخصصات لإعطاء العناية اللازمة للتعامل مع التحديات النفسية والروحية التي تسببها النزاعات والحروب.
13. نوصي باعتماد الحوار كوسيلة وحيدة لحل النزاعات والصراعات في العالم. والاستناد الى قوة المنطق لا إلى منطق القوة.
وفي الختام وجه القادة الدينيون والعلماء والمثقفون نداء حاراً باسم الإنسانية لإيقاف الحروب أو التهديد بها في النزاعات العالمية وبخاصة إيقاف الحرب الدائرة بين جمهورية روسيا الاتحادية وجمهورية أوكرانيا وإيقاف الاقتتال بين البلدين صوناً لدماء الشعبين ومحافظة على السلم العالمي واستجابة لتمنيات العالم ودعواته واللجوء إلى الحوار والوسائل السلمية لحل المشاكل والإشكالات بين البلدين الجارين والاحتكام إلى العقل والحكمة والمصلحة.