السادات فى تل أبيب من 45 عامًا
فى 9 نوفمبر 1977 ذهب الرئيس أنور السادات إلى مجلس الشعب المصرى ليقول إحدى أهم خطبه على الإطلاق فى ظل حالة من الشد والجذب والتوتر بيننا وبين إسرائيل، بعد انتصارنا العظيم فى 6 أكتوبر 1973.
قال السادات إنه مستعد للذهاب إلى آخر العالم. وفاجأ العالم بقوله إنه ستدهش إسرائيل عندما تسمعنى أقول: «إننى مستعد أن أذهب إلى بيتهم.. إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم». وهو ما نفذه فى الشهر نفسه حيث ذهب إلى تل أبيب، وألقى خطابه الشهير أمام الكنيست الإسرائيلى فى 21 نوفمبر 1977 ليفتح الطريق بعد ذلك لاتفاقية كامب ديفيد.
اتضح بعد مرور كل تلك السنوات أن السادات كان محترفاً فى إدارة التفاوض مع إسرائيل وتحقيق السلام والحصول عليه، تجنباً لسفك دماء أبنائنا، ولم يحدث أى تطور فى القضية الفلسطينية السبب الرئيسى لحروبنا مع إسرائيل بعد رفضهم شكل إدارة السادات للتفاوض. ولو كانوا سمعوه ووافقوا على مخططاته لكان الحال على العكس تماماً، ولكن من الواضح أن استمرار الانقسام الفلسطينى يحقق مصالح أطراف كثيرة داخلية قبل الخارجية.
المأساة الحقيقية التى وصلنا إليها الآن عدم وجود وحدة عربية حقيقية، نحتاج لدور فعال ومؤثر لجامعة الدول العربية، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة والرفض. وإعادة النظر فى بعض المواقف التاريخية التى سقطت الآن، مثل رفض الجامعة العربية إقامة علاقات عربية- إسرائيلية، وانتقالها من القاهرة إلى تونس سنة 1979 بسبب اتفاقية كامب ديفيد، رغم أنه الآن يتم تطبيع العلاقات بشكل فردى بين الدول العربية وإسرائيل. ولم تعتذر الجامعة لمصر عن الموقف الذى رفضته سابقاً، وصار واقعاً حالياً.
الشكل العام للعديد من الدول العربية لا يسر عدوًا ولا حبيبًا فى سوريا والعراق ولبنان وفلسطين واليمن.. انقسامات وحروب أهلية وتردى الحالة الإنسانية.. وهو دور منوطة به الجامعة العربية لحل كل تلك المشكلات بشكل حقيقى. ولا يمكن المقارنة هنا بينها وبين الأمم المتحدة.. لأن الأخيرة تنجح فى فرض العديد من مواقفها على مستوى العالم.
أعتقد أن الجامعة العربية تحتاج إلى تقييم شامل فى دورها وأنشطتها وميثاقها.. حتى لا تتحول لمجرد جهة تنظيم احتفالات ومهرجانات ولقاءات لا فائدة حقيقية منها فى توطيد العلاقات العربية- العربية. عقد اللقاءات وتشكيل اللجان واتخاذ قرارات غير ملزمة.. دون إنجاز حقيقى سوى صرف المزيد من المكافآت والصرف على تكلفة اللقاءات الضخمة ودعوة الموالين والمقربين، وضياع الميزانيات فيما ليس له قيمة حقيقية مضافة. وهو الحال الذى يحافظ عليه البعض استمراراً للحفاظ على المكانة الدبلوماسية والمكتسبات المالية.
وصل الحال إلى أن مواقف بعض الدول الأعضاء في الجامعة العربية، مثل: مصر والسعودية.. لها مواقف أكثر قوة من موقف الجامعة.
نقطة ومن أول الصبر..
متى نتعلم من تجاربنا السابقة.. لتصبح منارة على الطريق الصحيح.. دون أن تكون لدينا ذاكرة السمكة.. ننسى ونعيد نفس الأخطاء بنفس الأسلوب وبنفس الطريقة.