البغل فى الإبريق
بـ يقول لك كان فيه راجل ومراته متخانقين، الراجل مش عايز يطلق مراته، بس الست خلاص عايزة الموضوع يخلص، فـ راحوا لـ القاضي.
الحكاية دي حصلت زمان، زمان أوي أوي، قبل ما يبقى فيه محكمة الأسرة ومحامين وجلسات وقضايا بـ تقعد فـ المحاكم بـ السنين. دا لو كانت حصلت أصلا، هي حدوتة شعبية بـ يحكوها في القرى من قرون وقرون.
الزوجين راحوا لـ القاضي، اللي كان شكله فيمينيست، فـ تعاطف مع الست وحكم بـ تطليقها من زوجها والتفريق بينهما لـ الضرر، وإلزام الزوج بـ الحاجات والمحتاجات، يعني نَصَف الست، وأمر لها بـ كل اللي هي عايزاه، وحط ع الراجل.
المواطن اتعامل مع القاضي دا بـ اعتباره خرب بيته، وكسر هيبته، وشرد عياله، بـ اختصار دمر حياته، فـ قرر يلعنه في كل وقت وأدان، يلعنه اللي هو يلعنه فعلا وقولا، سرا وجهرا، يعني يقول: عليك لعنة الله يا قاضي فلان.
موضوع اللعن دا مكنش سهل، ومن الناحية الدينية (حسب الفهم السائد) ما ينفعش نلعن حد، والوحيد اللي مسموح نلعنه هو إبليس الرجيم، لـ إنه ملعون في كل كتاب من المولى عز وجل.
الناس قعدوا يقولوا لـ المواطن دا: حرام اللي انت بـ تعمله، لو عايز تلعن حد يبقى تلعن إبليس هو أصل كل الشرور في العالم، وهو وهو وهو، فـ كان يرد عليهم: وألعن إبليس ليه؟ كان عمل لي إيه؟ كان طلقني من مراتي؟ معنديش مشكلة مع إبليس، مشكلتي مع القاضي.
مين اتبسط؟
إبليس.
اتبسط وحب الراجل، هو الوحيد من بني البشر اللي مش بـ يلعنه، ومش شايفه يستاهل اللعنة، وبـ يلعن حد تاني من بني آدم، فـ قرر إنه يكافئ الراجل دا ويعمل له اللي هو عايزه، ويضايق له القاضي اللي مضايقه.
إبليس راح لـ المواطن وقال له اللي قرره، وعرض عليه أي خدمة وأي مساعدة، ولو عايز حتى يموت القاضي هو على استعداد يقتله، فـ الراجل قال له: وأنا أعمل إيه بـ موته؟ لأ أنا عايزه يتهزأ ويتبهدل والناس تقول عليه العبر.
قال له: غالي والطلب رخيص.
قاعد القاضي في قعدة وقدامه إبريق بـ يشرب منه، وإبليس هيأ له إن البغل بتاعه جه يشرب من الإبريق فـ دخل جواه، البغل الكبير دخل جوه الإبريق الصغير ومطلع دماغه منه وعمال يبص لـ القاضي، فـ القاضي قعد يصرخ ويقول: البغل في الإبريق، البغل في الإبريق.
الناس قعدوا يقولوا: يا حرام، القاضي اتجنن، يا حول الله، الراجل حصل له إيه؟ ويمصمصوا شفايفهم.
زي إسماعيل ياسين في فيلم المليونير، القاضي قرر ياخد الناس على قد عقلهم، ويتظاهر بـ إنه مش شايف البغل في الإبريق، مع إنه شايفه بـ عينيه.
العبارة دي هـ تبقى مثل، كنا بـ نستخدمه عندنا في الصعيد، حتى لو الناس مش عارفة أصله، إنما مش بـ أسمعه كتير في القاهرة، مع إن تحية كاريوكا عندها مسرحية كانت معروفة زمان اسمها "البغل في الإبريق" أيام ما كانت متجوزة فايز حلاوة، كانت 1967، بـ ما معناه إن المثل كان معروف.
إنما واضح إن القصة اختفت
والمثل اختفى
والمسرحية اختفت
وكله رايح
وأنا الوحيد اللي قعدت لكم
أصدعكم بـ الحواديت دي
معلش.