«رفع دعوتان قضائيتان ضد وزير الأشغال».. لهذه الأسباب خسر كارتر كل شئ من مقبرة الملك الصغير
تحل هذه الأيام الذكرى الـ100 لاكتشاف مقبرة الملك الصغير توت عنخ آمون، وفي هذا الصدد توجهت “الدستور” لعدد من المؤرخين وأساتذة الآثار للحديث حول هذا الأمر.
يقول الدكتور شريف شعبان الخبير في الآثار المصرية القديمة وتاريخ الفن ومحاضر في كلية الآثار جامعة القاهرة:" بلغ الصدام بين كارتر ومرقص باشا أشدَّه عندما ألغى الأخير التصاريح الممنوحة لإخلاء المقبرة من محتوياتها، وانتهت صلاحية كارتر وسطوته عليها تمامًا، فقام كارتر برعونته برفع دعوتين قضائيتين ضد وزير الأشغال أمام المحاكم المختلطة مرة أخرى. ورغم سير القضية بشكل طبيعي فإن ممثل وزارة الأشغال أراد إنهاء الأمر بطريقة ودية، فطلب من محامي كارتر والمدعو م. ماكسويل أن يتنازل عن القضايا المرفوعة في مقابل إعادة التصاريح له من جديد، ولكن محامي كارتر لم يقل رعونة وحماقة عنه، وكان اختيار كارتر لهذا الرجل قد زاد من سخونة القضية، فماكسويل كان المدعي العام البريطاني أمام المحكمة التي حكمت على مرقص باشا بالإعدام خلال ثورة 1919 ما جعل الثأر مبيَّتًا. اتهم ماكسويل الحكومة المصرية متمثلة في مرقص باشا بأنها تسلك مسالك "العصابات وقطَّاع الطرق" بعد أن أحكمت سيطرتها على المقبرة، في المقابل اعتبر الوزير أنها إهانة مباشرة لا تُغتفر، وأعلن أنه لا تفاوض مع كارتر على الإطلاق. ورغم مساعي العديد من الشخصيات ذات الثِّقَل في الحقل الأثري للوساطة بينهما، فقد باء الأمر بالفشل، وعاد كارتر بلا وظيفة مرة أخرى.
أضاف لـ"الدستور":" في مارس 1924 حكمت المحكمة المختلطة في القاهرة لصالح كارنرفون، ولكن حكومة سعد زغلول الوطنية رفضت تنفيذ الحكم ونقضته في محكمة استئناف الإسكندرية، التي أصدرت حكمًا تاريخيًّا في 31 مارس بأنه ليس من حق المحاكم المختلطة التدخل في قرارات الحكومة الإدارية. ورغم لجوء كارتر لمحامٍ آخر أكثر مرونة وهو البلجيكي جورج مرزباخ، والذي اعتاد الدفاع عن مصالح المؤسسات المصرية الكبرى ضد المحتل البريطاني، فإن الأمر قد وصل إلى طريق مسدود.
وأكمل:" وفي نهاية العام، تحديدًا في 20 نوفمبر، كان لحادث اغتيال سير لي ستاك سردار الجيش المصري وحاكم السودان أثره السيئ على وزارة سعد باشا زغلول الوطنية، فاضطر سعد باشا إلى الاستقالة، وجاء من بعده أحمد زيور باشا على رأس الحكومة وعمل على التفاوض مع الإنجليز في منح بريطانيا بعض القطع، ولكن وزارته سقطت، وسقطت خمس وزارات متتالية، واستمر الموضوع قيد التفاوض بين مصر وبريطانيا. ورغم أعوام من النضال الوطني عمل فيها سعد زغلول ومن ورائه نواب حزب الوفد والشعب كله على اعتبار قضية توت عنخ آمون قضية مصر كلها ورمزًا للكفاح ضد المحتل الإنجليزي، فإن القدر لم يمهل سعد باشا أعوامًا إضافية في عمره وتوفي عام 1927.
واختتم:" ظلت قضية توت سجالًا بين المصريين والإنجليز إلى أن جاء النحاس باشا وكوَّن وزارته الأولى عام 1928، ليعلن بصفة نهائية وقاطعة أن حكومته لن تسمح بمغادرة قطعة واحدة من آثار توت عنخ آمون أرض مصر.