سياسة ومونديال «2».. 1986 «يد الله» وانتقام مارادونا لضحايا حرب الفوكلاند
العداد التنازلي بدأ، أيام قليلة وينطلق الحدث الأكبر في العالم، كأس العالم يعود مرة أخرى ليطل علينا بحكاياته وأحداثه ومبارياته، شهر كامل تتوقف فيه كرة القدم حول الأرض، ويلقي الجميع أنظارهم نحو دولة واحدة، تستضيف ملاعبها منافسات المونديال، أهم حدث كروي عبر التاريخ.
ودائمًا ما ألقت الأحداث السياسية، وانتماءات المنتخبات وأزمات الدول والحروب بظلالها على المونديال، وأثرت بشكل مباشر في أحداثه.
ذلك على الرغم من تأكيد الاتحاد الدولي في أكثر من مناسبة، منعه التمييز بكل أنواعه، سواء ضد أشخاص أو جماعات، أو شعب بسبب العرق او الجنس أو اللغة أو الدين والسياسة، ويعاقب عليها.
وفي سلسلة تقارير «سياسة ومونديال» تخوض «الدستور» رحلة عبر أهم الأحداث السياسية والمواقف التي أثرت فيها انتماءات الدول والمنتخبات واللاعبين في مصائر مباريات كأس العالم، وفي الحلقة الثانية نلقي الضوء على مونديال 1986 وقصة الصراع الانجليزي الأرجنتيني بين حرب الفوكلاند والمونديال.
اقرأ أيضًا.. سياسة ومونديال «1» 1938.. حينما أرضخ موسوليني كأس العالم لخدمة الفاشية
حرب الفوكلاند
الصراع الأرجنتيني الانجليزي لم يبدأ في 1986، ولم يطلق ربع نهائي المونديال أولى شراراته، بل كان للأمر جذور امتدت لـ4 سنوات ماضية.
في الثاني من إبريل 1982 اجتاحت القوات الأرجنتينية جزر الفوكلاند التابعة لبريطانيا منذ القرن التاسع عشر، والواقعة في جنوب المحيط الأطلسي، ثم غزت جورجيا الجنوبية في اليوم التالي، لتعلن سيادتها على الإقليمين.
واندلعت الحرب غير المعلنة بين الأرجنتين وبريطانيا، واستمرت لمدة 74 يومًا، وانتهت باستسلام الأرجنتين في 14 يونيو من العام نفسه، وسقط 649 جنديًا أرجنتينيًا ضحية هذه العملية العسكرية، مقابل 255 جنديًا بريطانيًا.
مونديال 1986.. يد الله وانتقام مارادونا من انجلترا
وبعد 4 سنوات من انتهاء حرب الفوكلاند، استضافت المكسيك بطولة كأس العالم، في الفترة بين 31 مايو و 29 يونيو.
ووقع المنتخب الأرجنتيني في المجموعة الأولى رفقة منتخبات إيطاليا وبلغاريا وكوريا الجنوبية.
وتأهل في المركز الأول برصيد 5 نقاط، بعد الفوز في مباراتين والتعادل في مباراة واحدة فقط، إذ كان الفائز وقتها يحصد نقطتين.
أما المنتخب الانجليزي فكان بالمجموعة السادسة، رفقة المغرب وبولندا والبرتغال، وتأهل في المركز الثاني برصيد 3 نقاط.
والتقى المنتخب الأرجنتيني بنظيره الأوروجوياني في دور الـ16، وفاز بهدف دون رد، فيما انتصرت انجلترا على باراجواي في نفس الدور بثلاثية نظيفة.
وضرب المنتخبان موعدًا في الدور ربع النهائي يوم 22 يونيو 1986، في مدينة مكسيكو.
وانتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي بدون أهداف.
وتقدم ديجو أرماندو مارادونا بالكرة إلى منطقة جزاء منتخب انجلترا ومرر الكرة لزميله لكن مدافع انجلترا حاول إبعادها فوصلت له مرة أخرى وارتقى وضرب الكرة بيده في المرمى، مسجلًا أول أهداف المنتخب الأرجنتيني، بطريقة أثارت غضب جميع لاعبي المنتخب الانجليزي الذين ظلوا يصرخون في الحكم التونسي علي بن ناصر، أنه سجل الهدف بيده، ولكن الهدف احتسب بالفعل.
ويقول مارادونا عن هذا الهدف: "سجلت هدفًا بيدي في مباراة فرنسا من قبل، ولكنه هدف في كأس العالم؛ نعم لقد كان غشًا ولكنني لن أقول آسف يارجال لقد سجلت الهدف بيدي".
واحتاج مارادونا 4 دقائق فقط للانطلاق بالكرة من منتصف الملعب، وراوغ جميع لاعبي المنتخب الانجليزي ودخل منطقة الجزاء وراوغ حارس المرمى وسدد الكرة في الشباك، لتصبح النتيجة تقدم الأرجنتين بهدفين دون رد.
وفي الدقيقة 81، سجل جاري لينيكر، هدف انجلترا الأول، لكن المباراة انتهت بفوز الأرجنتين بهدفين لهدف، والتأهل للدور نصف النهائي.
والتقى المنتخب الأرجنتيني بنظيره البلجيكي في الدور نصف النهائي بهدفين دون رد، سجلهما دييجو مارادونا، ثم واجه منتخب ألمانيا الغربية في المباراة النهائية وفاز عليه بثلاثة أهداف لهدفين.
رغم أن مباراة المنتخب الانجليزي كانت في الدور ربع النهائي، وخاض بعدها رفاق مارادونا مواجهتين نحو تحقيق اللقب المونديالي، إلا أنها كانت العلامة الأبرز في تلك البطولة، إذ أنها شهدت واحدًا من الأهداف التي ستظل محفورة في أذهان كل من شاهدها، كما ستتناقلها الأجيال جيلًا بعد الآخر؛ فمارادونا في 4 دقائق فقط استطاع أن ينتقم لضحايا بلاده في جزر الفوكلاند، وأن ينتصر لأبناء الأرجنتين على المملكة البريطانية التي سلبت جزءًا من أراضيهم - حسب وجهة نظرهم- وقتلت أبناءهم.
"لم نكن نريد الانتقام لجنودنا في جزر الفوكلاند، لا شيء سيعوض تلك الأراوح التي خسرناها حتى لو سجلنا 7 أهداف ضد منتخب انجلترا، كان الأمر كأننا هزمنا دولة بأكملها، وليس فقط فريق كرة قدم" مارادونا عن الفوز على انجلترا في مونديال 1986