(نوفي) منصة مصرية لحشد التمويلات لمشروعات المناخ
دول العالم قررت أن تكافئ أكبر ٤ دول تتسبب فى تلوث الهواء بأكبر كم من المساعدات!
مصر أطلقت المنصة المصرية «نُوفِّى» لتمويل مشاريع التنمية الصديقة للبيئة ومساعدة الدول الكبرى على الوفاء بتعهداتها
مشاريع مصرية ممتدة حتى ٢٠٥٠ بتمويلات دولية ومنح ميسرة ومشاركات مع القطاع الخاص الدولى والمصرى
«التخفيف» و«التكيف» هدفا المشروعات المصرية التى تطرحها «نُوفِّى»
أخبار هامة عن تمويلات دولية للمشروعات المصرية ينتظر إعلانها فى ١١-١١
وأنت تقرأ هذه السطور تكون فعاليات «كوب ٢٧» قد بدأت بالفعل، ويكون العالم قد تجمع فى شرم الشيخ، ليسلم لمصر رئاسة قمة المناخ لمدة عام كامل، تقود خلاله جهود العالم للحد من الانبعاثات الحرارية، والتلوث، والتغيرات المناخية، التى تهدد وجود العالم، وتنذر برفع درجة حرارته بشكل يهدد استمرار حياة الكائنات عليه، إن الانبعاثات الحرارية هى «المزحة» التى انقلبت إلى «جد» والخطر الذى استهان به الجميع فى بدايته، فإذا به يتحول إلى سيف مسلط على رقاب الجميع، عليهم أن يسابقوا الوقت لإعادته إلى غمده، وهى أيضًا جريمة الدول الكبيرة التى تدفع ثمنها الدول النامية، وجريمة الدول الصناعية التى تدفع ثمنها الأمطار والبحار والنباتات والسحب الغاضبة مما يحدث والمنزعجة منه، إن ٨٠٪ من الانبعاثات الحرارية فى العالم مصدرها الدول الصناعية الكبرى التى لا تتجاوز سبع دول، ومع ذلك فإن الدول النامية هى التى تدفع فاتورة هذه الانبعاثات بطرق مختلفة ومتنوعة، ولعل هذا ما أدى إلى شعور هذه الدول السبع الكبرى بالذنب، وبالخطر أيضًا، ودفعها للإعلان عن مئة مليار دولار تقدمها لدول العالم المختلفة، للتقليل من الانبعاثات الحرارية فى الدول المختلفة، أو لعلاج آثار التغيرات البيئية فى بلاد العالم المختلفة، لكن الحقيقة أن الدول الصناعية كعادتها دائمًا تمارس التفاوض حول كل شىء، وأى شىء، وتتحدث أكثر مما تدفع، وتعد بأكثر مما تفى، وتعلن بأكثر مما تنفذ، وتقدم تفسيرات مختلفة لتعهدها بدفع المئة مليار دولار لدول العالم الثالث لتلافى آثار تغيرات المناخ، فبعض الدول تعتبر أن نصيبها فى تمويل المؤسسات الدولية يعفيها من دفع نصيبها فى المئة مليار دولار، وبعضها يقدم تفسيرات أخرى لهذا التعهد، والتفاصيل فى هذا المجال كثيرة، وهى ستكون موضوعًا للتفاوض فى «المسار التفاوضى» داخل مؤتمر المناخ، وهو مسار موازٍ للفعاليات العلنية التى يشارك فيها القادة ونشطاء المجتمع المدنى، والشباب، إلخ.. ففى المسار التفاوضى يكون لكل دولة مندوب، وينخرط الجميع فى تفاوض حول التوصيات، والتمويل، وتعهدات كل دولة، وخطط العمل، إلخ، وتستمر المفاوضات طيلة أيام المؤتمر لحين الوصول لصيغة نهائية يتم إعلانها فى ختام المؤتمر.. وليس سرًا أن هناك خلافًا حول أولوية إنفاق المئة مليار دولار التى تعهدت بها الدول الكبرى، وإن لمصر وجهة نظر مختلفة فى إطار تعاونها مع الدول الكبرى، وفى إطار رئاستها للمؤتمر أيضًا، حيث تعطى الدول الكبرى أولوية فى التمويل للدول التى ما زالت تعتمد على الفحم فى إدارة ماكينات المصانع فيها وهى أربع دول فقط على مستوى العالم هى «جنوب إفريقيا، وفيتنام، والهند، وإندونيسيا»، ورغم أن المساعدات لهذه الدول تحمل منطقًا ما، إلا أنه من الظلم أن تستحوذ أربع دول فقط على أغلب المساعدات بسبب كونها السبب الأكبر فى التلوث الذى يعانى منه الجميع، ففى قمة المناخ الماضية «كوب ٢٦» حصلت جنوب إفريقيا وحدها على تمويلات دولية إجماليها ثمانية ونصف مليار دولار، لمساعدتها فى التوقف عن استخدام الفحم كمصدر للطاقة، وقد تفهمت مصر منطق الدول المانحة، لكنها اعترضت عليه فى نفس الوقت، وكان اعتراضها بشكل عملى وعلمى، ومن خلال استخدام نفس اللغة التى يستخدمها العالم، فالحقيقة أن كل مشروعات التنمية التى بدأت فيها مصر منذ بداية الفترة الرئاسية الأولى للرئيس السيسى تراعى كل الاشتراطات البيئية، بل إن الرئيس التقى عددًا من علماء مصر الكبار فى أوروبا الذين اقترحوا عليه أفكارًا خاصة بتوليد الطاقة المتجددة من الشمس والرياح، استغلالًا لمميزات مصر المناخية، وهو ما أسفر بالفعل عن مشاريع مثل محطة «بنبان» لتوليد الطاقة الشمسية فى أسوان، ومحطة توليد الكهرباء من الرياح فى «الزعفرانة»، ومحطات المعالجة الثلاثية لمياه الصرف فى «بحر البقر» و«المحسمة»، فضلًا عن خطوط مترو الأنفاق الستة التى تم تأسيسها منذ ٢٠١٤ كتعبير عن خطوط مواصلات نظيفة لا تستخدم الوقود الأحفورى، ولا ينتج عن سيرها أى تلوثات بيئية، ولأن هذا هو واقع المشروعات فى مصر منذ ما قبل قمة المناخ بكثير، فقد قررت مصر أن تتحدث مع العالم بلغته وأن تؤسس منصة وطنية للتمويل تحمل اسم «نوفى» وهو كما نرى اسم مشتق من الوفاء بالتعهدات أو العهود، وهو مبادرة مصرية لها شركاء من جهات تمويل دولية مختلفة تم الاجتماع معها بالفعل، وأعلنت مباركتها لهذه المنصة التمويلية الوطنية، التى تهدف لتمويل مشاريع صديقة للبيئة بمشاركة القطاع الخاص المصرى، والهدف تأسيس وتمويل مشاريع تنموية صديقة للبيئة فى كل أنحاء مصر إما بمنح دولية، أو بقروض ميسرة، بفائدة لا تتعدى واحدًا والنصف فى المئة، وفترة سداد تصل لعشرين عامًا، تبدأ بفترة سماح مدتها خمس سنوات قبل سداد أول قسط من هذا القرض الميسر، وبخلاف ما يظن البعض فإن هذه التمويلات الدولية محل تنافس شديد بين دول العالم المختلفة، وهى أيضًا معيار على استقرار النظم السياسية فى الدول التى تحصل عليها، وعلى تقدير العالم لخطط التنمية فيها ورهانه عليها، وهكذا فإن «نوفى» تطلب من الدول السبع الكبرى أن تنفذ تعهداتها من خلال تمويل المشاريع التنموية الصديقة للبيئة، فعلاج الانبعاثات لا يكون بمنع استخدام الفحم فقط، ولا بتمويل أربع دول من إجمالى ١٨٩ دولة فى العالم فقط، وإلا فإن هذا يكون دليلًا على خلل كبير فى التفكير، لقد قدمت مصر خطة تمتد إلى عام ٢٠٥٠ تعتزم فيها تأسيس عشرات المشاريع التنموية وتمويلها بكل طرق التمويل المتاحة، وعلى رأسها التمويلات الإنمائية الميسرة من الدول الكبرى، واستثمارات القطاع الخاص العالمى والدولى الراغب فى الاستثمار فى مثل هذه المشاريع التى أصبحت تحتل الأولوية فى العالم كله، وحتى يكون المعنى قريبًا من الأذهان فإن كل المشاريع الخاصة بتحسين الرى أو تطوير الزراعة، أو استصلاح الصحراء، أو معالجة المياه، أو بناء محطات طاقة نظيفة، أو مصانع لا تعمل بالوقود الأحفورى تندرج كلها تحت منصة «نوفى» وتستحق الأولوية فى الحصول على التمويلات التنموية المختلفة، وبحسب د. رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولى فى لقائها مع الكتاب والصحفيين فإن هناك تجاوبًا دوليًا كبيرًا مع المنصة المصرية «نوفى» التى تهدف إلى تحقيق مزيد من العدالة فى إنفاق التمويلات الدولية لمقاومة تغيرات المناخ، أما أسباب التجاوب الكبير مع الفكرة المصرية فهى سابق المشاريع المصرية الصديقة للبيئة التى تم تنفيذها فى وقت قياسى وبمواصفات جودة عالمية ودخلت مجال العمل بالفعل، ولعل ما يستحق التوقف أمامه أن مصر تعاملت بجدية وإيجابية مع قضية معيار التمويل «المختل» من وجهة نظرى الخاصة، فالدول الكبرى تمول الدول الأكثر تسببًا فى التلوث وكأنها تكافئها! وتبخل بالتمويل على الدول التى تسعى لاستخدام الطاقة النظيفة وكأن علينا أن نستخدم الفحم ونلوث العالم أكثر حتى يسارعوا بتمويلنا!
وبحسب وزيرة التعاون الدولى فإن مشروعات منصة «نوفى» بالشدة على الفاء، تتراوح ما بين مشروعات «التكيف» وهذه هدفها تخفيف أثر الانبعاثات الحرارية مثل علاج ارتفاع درجات الحرارة، أو زيادة منسوب مياه البحر، وتآكل الدلتا، وبين مشروعات «التخفيف» وهذه هدفها «التأسيس على نظافة، واستخدام أساليب لتوليد الطاقة، تخفف من الانبعاثات الحرارية فى العالم، وبحسب المعلومات فإن المنصة الوطنية «نوفى» ليست فكرة، ولكنها حقيقة واقعة منذ يوليو الماضى، وقد تمت اجتماعات مع منظمات التمويل الدولية فى سبتمبر ٢٠٢٢، وقد تم تحديد المشاريع المستهدفة بالفعل والتفاوض حولها مع مؤسسات التمويل الدولية، وما زالت هناك أخبار هامة فى هذا الإطار ستعلن فى المؤتمر نفسه، وفى يوم ١١-١١ تحديدًا!