«مفارقات طريفة بين الأدب والأحذية» حكايات وديع فلسطين عن الأدباء
روى وديع فلسطين بعض المفارقات الطريفة التي جمعت بين الفكر والحذاء، وسرد بعض المرويات الفكاهية التي استمدها من الذاكرة ومن جورج صيدح وروكس بن زائد العزيزي والبدوي الملثم يعقوب العودات.
حكى في مقاله المنشورة بمجلة "الأديب" 1969، أن كامل الشناوي جاءه ذات يوم أديب مرموق يشكو له ما دارت عليه به الحياة، وكيف أن الأبواب قد أغلقت أمامه ولم ينفتح في وجهه إلا باب العمل في مؤسسة "باتا" للأحذية، واستنجد هذا الأديب بـ "الشناوي" أن يزيل عنه لعنة "الأحذية"، فما كان من "الشناوي" إلا أن يرد بالهزل: "وما الذي احنقك يا صديقي من رفقة باتا؟، أفلا تعلم أن أستاذك الذي تعجب به وتهيم بقراءة آثاره مكسيم جوركي قد بدأ اسكافيا وانتهى أديبا، وها أنت قد عكست الآية، فبدأت أديبا وانتهيت في حانوت الإسكاف".
وتذكر “فلسطين” شخصا كان يعمل في محلات الأحذية التي يتردد عليها الأدباء، ومنها محل سليم وسمعان صيدناوي، فكان يسرع إلى خدمتهم هذا الموظف، وبعد فترة ترك تجارة الأحذية وتجارة الخردة وتفرع للمشاغبات الأدبية.
كما سرد، أن الشاعر كامل أمين عندما أصدر ديوانه الأول قدمه بعبارة شعرية غربية، فيها منتهى الاعتاد بالنفس فقال: "إلى الذين حذائي فوق أرؤسهم"، ثم ثنى بقوله أن قدمه تعلو على كثير من الرؤس.
وأشار إلى واقعة بين الشاعرين حافظ إبراهيم وأحمد شوقي، ففي أحد الأيام كان يسيران معا في شارع من شوارع العاصمة، وأراد حافظ أن يقول قولا لاذعا في حق شوقي، فقال في خبث: "يقولون أن الشوق نار ولهفة.. فما بال شوقي أصبح اليوم باردا"، وبعدها نزلا الشاعرين في منزل صديق لهما، فلمح "ِشوقي" طفلاً ينتعل حذاء جديداً ويمرح في المنزل، فناداه شوقي وربت على كفته وسأله عن اسمه، ثم نصحه: “تمهل يابني، حافظ على جزمتك”.
يذكر أن الكاتب وديع فلسطين توفى بعد صراع مع المرض، عن عمر يناهز 99 عامًا، ولوديع فلسطين العديد من الكتب والترجمات التي أثرى بها المكتبة العربية.
وديع فلسطين ولد في عام 1923 بمركز أخميم بمحافظة سوهاج، وتخرج فى قسم الصحافة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، عام 1942، وعمل بالصحافة السياسية والاقتصادية والأدبية، وكانت بدايته في جريدتى "المقتطف" و"المقطم" بين عامى 1945 و1952.
ألّف وديع فلسطين وترجم ما قد يجاوز عدده أربعين كتابا في الأدب والاقتصاد والسياسة وعلوم الصحافة التي قام بتدريسها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة على مدى عشر سنوات، بين عامي 1948 و1957. ولعل أهم كتبه الأدبية الكتاب الصادر عام 2003 والمعنون "وديع فلسطين يتحدث عن أعلام عصره"، وهو في جزءين، يسجل فيهما علاقاته بنحو مائة من الأعلام في مصر والبلاد العربية والمهجر وديارات المستشرقين. وذُكر بأنه أول من تنبأ بأن نجيب محفوظ سوف يصبح ذا شهرة عالمية، وبالفعل فقد حاز على جائزة نوبل للأدب عام 1988.
شارك في إخراج عدد من الموسوعات، منها الموسوعة العربية الميسرة، و"موسوعة الأقباط" باللغة الإنجليزية الصادرة في ثمانى أجزاء عن جامعة.