البابا فرنسيس يستقبل شبان وشابات حركة «العمل الكاثوليكي» الإيطالية
استقبل البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، صباح السبت، شبان وشابات حركة «العمل الكاثوليكي»، الإيطالية، ووجه لهم خطاباً مسهبا سلط فيه الضوء على أهمية الخبرة الرعوية بالنسبة لمسيرة الإيمان والنضوج وأكد أن الأخوة تُبنى بدءا من الخروج من الذات والانفتاح على الآخر، متوقفا عند أهمية أن يكون المسيحيون خميرة في المجتمع.
استهل البابا كلمته مشيدا بالتزام ضيوفه في العمل الرعوي، وذكّرهم بأنه ينتمي إلى جيل آخر، وُلد وترعرع في سياق اجتماعي وكنسي مختلف عندما كانت الرعية والكاهن مرجعاً أساسياً لحياة الناس، من خلال الاحتفال بقداس الأحد والتعليم المسيحي والأسرار. ولفت البابا إلى أن السياق الاجتماعي والثقافي الذي يعيش ضمنه الشبان اليوم تغيّر كثيرا، وتمت إعادة النظر في رسالة الكنيسة والرعية في بلدان عدة. ومع ذلك – تابع يقول – يبقى شيء واحد أساسي بالنسبة لمسيرة الإيمان والنضوج ألا وهي الخبرة الرعوية، التي كانت وما تزال مهمة، لأنها البيئة الطبيعية حيث تعلمنا أن نصغي إلى الإنجيل، وحيث تعرفنا على الرب يسوع، وتربينا على الخدمة المجانية وعلى الصلاة ضمن الجماعة وعلى تقاسم المشاريع والمبادرات، وشعرنا أننا ننتمي إلى شعب الله.
مضى البابا فرنسيس إلى القول إن هذه هي الخبرة التي عاشها ضيوفه بفضل حركة "العمل الكاثوليكي"، مضيفا أن من بين الحاضرين من كانوا منتمين إلى حركة العمل الكاثوليكي للفتيان، وتعلموا في كنفها الكثير من الأمور، كيف يكونون جزء من جماعة مسيحية حيث يتقاسمون ما لديهم، يتعاونون ويصلون معاً. وشدد على ضرورة أن نتعلم جميعاً أننا في الكنيسة أخوةٌ من خلال المعمودية، وأننا كلنا مسؤولون، لدينا مواهب مختلفة وتصب كلها في صالح الجماعة. وتعلمنا أن الحياة هي دعوة لاتباع الرب، وأن الإيمان هو عطية لا بد أن نتقاسمها مع الآخرين وأن نشهد لها.
وأشار بابا الفاتيكان إلى أنه يتعين على المسيحي أن يهتم في الواقع الاجتماعي وأن يقدم إسهامه فيه بعيدا عن اللامبالاة، مؤكدا أن البؤس البشري ليس ضرباً من سوء الحظ إنما هو دائما ثمرة الظلم الذي ينبغي أن يُستأصل من المجتمع. ولفت البابا إلى أن هذه الحقائق يتعلمها الإنسان في الرعية وداخل حركة "العمل الكاثوليكي". وقال: كم من الشبان قدموا شهادتهم داخل الكنيسة والمجتمع، وتميزوا كبالغين ومسنين بنمط الحياة الذي كوّنوه عندما كانوا يافعين.
تابع البابا قائلا: أيها الشبان الأعزاء، إننا ننتمي إلى جيلين مختلفين، لكن ما يجمعنا هو محبتنا للكنيسة وشغفنا تجاه الرعية التي هي الكنيسة وسط البيوت ووسط الشعب.
ووجه البابا في هذا السياق كلمة شكر إلى الشبان والشابات على الإسهام الذي يقدمونه كي تنمو الكنيسة في الأخوة.
ولفت إلى أن البعد الجماعي تأثر بسبب الجائحة، كما أن الشبان باتوا اليوم مختلفين عما كانوا عليه لخمسين سنة خلت، وثمة ميل إلى الفردانية والعزلة في المجتمع ما ترك أثراً على الجماعات المسيحية
وذكّر البابا بأن الأخوة لا تُبنى من خلال المشاعر والشعارات والأحداث، بل تتطلب عملاً من قبل كل فرد وبمساعدة الله ونقطة الانطلاق تتمثل في الخروج من الذات للانفتاح على الآخر، اقتداء بالمسيح، لأن الأخوة في الكنيسة ترتكز إلى المسيح وإلى حضوره في وسطنا.
بهذه الطريقة، مضى البابا إلى القول، يصبح المسيحيون خميرة في المجتمع، إذا كانوا في المسيح وأخوةً يحركهم روحه يصبحون خميرة حيثما وُجدوا.
وحذّر الحاضرين من مغبة التأثر بهذا العالم، وفقدان حداثة المسيح، مذكراً بأن الرب يدعونا لأن نكون ملح الأرض. وتوقف فرنسيس بعدها عند حياة بعض القديسين، شأن فرنسيس الأسيزي وماريا غوريتي وكارلو أكوتيس وغيرهم، وقال إن هؤلاء الرجال والنساء يعلموننا كيف نكون خميرة في المجتمع، وكيف نكون في هذا العالم، وليس من هذا العالم.
في ختام كلمته إلى شبان وشابات حركة "العمل الكاثوليكي" الإيطالية ذكر البابا ضيوفه بأن أكتوبر هو شهر السبحة الوردية وطلب منهم أن يتعلموا من العذراء مريم كيف يحفظون في قلبهم أسرار الرب ويتأملون بها، وشجعهم على النظر يوميا إلى حياة الرب ومراحلها المختلفة التي تسمح لنا بعيش حداثة الروح القدس وحداثة الإنجيل.