اقتصاد الشارع العرفى
رغم كل الجهود التى تقوم بها الدولة لصالح المواطن المصرى.. لا تزال ظاهرة باعة الأرصفة فى تفاقم.. والملاحظ أنهم احتلوا أرصفة أماكن حيوية مثل ميدان رمسيس وشوارع وسط البلد وتقاطع شارع الجلاء مع شارع رمسيس. وتحول الأمر إلى أن أصبح ظاهرة عشوائية تحكمها فكرة "البقاء للبلطجة".. التى تفرض نفسها على المجتمع.
قرأت إحصائيات كثيرة عن الباعة الجائلين وباعة أرصفة الشوارع.. والتى قدر البعض أعدادهم بين مليون ومليون نصف بائع فى شوارع القاهرة الكبرى وميادينها.
خطورة هذه الظاهرة.. أنها تمثل تضخما لمشكلة الاقتصاد الموازى الذى لا يخضع لرقابة الدولة، ولا يظهر بشكل رسمى فى موازنة الدولة رغم كونه يمثل تعاملات مالية بملايين الجنيهات يومياً. وما يتبع ذلك من عدم دفع الضرائب المكررة عليه باعتباره من الأنشطة التجارية.
وصل الأمر.. خاصة فى الأماكن التجارية المكدسة مثل شوارع وسط البلد.. أن أصبحت الأرصفة للبيع والإيجار العرفى فيما بينها. وهو ما يدعو إلى أهمية وجود حلول عملية قاطعة على غرار وجود أسواق بديلة لهم، وذلك مثل أسواق اليوم الواحد لكى تكون سهلة فى الوصول إليها.
فكرة أسواق اليوم الواحد تمثل نوعًا من الاستغلال الفعلى للعديد من الأراضى الفضاء التى تحولت إلى مقالب قمامة. وهى تحتاج من الحكومة وبالتبعية محافظة القاهرة والمجلس الشعبى المحلى إلى تخطيط هذه الأسواق وتجهيزها بما يتلاءم مع أسلوب تقسيمها، وتزويدها بالخدمات والمرافق الأساسية، مثل وجود ثلاجات للحفظ والعرض للأماكن المخصص فيها بيع الأطعمة.. بدلاً من احتلال الشوارع والأرصفة.
توفر أسواق اليوم الواحد العديد من المعروضات والمنتجات يومياً. كما توفر الكثير من فرص العمل المنظمة فى إطار الحفاظ على نظافة المنطقة المقام عليها السوق وعدم تلوث البيئة. ويتم تحديد نظام لهذه الأسواق يقوم بشكل أساسى على معرفة مصادر البضاعة المعروضة للبيع، والحفاظ على حقوق المستهلك لإرجاع واستبدال المنتج الذى اشتراه فى حالة اكتشاف عيوب به حسب قوانين حماية المستهلك.
تحتاج ظاهرة الباعة الجائلين لإعادة نظر فى التشريعات والقوانين المنظمة للتجارة الداخلية.. خاصة فى مجال ممارسات الأنشطة التجارية بكل صورها بحيت يتم تحديد حقوق هؤلاء الباعة طبقاً للقانون. كما يتم تشديد العقوبات الخاصة بمزاولة النشاط التجارى دون ترخيص.
أصبحت ظاهرة الباعة الجائلين واقعا فعليا فى المجتمع المصرى، وهو واقع لا يمكن حله بأى حال من الأحوال بالملاحقات الأمنية ومصادرة معروضاتهم.. لأنها فى نهاية المطاف ترتبط بمواطنين مصريين أرادوا أن يكون لهم عمل.. يعود عليهم بالربح المادى الشريف دون أى تجاوزات قانونية من وجهة نظرهم.. خاصة أن ما يقومون به مجرم قانوناً.. ولكن يشجعه المجتمع الذى أصبح تدريجياً يعتمد عليهم فى الحصول على احتياجاته.
نقطة ومن أول الصبر..
ظاهرة باعة أرصفة الشوارع والباعة الجائلين.. تحتاج إلى حلول قانونية حاسمة ومجتمعية حقيقية قابلة للتنفيذ.. حتى لا نتركها تنتشر وتتمدد مثلما حدث مع التوكتوك والميكروباصات قبل ذلك.