شعب عظيم.. تقبل شجاعة القرار وتفهم فضيلته
عكست كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، فى المؤتمر الاقتصادي، إرادة جادة في التجاوب مع ما ستنتهي إليه جلسات المؤتمر، حتى ينجح في الوصول لمستهدفات تلبي مطالب الوطن والمواطن، لتساهم نتائج المؤتمر في وضع خارطة طريق تُعظم من الإنتاج وتضع حلاً لبعض المشكلات الاقتصادية، خصوصاً أنه منصة مهمة لعرض الرؤى الخاصة بالحكومة ورجال الأعمال والمستثمرين تجاه دعم الاقتصاد المصري، فهذا المؤتمر يأتي جزءًا من حراك الدولة لمقاومة التحديات الداخلية والمتغيرات الإقليمية والدولية المستجدة، كما أنه يتكامل مع المحور الاقتصادي للحوار الوطني ويتفق معه في الأهداف، وبالتالي هو مُقوم إضافي يساعد في إنجاحه.. كما أنه خطوة من بين خطوات الدولة والحكومة لدعم الاقتصاد الوطني، للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد بسبب الأوضاع العالمية، وتخفيف حدتها على المواطن البسيط، فضلاً عن تعزيز قدرات الاقتصاد المصرى من خلال تحفيز بيئة الاستثمار وتعزيز دور القطاع الخاص، من أجل تحقيق تنمية اقتصادية شاملة.
المؤتمر كان منصة صادقة لمكاشفة المواطن بمسيرة الوطن والتحديات التي خاضها ويخوضها.. استعرض خلالها د. مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، بلغة سهلة واسلوب بسيط، تاريخ التحديات التي خاضتها مصر، منذ عشرات السنين، والمعوقات التي اعترضت سبيل البدء في تنمية حقيقية، تنتقل بها مصر إلى مصاف الدول الناهضة، إلى أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، وبدأ المشوار الصعب، بعد أن فقدت البلاد أكثر من 477 مليار دولار، نتيجة لأحداث يناير 2011، وثورة 30 يونيو 2013، وصل بعده الاحتياطي النقدي إلى 20 مليار دولار فقط، وانتكست السياحة، كما ضُربت مفاصل الدولة الاقتصادية في مقتل، وكانت على شفا الانهيار، لولا أن الله سلم، (جاءت أحداث 2011 و2013 لتقضي على ما تبقي.. وكادت أن تقضي تماماً على حاضر ومستقبل هذه الأمة.. الحقيقة الفترة دي كانت كاشفة، وربنا نجا البلد من مصير صعب).
لقد التمس الرئيس السيسي العذر لمن سبقه في حكم البلاد، قال إن رصيد القيادة السياسية والحكومة ـ وقتها ـ لم يكن بالقوة اللازمة، والتي يمكن أن تشكل قاعدة لانطلاق خارطة طريق صعبة ومريرة تحتاج لسنوات عمل شاقة وطويلة.. (يا ترى كان على مدار الخمسين سنة اللي فاتوا، باستثناء فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، هل كانت القاعدة الشعبية ومكانة الرئيس والحكومة تقدر تتحمل قرارات صعبة هتاخد سنين كتيرة جداً؟.. ما افتكرش).. قدرات الدولة المصرية لم تكن أبدا كافية لتلقي ضربات هائلة، مثل الصراعات والحروب وكذلك موجات الإرهاب المتلاحقة، وتأثيرها على الاستقرار والتنمية والسياحة في مصر، والتي كانت لاشك أرضية لتفريغ هذه القدرة والقضاء عليها، وهو ما انعكس على التحديات بالسلب، (أنا كنت بقول للناس إن 2011 ده كان إعلان وفاة الدولة المصرية.. وناس كتير زعلت من الكلمة دي، لأن الناس عايزه تغير.. بس أنا عايز أقول للناس حتى اللي بيتناول الموضوع إعلامياً، ما حدش قال مثلاً إن التظاهر في دولة معينة ـ من غير ما أقول أسماء ـ لمدة السنتين أو الثلاثة اللي فاتوا، جعل الدولار الموجود في البلد مش موجود في البنوك، والناس كانت فرحانة بالتسقيف في الشارع ولحد الآن الدولة لم تستقر).
وكان على الرئيس السيسي أن يتخذ القرار الصعب، (عندما طرحنا الأمر، أن نتخذ عملية الإصلاح الاقتصادي وتحرير سعر الصرف، كل اللي قاعدين من مدير المكتب ووزراء الاقتصاد والمالية والرقابة الإدارية والداخلية والدفاع قالوا (لا).. قلت لهم يا جماعة اللي إحنا حنعمله دلوقتي هنعدي بالقرار ده قناية، لكن لو تأخرنا هنبقى عاوزين نعدي بحر لا يمكن نعديه، والحمد لله مشينا والله أراد لنا التوفيق).. وكان السيناريو، (لو الشعب رفض المسار، قلت على طول الحكومة تقدم استقالتها يوم الخميس، وأدعو لانتخابات رئاسية مبكرة السبت).. لأن (أخطر شيء هو قياس الرضا الشعبي، بما يتحصل عليه المواطن مباشرة وحرص الحاكم عليه وأن يلبي مطالبه مباشرة، حتى لو كان هذا على حساب مستقبل الوطن وحاضره).. وقد تحلى الرئيس بشجاعة القرار وفضيلة القرار معاً، لأن (القرار المُتخذ تحمي به أمة وليس نفسك.. بالمناسبة، يا ترى كلنا عندنا الاستعداد لمجابهة الأمر ولا الإحراج ولا رد الفعل له تأثير مش كويس؟).
ظلت مجابهة التحديات التي تواجهها مصر تصطدم بمحاذير الحفاظ على الاستقرار الهش للدولة، بدلاً من التحرك فى مسارات الحلول الحاسمة، وكانت دراسة البيئة ومناقشة حجم صلابة الدولة كرأي عام ضرورة، بما يسمح بتمرير المسار المستهدف التحرك فيه.. وقد قامت الدولة خلال عام 2015 برفع جزء من الدعم على الوقود، (فى ذلك الوقت، قيل إن الرئيس يغامر بشعبيته وأنا كان تقديرى فى الوقت ده إن الرصيد الموجود يجب استثماره بشكل أكبر فى الإصلاح والبناء، لأن الفرصة لن تتكرر، وقد يتواجد مسئول آخر فى هذا المكان بعد ذلك، يكون لديه هذا الحجم من الأرصدة التى ممكن أن تسمح للشعب أن يقبل منه أى قرارات.. ولو لم يكن متخذ القرار منتبه إلى مكانه ويستفيد من الفرصة لبلده وشعبه وتقدمه واستقراره، ستفوته الفرصة).
لقد استقرت حالة من التشكيك في وجدان الدولة المصرية على مدى ثمانين عاما مضت، وهذه الحالة تأتي برأي عام ليس لديه قدرة على الصمود.. وقد تمنى الرئيس أن يكون (من يدّعوا أنهم حاملو راية الدين، صادقين ومخلصين وأمناء وشرفاء)، ولكنهم لم يكونوا.. (بقالنا ثماني سنوات، كان فيه إرهاب وتفجيرات في الكنائس والمنشآت الحيوية.. ولما بدأت تروق يتقال تعالي ورينا عملت إيه).. لم يأت الرئيس السيسي في حملة 2014 وقال (أنا لها أنا لها.. لأ.. أعطيتكم وعود جميلة.. لأ.. لأن التحدي كبير جداً، ولكن مش أكبر من الدولة المصرية كشعب، وكمواطنين مستعدين يدخلوا معانا في الموضوع بعد ما يعرفوه)، إن تجربة الـسنوات السبع الماضية، أثبتت عدم فهم الشعب المصري بشكل كامل، (هقولكم بقى المفاجأة، والله العظيم المفاجأة، التجربة بكل صدق وتواضع خلال السنوات السبع، أننا لم نفهم ونعرف حقيقة المصريين، أنا بتكلم عن نفسي، مكناش عارفين ولا فاهمين كويس، الشعب قبل التحدي والتضحية، والحكومة تعمل، والقيادة مستعدة للتضحية بشعبيتها).
لقد حرص الرئيس، عقب توليه المسئولية أن يتابع كل صغيرة وكبيرة في الدولة المصرية، بجميع الموضوعات والقطاعات، لتحقيق نهضة سريعة في جميع الملفات، (أنا مش بدافع عن نفسى.. إوعوا تفتكروا اللي اتعمل ده بإنى أصدرت توجيهات وقعدت في البيت.. أنا بدافع عن المسار والفكرة وفلسفة الحكم).. تطلب موضوع حقل ظهر ـ مثلاً ـ جهداً شاقاً، بلغ حوالى خمسة وعشرين ألف ساعة عمل ومتابعة من جميع قطاعات الدولة.. لإن إعادة تنظيم وهيكلة الدولة ده إجراء بنعمله بهدوء شديد في كل مؤسسات الدولة، وأول قرار أخدته الدولة كان منذ سبع سنوات بأنى قولت مفيش حد هيتعين تاني في الحكومة.. بعد ما اتعين مليون ونصف في سنة 2011 وتم رفع المرتبات من 80 مليار جنيه قبل 2011 ووصلت بعدها الى 230 مليار جنيه.. وكان هناك العديد من المسارات لمجابهة أزمة الجهاز الإدارى للدولة، ولكنه فضل هذا المسار الذى تسير عليه الدولة حالياً.
واختتم الرئيس السيسي رؤيته بأن ذكّر بأن (طريقنا ومسارنا هو ما عاهدنا عليه الله سبحانة وتعالى كمصريين، لإنجاح المسار الذى تحدثنا عنه كدولة وشعب.. طريقنا ومسارنا هو طريق العمل والعمل والعلم.. طريقنا هو الحلم والأمل.. طريق بدأناه معاً نكمله معاً.. طريق يتسع للجميع.. هذه تجربتى كإنسان مصرى عاش التجربة وقرأ كتيراً في التاريخ وبيحلم لبلده).. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.