الأنظار تتجه إلى شرم الشيخ.. مصر تقود الجهود لتخفيف آثار التغيرات المناخية
أكد خبراء ومراقبون أهمية الدور الذي تلعبه مصر لمواجهة التغيرات المناخية والتكيف مع آثارها، عبر إطلاق سلسلة من مشروعات التحول إلى الأخضر، لتخفيف انبعاثات الكربون والحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض،رغم أنها ليست من الدول المتسببة في التغيرات المناخية من الأساس.
تستضيف مدينة شرم الشيخ، خلال الفترة من 8 إلى 18 نوفمبر المقبل، مؤتمر الأمم المتحدة السنوي المعني بتغير المناخ، والذي يسعى هذا العام، لتقدم المحادثات العالمية بشأن المناخ، وتعبئة العمل، وإتاحة فرصة هامة للنظر في آثار تغير المناخ وكذلك الابتكار والحلول في إفريقيا.
ويرى الدكتور حسام الدين محمود، عضو لجنة بناء القدرات باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للمناخ، إن التغيرات المناخية من أخطر القضايا التي واجهت الإنسان خلال القرن الأخير من عمر الكوكب، وتعرف في الأوساط الدولية باسم القضية الحاسمة، والتي لا بد من اتخاذ إجراءات حقيقية حيالها، لافتا إلى أن المسؤولية الكبرى في موجهة الآثار المدمرة لتغير المناخ تقع على عاتق الدول الصناعية الكبرى المتسببة في انبعاثات الكربون.
القضية الحاسمة
وقال محمود في تصريحات لـ "الدستور"، إن الحرارة ارتفعت درجة كاملة خلال القرن الماضي، ما أدى لاحترار الكرة الأرضية، ومزيد من الفيضانات، وحرائق الغابات، وملوحة الأراضي، محذرا من مردود هذا الأمر على الأمن الغذائي الدولي، خصوصا أن القمم السابقة المنعقدة حول المناخ لم تتخذ خطوات جادة من قبل الدول الكبرى للحيلولة دون وقوع الكارثة.
وأضاف: "القمم السابقة أكدت ضرورة تعويض الدول المتضررة بتمويل يبلغ 100 مليار دولار، وتزويد دول الجنوب بتكنولوجيات للتحول الأخضر، وسياسات جديدة نحو تخفيض الانبعاثات، وأصبح شمال العالم المتسبب في الانبعاثات مسؤول عن التخفيض وجنوب العالم معني بالتكيف مع هذه التغيرات"، لافتا إلى أن إفريقيا ليست مساهمة في التغيرات المناخية ومع ذلك ستكون من أكبر المتضررين من آثارها.
وأشار محمود إلى أن مصر شاركت في مجموعة من المشروعات الخضراء رغم أنها ليست متسببة في الأزمة، وأطلقت سلسلة مشروعات مثل "بنبان" في أسوان ومشروع "الزعفرانة" للتكيف مع آثار التغيرات المناخية، وشملت أشكالا عديدة من الجهود ومثال على ذلك، تبطين الترع، ومصدات السيول، ووضع الاستراتيجية الوطنية 2050 للوصول إلى "زيرو كربون" وهذه الاستراتيجية ألزمت كافة القطاعات بالتحول الأخضر، وأن يكون البعد البيئي بعدا أساسيا في عمل هذه القطاعات.
ومضى قائلا: إن مصر تواصل الجهود الطيبة لإنقاذ الكوكب، وتسعى لتصنيع الهيدروجين الأخضر، عبر فصل الكربون عن المياه لإنتاج الكهرباء النظيفة، والنقل المستدام صديق البيئة، ومجموعة كبيرة من المشروعات، متوقعا أن تشهد قمة شرم الشيخ الشهر المقبل، نجاحا كبيرا بعكس سابقتها في جلاسكو، لأنها ستبحث تحويل التعهدات الدولية إلى مشروعات يتم تنفيذها.
آثار مدمرة
بدوره، ثمن الأمين العام للجمعية النرويجية للعدالة والسلام في أوسلو المهندس طارق عناني، الدور الذي تلعبه مصر على الصعيد الدولي والإقليمي لمواجهة آثار التغيرات المناخية المدمرة على كوكب الأرض، ومحاولة الضغط على قادة دول العالم في قمة شرم الشيخ لبدء تحرك فعلي لإنقاذ كوكبنا من كوارث طبيعبة محتملة.
وقال عناني في تصريحاته لـ"الدستور"، إن العالم يشهد واحدة من أخطر اللحظات، وتهديدا مشتركا لا يستثني أحدا من البشر أو منطقة من المناطق أو دولة دون غيرها، فاحترار كوكب الأرض يؤدي كما هو معروف لذوبان الجليد وزيادة الفيضانات وملوحة التربة الزراعية، وهو ما يؤثر على سلة الغذاء العالمية بشكل ينذر بالخطر الوشيك.
وأشاد بجهود مصر في العمل المناخي، والبرامج الطموحة والاستراتيجيات التي وضعتها القاهرة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، والطاقة النظيفة، والوصول إلى زيرو انبعاثات كربونية في عام 2050، بشكل يشجع بقية دول المنطقة على انتهاج السلوك المصري في التعامل مع الكوكب، وعلاج آثار التغيرات المناخية التي لم يكن لإفريقيا ذنب فيها من الأساس.
خطر كبير
من ناحيته، قال الحقوقي الإماراتي الدكتور محمد سالم بن ضويعن الكعبي، إن التغيرات المناخية خطر كبير يهدد أقدس الحقوق البشرية وهو الحق في الحياة، كما أن هذه التغيرات تهدد الحياة على الكوكب وتزيد من احتمالية حدوث كوارث طبيعية تودي بحياة البشر، وخير مثال على ذلك الفيضانات الجارفة والمدمرة التي شهدتها باكستان.
وأضاف الكعبي في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن على دول العالم المتقدم أن تبذل المزيد من الجهود لتخفيف آثر التخيرات المناخية، خصوصا أن هذه الدول الصناعية الكبرى هي المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض بفعل أنشطتها الصناعية التي زادت نسبة الانبعاثات الكربونية، وأدت بالتبعية إلى الاحتباس الحراري وحرائق الغابات.
وشدد الكعبي على أهمية الدور الذي تلعبه مصر باعتبارها ممثلا عن القارة الإفريقية من أنشطة قوية وجهود حثيثة لمواجهة آثار التغيرات المناخية، معربا عن أمله في أن تكون قمة شرم الشيخ التي تستضيفها مصر الشهر المقبل بداية لالتزام حقيقي للدول الصناعية الكبرى بتعهداتها لتخفيف حدة الآثار الناجمة عن التغيرات المناخية على إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.