خبير بالبنك الدولى يتوقع ارتفاع عدد الفقراء فى 2030 نتيجة التغيرات المناخية
عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، اليوم الاثنين، بالتعاون مع كل من رئاسة COP27، ومجموعة البنك الدولي، ومركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية، ومنتدى البحوث الاقتصادية، ومعهد التخطيط القومي، محاضرة متميزة بعنوان: "المناخ والتنمية: التكامل والأولويات"، وذلك بمقر معهد التخطيط القومي، وذلك ضمن سلسلة من المحاضرات المتميزة حول قضايا المناخ والتنمية، فى إطار الاستعدادات لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي27 COP، بهدف تعزيز الحوار العالمي حول كيفية الربط بشكل أفضل بين التغير المناخى وأجندات التنمية العالمية.
ودعا الدكتور محمود محيي الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP 27، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة فى كلمته الافتتاحية، إلى ضرورة تبنى المنهجية الشمولية فى التعامل مع القضية، لأن قضايا التغير المناخى لا بد أن تنعكس على تدهور الأحوال الاجتماعية وتأثيرات سلبية على سوق العمل، وهو ما يتطلب تطبيق المنهج الشمولى فى أجندة مؤتمر المناخ، مشددا على أهمية تصميم أجندة تمويل أكثر تماسكًا للقضايا المناخية سعيا لتحقيق هدف خفض الانبعاثات الكربونية بمستوى أعلى من 5.6%.
من جانبه أكد ستيفان هاليغات كبير الخبراء الاقتصاديين في فريق البنك الدولي المعني بتغير المناخ والمتحدث الرئيسى فى المحاضرة، أنه من المتوقع أن يقفز عدد الأشخاص تحت خط الفقر المدقع بحلول عام 2030 إلى نحو 132 مليون شخص نتيجة تأثير التغيرات المناخية، لافتا إلى توقع تأثيرات وخيمة على الدول الإفريقية، وهو ما يتطلب تحقيق مزيد من النمو والتنمية ما بين عامى 2040 و 2050 لمواجهة ما يعانيه الأشخاص من فقر وهشاشة، وهنا يجب أن تكون التنمية شاملة خاصة فى المجتمعات الريفية، وهو ما يصب فى صالح المرونة والتكيف مع التغيرات المناخية.
وأوضح هاليغات أن التنمية عنصر مهم فى مواجهة أثر التغيرات المناخية على الشعوب، ويجب بناء شبكة من البنية التحتية وتغيير طريقة تصميم المبانى والطرق، والاستثمار فى النقل، والاستثمار فى الطاقة المتجددة، ومحاولة الاستفادة من التكنولوجيا فى خلق حلول للمشكلات وتقليل تكلفة الطاقة النظيفة، لتحقيق التكيف مع التغيرات المناخية، وهو ما يصب فى النهاية لصالح المؤشرات الاقتصادية.
وأشار هاليغات إلى ثلاثة تحديات مهمة تواجه التنمية والتكيف مع التغيرات المناخية، والتى تتمثل فى التحديات الاقتصادية، من تأثير على مستوى الوظائف وتضرر الأشخاص اقتصاديا من تأثيرات التغيرات المناخية، وهو ما يتطلب إيجاد بدائل لهؤلاء المتضررين لكسب العيش، ما يتطلب بدوره حشد استثمارات القطاع الخاص لإيجاد هذه البدائل.
ويعد تحدى توفير التمويل من أهم التحديات التى تواجه تمويل المناخ وتحقيق التنمية، مشددا على ضرورة حشد الاستثمارات المحلية والدولية واستثمارات القطاع الخاص، والاستثمار فى قطاعات النقل والمواصلات والطاقة الجديدة والمتجددة، أما التحدى الثالث يتمثل فى حوكمة المؤسسات حيث هناك حاجة لزيادة مرونة المؤسسات بنسبة 3%، معربًا عن أمله فى أن يساعد مؤتمر المناخ المقبل فى مواجهة التحديات أمام المجتمع الدولى، وقال هاليغات أن التمويل قضية مهمة، ولكن أيضا يجب الاهتمام ببناء القدرات وتحديد الاحتياجات وأولويات التنمية.
وحول إمكانية اللجوء إلى ضريبة الكربون لتوفير التمويل اللازم لمواجهة تغير المناخ، أشار هاليغات إلى أنه يعد حلا بديلا؛ لتوفير موارد مالية يمكن ضخها فى قطاعات التنمية مثل الصحة، ولكن من المهم أن تعى الحكومات طبيعة التحديات التى عليها مواجهتها وصياغة السياسات المناسبة للمواجهة.
الدكتور هومي خاراس زميل أول مركز التنمية المستدامة بمعهد بروكنجز، عقب بدوره قائلا: إن هناك ارتباطا وثيقا بين التنمية ومواجهة التغير المناخى، وإذا أخفقنا فى جانب، سنخفق أيضا فى الجانب الآخر، وهو أمر يجب الانتباه إليه، داعيًا إلى الاستفادة من الانخفاض التاريخى فى أسعار الكهرباء فى تحقيق التنمية خاصة بالمناطق الريفية والنظر إلى الفرص التى تخرج من رحم التحديات، والنظر إلى التنمية من خلال منهجية شاملة وتعاون القطاع الخاص فى ضخ استثمارات.
وأشار خاراس إلى أن بعض الدول النامية تنظر إلى قضايا التغيرات المناخية باعتبارها رفاهية، ولكن الحقيقة أنها ليست كذلك، وهناك حاجة إلى نسب مئوية محددة من الناتج المحلى للإنفاق على مواجهة التغير المناخى لتصل إلى نحو 7% عالميًا دون التأثير على الفقراء.
واتفق خاراس مع دعوة الدكتور محمود محيى الدين على ضرورة تخطى رقم الـ 100 مليار دولار المخصص لتمويل المناخ، ولا يجب التفكير برقم بعينه، ولكن بطريقة إنفاق هذا التمويل، داعيا لزيادة هذا الرقم خاصة من خلال البنوك متعددة الأطراف ومؤسسات التمويل الدولية، وضخ استثمارات فى مشاريع تحفز المؤشرات الاقتصادية، وعدم التوجه نحو مزيد من الديون.
من جانبها قالت الدكتورة عبلة عبداللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أن القضية الأساسية تتمثل فى الانبعاثات الكربونية، وتحديد الأولويات، وأشارت إلى تحد إضافى يتمثل فى التحدى القادم من المجتمع الدولى بشأن تمويل التعويضات وتفاقم الديون، لافتة إلى أن قارة إفريقيا ليست مسئولة سوى عن 3% فقط من الانبعاثات الكربونية، فى مقابل 40% من الانبعاثات تسببت بها قارة أوروبا، ورغم ذلك فإن إفريقيا هى الأكثر تضررا من تأثير هذه الانبعاثات، وهو ما يجب أن يترجم فى صورة تمويل لتعويض هذه الأضرار، وهو الأمر الذى يجب أن يحظى بنقاش واسع فى مؤتمر المناخ القادم الذى ينعقد خلال 26 يوما من الآن.
وأشارت إلى أن التمويل المخصص لمواجهة المناخ بقيمة 100 مليار دولار قد يكون نقطة فى بحر مما نحتاجه، وهو ما يجب التفاوض حوله لتعويض الدول النامية عما لحق بها من أضرار نتيجة الانبعاثات التى تسببت بها الدول المتقدمة.