إدجار آلان بو هرب من سواد السكر إلى ما يشبه القبر التمهيدى
إدجار آلان بو، قاص وروائي وناقد أدبي وشاعر أمريكي، والذي تحل اليوم ذكرى مولده، حيث ولد في مثل هذا اليوم من العام 1849 في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعد المؤسس لأدب ما يعرف بــ"أدب الرعب القوطي".
ومن مؤلفات إدجار آلان بو: قناع الموت الأحمر، القلب الواشي، ظل حكاية رمزية، ثلاثة آحاد في الأسبوع، حفلة الموت الأحمر التنكرية، سقوط بيت أوشر، الرسالة المسروقة، حكاية شهرزاد الثانية بعد الألف، وادي القلق، جرائم شارع مورج، حلم داخل حلم، الحفرة والبندول، القطة السوداء، القلب المليئ بالقصص وغيرها.
تعددت أعمال إدجار آلان بو، ما بين القصة القصيرة، وروايات الرعب البوليسية، والشعر والنثر، وقد أجاد في كل من هذه الأجناس الأدبية المتعددة. وكانت قصصه متنوعة الموضوعات، لعبت بعالمها وأسلوبها المميز، ولغتها الخاصة، مما جعلها رائدة في بلورة فن القصة القصيرة، هذا فضلا عن مقالاته النقدية التي نظر فيها لفن القصة الناشئ.
إدجار آلان بو، لعب خلال الأعوام الأربعين التي عاشها، أدوارا متعددة في أدب العالم الحديث، وتخطت شهرته حدود الأدب الأمريكي، وترجمت أعماله إلي معظم لغات العالم. اشتغل بالصحافة والتحرير الأدبي معظم فترات حياته القصيرة، وترك عددا كبيرا من النصوص الشعرية، فضلا عن المقالات النقدية.
وقد اشتهر إدجار آلان بو بقصصه القوطية المرعبة، وقدم عوالمه وتحليلاته القصصية الغريبة، منطلقا من أرضية فن الشعر الذي بدأ منها، ومركزا علي فكرته النقدية الأساسية عن وحدة الأثر أو وحدة الإنطباع.
ــ كان سلوكه مزيجا من الكبرياء والعذوبة
تذهب الناقدة والمؤرخة الأدبية اللبنانية “خالدة سعيد”، إلي أن شخصية إدجار آلان بو، كانت فريدة آسرة، تتميز، مثل نتاجه، بطابع من الكآبة لا حدود له. ورغم أنه كان دقيق البنية، مرهف الملامح، فقد كان أكثر من قوي، وكان البأس يتفجر من قسماته. كأن الطبيعة تمنح مزاجا حيويا شديدا لهؤلاء الذين تريد أن تأخذ منهم الأشياء الكبيرة.
كان سلوك إدجار آلان بو، مزيجا غريبا من الكبرياء والعذوبة والوداعة، وكل شئ فيه يشير إلي أنه كائن مصطفي. كان أشبه بهؤلاء الذين يعبرون فيجذبون أعين الذين يرونهم ويملأون ذاكرتهم .
ــ لا حب في قصص إدجار آلان بو
وتلفت خالدة سعيد إلي أن: ليس في قصص إدجار آلان بو حب، بالمعني الخالص لهذه الكلمة. لعله كان يعتقد أن النثر ليس لغة في مستوي هذه العاطفة الخارقة التي يكاد يستحيل التعبير عنها، ذلك أن شعره، علي النقيض، مشبع ملئ بالحب. الحب في شعره رائع، مكوكب، تغطيه دائما كآبة لا شفاء منها. وفي قصته “جنة أرنهايم”، يؤكد “بو” أن الشروط الأولية الأربعة للسعادة هي: الحب، الحياة في الهواء الطلق، التخلص من كل طموح، وخلق جمال جديد.
فليس في نتاج إدجار آلان بو كله رغم موهبته المعجزة في المرعب والمضحك، فقرة واحدة تتصل بالدعارة أو حتي بلذات الجسد. والصورة التي يقدمها “بو” عن النساء، صور تحيط بها الهالات، إنها مرسومة بلهفة المتعبد ولهجته، مغمورة بضباب سماوي شفاف.
وتشدد خالدة سعيد علي: أما عن السكر الذي أثر عن إدجار آلان بو وانتقد عليه كثيرا، فيقول الذين كانوا يعرفونه حق المعرفة أن كمية قليلة من الخمر أو الشراب كانت تكفي للتأثير فيه. ويسهل من ناحية ثانية، الافتراض أن شاعرا عاش في مثل وحدته وشقائه الهائلين، يبحث أحيانا عن لذة النسيان في الشراب. الأحقاد والشتائم الأدبية، آلام الحياة اليومية، مشاكل البؤس، من هذا كله كان إدجار آلان بو يهرب إلي سواد السكر، إلي ما يشبه القبر التمهيدي.