«الكوليرا» يهدد العالم من جديد.. والصحة العالمية تحذر
أفادت منظمة الصحة العالمية بتفشي الكوليرا في 10 من المحافظات السورية وانتشارها في جميع أنحاء البلاد، محذرة من خطورة ذلك الوضع.
قال رئيس فريق المنظمة المعني بالكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي، "فيليب باربوسا" أن المرض بدأ في الانتشار في جميع أنحاء سوريا موضحًا أنه أمر ينذر بالخطر، وذلك وسط تسجيل 33 وفاة و426 إصابة.
وصرح فيليب أن الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي وحده شهدت إبلاغ 26 دولة بالفعل عن تفشي الكوليرا مقارنة مع أقل من 20 دولة في المتوسط بين عامي 2017 و2021، كما أكد أن العالم لا يشهد فقط المزيد من الفاشيات ولكن الفاشيات نفسها أكبر وأكثر فتكًا.
كما أوضح رئيس فريق المنظمة المعني بالكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي أن معدل الوفيات الناجمة عن الإصابة بالكوليرا تضاعف في 2021 ثلاث مرات تقريبًا مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، وأن إفريقيا تشهد زيادة بنسبة 3% عن معدل الوفيات العالمي، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أنه وعلى الرغم من أن الكوليرا يمكن أن تقتل في غضون ساعات إلا أن علاجها بسيط لكن الكثير من الناس ليست لديهم إمكانية الوصول في الوقت المناسب إليه.
وأضاف أنه فى الوقت الذى تستمر فيه مسببات تفشي الكوليرا مثل الفقر والصراع إلا أن الدول تواجه اليوم تهديدًا أكبر وهو تغير المناخ الذي يؤدي الأحداث المناخية الشديدة مثل الفيضانات والأعاصير والجفاف الذي أدى إلى تقليل فرص الحصول على المياه النظيفة ما جعل هناك بيئة مثالية لتفشي الكوليرا، كما حذر من أنه مع اشتداد أثار تغير المناخ فإنه من المتوقع أن يزداد الوضع سوءًا ما لم تتحرك البلدان لتعزيز الوقاية من الكوليرا.
الطعام والماء الملوث السبب
وأرجع الدكتور أحمد سمير أستاذ أمراض المناعة في حديثه "للدستور" أن تفشي الكوليرا داخل سوريا جاء نتيجة استمرار الحرب في البلاد منذ 11 عاماً، مُشيرًا إلى أن ذلك الأمر من شأنه إثارة مخاوف ساكني المخيمات المكتظة بالنازحين الذين لا تتوافر لهم مياه شرب نقية أو صرف صحي، وبالتالي يلجأوون إلى استخدام المياه الملوثة التي تنتشر قرب نهر الفرات.
وتابع أن الكوليرا ينتشر بسبب تناول الطعام أو الماء الملوث ويتسبب في حدوث إسهال حاد، كما حذر من أنه مرض سريع الانتشار ، كما أضاف أن مرض الكوليرا يمكن أن يقتل المصابين به في غضون ساعات إذا لم يتلقوا العلاج، وذلك لأن معظم من تنتقل إليهم تظهر عليهم أعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أية أعراض.
والكوليرا هي مرض بكتيري عادةً ما ينتشر عن طريق الماء الملوَّث، وتتسبَّب في الإصابة بإسهال والجفاف الشديد، وإذا لم يتم علاجها، فإنها يمكن أن تكون قاتلة خلال ساعات قليلة، حتى لدى الأشخاص الذين كانوا أصِحَّاء سابقًا، ويشار إلى أنه تم القضاء فعليًّا على الكوليرا في البلدان الصناعية بواسطة الصرف الصحي الحديث ومعالجة المياه.
وكانت قد قالت لجنة الإنقاذ الدولية، ومقرها الولايات المتحدة، التي تعمل في المنطقة الشمالية إن إصابات الكوليرا المشتبه بها زادت إلى 2092 حالة في شمال شرق سوريا منذ الإعلان عن تفشي المرض هذا الشهر، وأضافت أن هناك مخاوف من نقص كبير في تسجيل الإصابات.
ويعد من مضاعفات الكوليرا انخفاض نسبة السكر في الدم بدرجة خطيرة،بسبب عدم تناوُل المرضى الطعام من شدة الإعياء، والأطفال هم الأكثر عرضة لخطر هذه المشكلة، وكذلك انخفاض مستويات البوتاسيوم إذ يفقد المرضى المصابون بالكوليرا كميات كبيرة من المعادن في البراز، بما فيها البوتاسيوم، و يُؤثِّر انخفاض مستويات البوتاسيوم على القلب ووظائف الأعصاب، وهو ما يُشكِّل خطرًا على الحياة.
كما تؤدي الكوليرا إلى الإصابة بالفشل الكلوي، إذ تفقد الكُلى قدرتها على الترشيح، مما يجعل معها تراكم كميات زائدة من السوائل، وبعض الكهارل، والفضلات في الجسم الأمر الذي قد يُشكِّل خطرًا على الحياة.
وكانت قد انتشرت الكوليرا بمصر في عام 1831 وتسبب بمقتل 150,000 شخص، وفي عام 1846، انتشرت الكوليرا في مكة المكرمة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 15,000 شخص، كما اندلع تفشي لمدة عامين في انجلترا وويلز في عام 1848 حيث أودى بحياة 52,000 شخص.