أرخ لسير شهداء الكنيسة.. قصة القديس يوليوس الأقفهصي
تحل اليوم ذكرى القديس يوليوس الأقفهصي، وقال ماجد كامل، عضو اللجنة الباباوية للتاريخ الكنسي، في دراسة له، إن القديس العظيم يوليوس الاقفهصي يلقب بكاتب سير الشهداء.
أما عن يوليوس الأقفهصي نفسه؛ فهو من بلدة أقفهص التابعة لمركز الفشن محافظة بني سويف؛ ولد من أسرة غنية، وعندما كبر قليلا سافر إلى الإسكندرية وسكن فيها؛ وكان ذلك خلال فترة الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور دقلديانوس ( 244- 305 م) ولقد أهتم القديس يوليوس بالعناية بأجساد الشهداء وإرسال رفاتهم إلى بلادهم الأصلية بكرامة شديدة.
كما قام بعمل آخر عظيم هو تسجيل سيرتهم المقدسة؛ فقام بتكليف 300 شاب بالسفر والتجوال حول البلاد لجمع وكتابة سيرتهم بعد تكفينهم. ولقد دعا له ذات مرة أحد أسر الشهداء ذات مرة قائلا له (لا بد لك من سفك دمك على اسم السيد المسيح لتحسب أنت أيضا في عداد الشهداء).
وذات ليلة ظهر له السيد المسيح في رؤيا وقال له وأمره أن يذهب إلي أركاديوس والي سمنود ويعترف أمامه بالسيد المسيح؛ ولكن الأرض انفتحت وابتلعت 70 وثن و140 كاهن من كهنة الأوثان؛ فلما رأى الوالي هلاك الكهنة أمامه آمن بالسيد المسيح؛ ومضى بصحبة القديس إلى أتريب فقام الوالي هناك بتعذيبهما عذابا شديدا فانطلق إلى هناك كأمر الرب؛ فقام الوالي بتعذيبه عذابا شديدا بكل أنواع العذابات المتاحة في وقته ؛ ولكن الرب كان يقويه؛ ولقد أرسل الرب ملاكه إلى معبد الأوثان فنزع رؤوسهم وسودها بالرماد؛ فآمن والي أتريب بالسيد المسيح؛ وذهب ثلاثتهم (القديس ووالي سمنود ووالي أتريب) الي الكسندروس وإلى طوة (مدينة تقع بالقرب من طنطا محافظة الغربية وحلت محلها محلة مرحوم) وهناك نالوا جميعا إكليل الشهادة؛ واستشهد معه نحو 1500 شخص؛ استشهدوا جميعا ونالوا إكليل الشهادة.
ولقد نقل المؤمنون جسد القديس إلى الإسكندرية؛ ولما انتهى الاضطهاد، وجاء الملك قسطنطين (272- 337 م تقريبا) فلما سمع بسيرة القديس؛ أعجب به كثيرا؛ وأرسل أموالا إلى مصر وأمر أن تبنى كنيسة باسمه في مدينة الإسكندرية، ونقل جسده الطاهر إليها؛ وقام البابا الكسندروس (313- 326 م تقريبا) بابا الكنيسة القبطية الارثوذكسية رقم 19؛ ببناء كنيسة ضخمة على أسمه؛ وتحتفل الكنيسة القبطية بتذكار تكريسها في 25 يابة الموافق 4 نوفمبر.
ولقد كتب عنه نيافة الحبر الجليل نيافة الأنبا متاؤس رئيس دير السريان العامر حاليا؛ وسجل سيرة حياته كما وردت في السنكسار، ويذكر عنه القمص تادرس يعقوب ملطي أن السيد المسيح له المجد ظهر له في حلم وقال له "افرح يا خادم القديسين ؛ فالاكاليل معدة لك. قم أمض إلى سمنود وأشهد لأسمي؛ فسيؤمن كثيرون بسببك. وبعد سنة نصف سيبطل قسطنطين عبادة الأوثان وتفتح الكنائس. هوذا رئيس الملائكة ميخائيل معينا لك ؛ حتي تتمم جهادك الحسن وتلبس ثلاثة أكاليل: واحد من أجل صداقاتك وصلواتك وأصوامك النقية ؛ والثاني من أجل خدمة القديسين ؛ والثالث من أجل أسمي".
ثم استدعي يوليوس ابنيه أوخاريطوس وتادرس وقال لهما: لقد رأيتما كيف أكتب سير القديسين ؛ وأكفن أجسادهم ؛ وإرسالها إلي بلادهم ؛ فأخذت بركة الكثيرين . والان احفظا نفسيكما في مخافة الرب يسوع.
أما عن كتاب سير الشهداء ؛ فلقد ذكر لي الدكتور يوحنا نسيم يوسف استاذ الدراسات المسيحية في إحدى جامعات السويد؛ أن السير مقسمة إلي مجموعات بها شيء مشترك ؛ فهناك مجموعة قديسين مصر الوسطي وهي الاقدم وتضمن ( القديس ابيما باللهجة البحيري والصعيدي – هيراكلوس يوبسامون وديديموس باللهجة البحيري ) ثم قديسن مجموعة مصر السفلي فرع دمياط وتتضمن ابانوب واري وغيرهم ؛ وهناك مجموعات من المتنوعات ؛ واخيرا توجد مجموعة لم يكتبها هو وهي سيرة استشهاد يوحنا وسمعان ابن عمه ؛ وهذه السير كتبت علي فترات متباعدة ) .
ويذكر أحدي المواقع الألكترونية أن القديس يوليوس الاقفهصي قد قام بتجميع سير الشهداء الآتي أسمائهم، حسب ما جاء في السنكسار القبطي:-
1-الشهيد أبانوب النهيسي ( سنكسار 24 أبيب ) .
2- الشهيد مكراوي أسقف نقيوس ( سنكسار 2 برمهات ) .
3-الشهيد بيمانون من بنكلاوي ( سنكسار 8 ابيب ) .
4-الشهيد بسادة القس البهنساوي ( سنكسار 24 طوبة ) .
5-الشهيد سرجيوس الاتريبي ( سنكسار 13 أمشير ) .
5-الشهيد يحنسس السنهوتي ( سنكسار 8 بشنش ) .
6-الشهيد أبامون الطوخي ( سنكسار 13 أبيب ) .
7-الشهيد أوري الشطانوفي ( سنكسار 9 يوليو ) .
ولقد جاء ذكر أسماء الشهداء وسيرهم في العديد من المخطوطات المحفوظة في الأديرة القبطية منها "مخطوط حياة واستشهاد وعجائب القديس يوليوس الأقفهصي (مخطوط رقم 622 ) ومحفوظ في دير السريان العامر بوادي النطرون؛ ومخطوط آخر بعنوان "سيرة وعجائب القديس يوليوس الأقفهصي بدير مارمينا العجايبي والمحفوظ تحت رقم ( 196 ).
وتبقي في النهاية تعريف سريع ببلدة "أقفهصت " التي ينتمي إليها القديس؛ فلقد كتب عنها ياقوت الحموي في كتابه "معجم البلدان" حيث قال عنها "الأقفاص :- كذا يتلفظ بها العوام وينسبون إليه الأقفاصي؛ وصوابه بلد بالصعيد من كورة البهنسا، كما كتب عنها ابن مماتي في كتابه "قوانين الدواووين" حيث قال عنها "اقفهنس حيث جاء ذكرها في ابن الجيعان؛ وابن دقماق.
وكتب عنها العالم الفرنسي الكبير اميلينو، حيث قال عنها تحت اسم اقفهص أو اقففهس وهذا الاسم مشهور جدا؛ لأن منه شخصية هامة هي "يوليوس الإقفهصي الشهيد. وكان قائدا مسيحيا وكان يدفن الشهداء وكان يأمر بكتابة سيرهم. وقد درست سيرته. ولم أجد أي تفاصيل عن مدينته.. ويقول عنها شامبليون لما ذكره بطليموس الجغرافي أن مدينة Cabass وقراها كانت توجد بين فرعي النيل؛ وفرع النيل الجنوبي في منطقة شطانوف بالمنوفية.
وفي الواقع كانت على مقربة من فرع رشيد، وفي وثائق الفاتيكان ثلاث مؤلفات تنسب ليوليوس الاقفهصي؛ وتشمل سيرة ابانوب النهيسي؛ وسيرة ديديموس وإببما. كما توجد في المكتبة الوطنية بباريس مخطوطات كثيرة عنه؛ وقد لخصها السنكسار القبطي. كما ورد عنها في مخطوطة عربية رقم 89 بالمكتبة الوطنية بباريس؛ وتقع في منطقة الفشن بمديرية المنيا (وحاليا مركز الواسطى محافظة بني سويف).
كما كتب عنها محمد رمزي حيث قال عنها تحت اسم " إقفهص" (هي من القرى القديم؛ وردت في قوانين ابن مماتي وفي تحفة الإرشاد؛ وفي التحفة إقفهس من أعمال البهنساوية؛ وفي مباهج الفكر وتسمى في غير الديوان إقفاص؛ وهذا هو اسمها الذي وردت به كذلك في الخطط التوفيقية؛ وعلى لسان العامة؛ وفي تاريخ سنة 1230 هجرية باسمها الحالي.