بنيت بوساطة أخت سلطان عثماني.. قصة كاتدرائية الأقباط القديمة برمسيس
قال المؤرخ الكنسي المعاصر ياسر يوسف غبريال، في تصريح له على خلفية احتفالات الكنيسة المرقسية الكبرى بتأسيسها، إن واقعة التأسيس هي قصة رائعة تستحق أن تروى.
وأضاف أنه في أواخر القرن الثامن عشر حضرت إلى مصر المحروسة إحدى السيدات المحترمات السلطانية العثمانية وربما تكون أخت السلطان، وقدمت للحج. وفى طريقها من القسطنطينية مرت بمصر، وكان القائم بحوائجها الأرخن إبراهيم الجوهرى كبير الكتبة المصريين ولما أبداها من إخلاص في خدمتها فقد عرضت عليه أن يطلب منها ما يريد لما له من اسم بدار السلطنة وشهرة فى خدمة الحكومة.
وكان الرجل فى غنى عن الدنيا فطلب منها أن ترفع الجزية عن الرهبان والقساوسة وأن تصدر رخصة سلطانية ببناء كنيسة بالأزبكية حيث يسكن، وقوبل الطلب بالإجابة وبدأ البناء بأرض كان يملكها المعلم يعقوب القبطى والمعلم ملطى ولكن الأرخن إبراهيم الجوهرى انتقل قبل أن يتم البناء وبعد أن أعد المؤن اللازمة للبناء فقام باستكمال البناء اخوه جرجس الجوهرى وتم افتتاحها للصلاة فى عام 1800، وسميت الكنيسة المرقسية، وانتقل للعيش فيها الأنبا مرقس الثامن، وأصبحت مقرا للبطريرك بعد أن كان يقيم في حارة الروم.
وأصبحت الكنيسة المرقسية بالدرب الواسع مقصد الأقباط، ومكان تنصيب البطاركة والأساقفة وأقيمت حولها مقرات الاديرة القبطية.
وتابع أنه في عهد البابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح، ومع بداية نهضة قبطية قام قداسته بإنشاء مدرسة الاقباط الكبرى بالدرب الواسع إلى جوار الكنيسة المرقسية بعد أن اشترى عددا كبيرا من البيوت القديمة إلى جوار الكنيسة، ولتعديل الأبواب قرر أن يهدم الكنيسة القديمة ويجددها وهو ما حدث فعلاً، وكان يوم وضع حجر الأساس لها يوما مشهودا حضرها الأراخنة والوجهاء وعامة الشعب وقناصل الدول ومندوبين عن الخديو .. وكان ذلك يوم 22 أبريل 1859، ولكن البابا كيرلس فقد تنيح سريعا بعد أن جلس على الكرسى سبع سنوات فقط وتولى خلفه الأنبا ديمتريوس إكمال البناء وكان يريد استيراد اعمدة رخام للكنيسة ولم يتوفر له مايريد وتم استكمال بعض الاعمدة من خشب الجوز وتم بناء الأنبل وبيت النساء بلغة ذلك العصر أي البلكون العلوى ولكن لم يتم البناء إلا فى عهد البابا كيرلس الخامس فى عام 1880.
وأكمل: وكان قداسته قد واحضر النقاشين والمصورين لاستكمال التصاوير ونقش الهيكل وكانت الصور مموهة بمياه الذهب ونقش آيات من الإنجيل على جدرانها ورصف ما حول الكنيسة بالرخام وهدم ايضا الدار البطريركية القديمة وأقام دارا جميلة وجعل فيها دورا للمسافرين والوافدين من الأساقفة والرهبان، وتم العمل على أكمل وجه.
وجدير بالذكر أن وقتها كان كاهن الكنيسة هم القمص فيلوثاؤس إبراهيم البغدادي والذي انتخبه الأراخنة للكنيسة، وكان كاهنا بطنطا ونقله البابا كيرلس إلى المرقسية من عام 1862 وهو للعمل من أوائل الخطباء فى الكنيسة ومن رواد النهضة التعليمية فى عصرنا الحديث.
وظلت الكنيسة المرقسية مقرا للقلاية البطريركية حتى نهاية عهد البابا كيرلس السادس الذى بدأت فى عهده بناء الكاتدرائية الجديدة فى الانبا رويس التى اقيمت فيها صلوات تتويج البابا شنودة الثالث وأصبحت المقر البابوى فيما بعد.