«الحصار الحديدى».. رواية خيال علمى تحذر من تدمير الأرض
انتهيت من قراءة رواية «الحصار الحديدى» لـ«أحمد صبرى»، فى طبعتها الأولى الصادرة عن دار العليا، بعدد صفحات ٣٢٥ صفحة، ذلك هو لقائى الأول مع كتابات أحمد صبرى للأسف.
رواية «الحصار الحديدى» تعتبر من روايات الخيال العلمى، وبالتحديد المتعلقة بقصص الفضاء. بمجرد قراءتى بضع صفحات من الرواية حتى خطفتنى إلى نفسى فى سن التاسعة، وأنا أمسك بين يدى عددًا من سلسلة ملف المستقبل لـ«نبيل فاروق»، رحمه الله، خصوصًا عندما قال السيد «سالم» ونقطة موت «عادل» أيقنت أنى فى عالم نبيل فاروق حقًا. والحقيقة أنى ابتعدت كثيرًا عن روايات الفضاء من بعد دخولى مرحلة الثانوية إلا أنه من الواضح أن «أحمد صبرى» يعيدنى إليها ثانية إن كانت بنفس الجودة تلك.
قليلة هى كتابات الفضاء فى وسط زخم الأعمال الروائية، وأقل من ذلك القليل هو من يجيد الكتابة على الأسس العلمية إلى جانب الموهبة الأدبية. تلك المهارة امتلكها «أحمد صبرى» وكان امتدادًا كما تمنى للدكتور نبيل فاروق، فكانت الرواية بروح نبيل فاروق وأسلوب وفكرة جديدة.
اتبع الكاتب فى الكتابة أسلوب السهل الممتنع، فهو يكتب بالفصحى المبسطة التى تناسب الأطفال والكبار على حد سواء. والجميل هو وضع الكاتب فى نهاية روايته تعريفات لكل المصطلحات العلمية أو زيادة معلومات عن بعض الأشياء التى ذكرها فى روايته، وعرضها أيضًا بأسلوب مبسط، وتلك الطريقة تكشف دائمًا عن مدى ثقافة الكاتب وحبه لنشر المعرفة وتثقيف القارئ كما كان يفعل «دكتور نبيل فاروق» و«دكتور أحمد خالد توفيق»، رحمهما الله.
نأتى لقصة الرواية، فهى تتحدث عن مصر فى المستقبل مع نظرة تفاؤلية بأنها ستكون مع الدول الرائدة فى مجال العلوم والتكنولوجيا، بل إنها المتحكمة فى مجال أبحاث الفضاء. ولديها وزير شاب ثلاثينى للشئون العلمية- اللهم اجعله خير- وحدث تطور تعليمى واهتمام بالأطفال والاهتمام بنشر الثقافة لكل طبقات الشعب، حتى المساجين تم تطبيق قانون القراءة لتخفيف سنين مدة الحكم، مع تأكيد الكاتب أن كل ذلك فى المستقبل القريب.
وتأتى حبكة الرواية فى وصول أطباق فضائية من كواكب أخرى لطلب المساعدة من أهل الأرض، لنكتشف أن الفضائيين- كما هو متفق عليه من كل كتّاب الفضاء- متقدمون جدًا علميًا وتكنولوجيًا ولكنهم فى هذه الرواية كائنات مسالمة غير دموية ولا تبحث عن الهجوم والاستعمار، إنما كان هدفها الاستعانة بأهل الأرض لإعادة التوازن البيولوجى فى كوكبهم لما حدث فيه من أضرار. وبحبك الكاتب، الرواية من حيث إظهار الصراع بين الدول وبعضها واتجاهاتهم نحو الفضائيين، منهم من رفض ومنهم من ساعد، يظهر الخطر الأكبر والمساعد الأقوى فى تدمير كوكب الأرض، وهم نحن أنفسنا، فالرواية تعطى دلالة أن تدمير الأرض لن ينتظر فضائيين أشرارًا إنما نحن الأشرار الحقيقيين، وتدميرها يأتى بيد البشر. الشخصيات الرئيسية مثل «عادل» و«صوفيا» رسم لهما الكاتب خلفية تاريخية لزيادة ارتباط القارئ بهما، وليجعل خط القصة، حبهما، لطيفًا على قلب القارئ وفى نفس الوقت ليس عميقًا حتى تناسب جو الرواية الخفيف. النهاية جاءت مختلفة وبها عنصر مفاجأة، وللأسف مفتوحة لأن لها جزءًا ثانيًا، متشوقة له من الآن.