سلاح الشائعات
دعك من الحكومات والدول وحروب الجيل الرابع وكل المصطلحات التى تحبها.. فكر فى نفسك.. أنت شخص ناجح لك أسرة وعمل مستقر وهدف تسعى لتحقيقه.. أنت شخص فى حالك تمامًا ولا تفعل شيئًا سوى العمل.. لك جار يسكن بجانبك أنت لا تشعر به من الأساس.. ولكنه يشعر بكل ما تفعل.. أنت لا تراه ولكنه يرقب تصرفاتك على مدار الثانية.. أنت ببساطة تؤلمه لأسباب لا تعلمها.. هو عدو لك حتى وأنت لا تراه.. إنه يرى أنك أخذت فرصته فى النجاح ولا يرى أنه فاشل.. يرى أنه كان يستحق حياة كحياتك.. ومنزلًا كمنزلك وأسرة مثل أسرتك.. وعملًا مثل عملك.. وأنك ظالم ومعتد لأنك أخذت هذه الأشياء منه.. رغم أنك لا تعرفه من الأساس.. هو فى الأساس أضعف منك.. لا يستطيع أن يواجهك.. لا يمكن أن يسلبك ما تملك بالقوة لأن الظروف لم تمكنه بعد من هذا، ولأنه لو حاول فستلزمه حدود الأدب بكل قوة وحسم.. إنه أيضًا لا يعلم عنك الكثير لأنك لا تسمح لمثله باختراق خصوصياتك.. ماذا يفعل «العدو» فى هذه الحالة.. إنه لا يملك سوى أن يستخدم ضدك سلاح الشائعات.. لأنه سلاح الجبناء ولأن تكلفته رخيصة ولأن آثاره للأسف مدمرة.. إذا رآك تخرج بمفردك مثلًا فسيطلق شائعة بين الجيران أنك انفصلت عن زوجتك..! فإذا شاهدكما معًا فى اليوم التالى أطلق شائعة أنكما عدتما لبعضكما البعض وفق صفقة مالية وشروط محددة هو يعرفها.. أنت أصلًا لم تنفصل عن زوجتك ولم تعد لها.. لكن الشائعات التى يطلقها ستقول غير هذا.. والهدف أن تصل لك الشائعة وتعطلك عن عملك وتضايقك.. وتفكر كيف ترد عليها؟ كيف تقاومها؟ كيف تنفى شيئًا لم يحدث من الأساس.. إنه فاشل.. حاقد.. ضعيف.. حقير.. لكنه ضايقك و«عكنن عليك» ولو لبعض الوقت.. لو تفوق ابنك سيقول إن اللجنة كان فيها غش جماعى.. لو اشتريت سيارة سيقول إنك مرتش.. ولو بعت سيارتك سيقول إن الله أنزل غضبه عليك! إن كل ما يقوله لا علاقة له بك من الأساس ولكنه يخرج من داخل نفسه المريضة الناقصة ويجد مساحة له من الانتشار بحسب عقل وقلب من يسمع الشائعة.. فبعض الناس للأسف ينقصهم الوعى أو التعليم الجيد أو يميلون لعدم تصديق النماذج الشريفة أو التى تؤمن بالعمل أو ظروفهم سيئة من الأساس.. لذلك يصبح هؤلاء جمهورًا مثاليًا للشائعات.. كل ما يمكن أن يحدث فى حياتك الشخصية يحدث حرفيًا فى عالم السياسة.. جارك الحاقد هو الجماعة الإرهابية الفاشلة.. التى تحقد على الدولة ورئيسها ومؤسساتها وما يقومون به من عمل دءوب.. نجاح هذه الأعمال يعنى تضاؤل فرص الجماعة فى العودة إلى المشاريع والمكاسب والنفوذ والهيمنة وحكم مصر من أسفل كما كان الحال منذ السبعينيات.. وهى ضعيفة لأن الناس لفظوها ولأن أدواتها الإرهابية تمت هزيمتها ولأن بعض مموليها فقدوا الثقة فى قدرتها على فعل أى شىء فانصرفوا عنها.. لذلك ليس لديها سوى «سلاح الضعفاء» وهو إطلاق الشائعات.. والتحالف مع بعض رموز الماضى الفاسد ضمن ثنائية «طيور الظلام».. لذلك أحيى بشدة الخدمة التى أطلقتها الشركة المتحدة للرد على الشائعات.. إن ميزتها أنها سريعة.. ومختصرة.. وترد على الشائعة بشكل جذاب.. هذه الخدمة تضاف لخدمة أخرى كان يقوم بها مجلس الوزراء.. ونريد أن تضاف لها وسيلة ثالثة.. ورابعة وعاشرة.. وكلها ترد على الشائعات بطرق علمية.. نريد من الحكومة أن تستبق الشائعات بالبيانات الواضحة الصريحة وبالرد من خلال شخصيات لها مصداقية.. لنفترض أن فنانًا معينًا له مصداقية عند الناس وانتشرت شائعة معينة.. مطلوب من هذا الفنان أن يسجل فيديو يقول فيه اتصلت بالوزير الفلانى وأخبرنى أن هذه الشائعة غير حقيقية فاطمئنوا.. أو يخرج المسئول نفسه.. أو الوزير المعنى فى التو واللحظة.. لا نريد أن ننتظر اليوم التالى أو حتى يتم حسم الأمر.. نريد أن نوقف سم الشائعات فى عروق المجتمع بعد دقائق من لدغة العقرب.. لا بعد ساعات.. نريد أن نفقد الحاقدين آخر سلاح لهم فلا تكون أمامهم إلا التوبة أو إعلان الهزيمة الكاملة بعد أن فقدوا آخر سلاح لهم.. لا نريد أن نخضع للابتزاز أيضًا أو نوقف خطط التطوير لأن التطوير بعد انتهائه هو علامة نجاح للدولة وفشل لأعدائها.. وبالتالى من المهم إحداث التوازن بين التصدى للشائعات من جهة، وبين عدم إبطاء خطط التطوير من ناحية أخرى.. على الإعلام فى المرحلة المقبلة مهمة كبيرة جدًا يجب أن يخوضها بنفسية المقاتلين لا الموظفين.. وبين الاثنين فارق كبير جدًا.