أبوجعفر المنصور أم محمد على؟.. حقيقة لوحة «أمير عربى» فى قصر الملك تشارلز
لكل شعب زاويته في رؤية الأحداث المختلفة حتى وإن كانت «الموت»، وفي جنازة الملكة التاريخية لبريطانيا إليزابيث، فرضت زاوية العرب نفسها على متابعتهم لرحلة «لؤلؤة التاج البريطاني» إلى مثواها الأخير.
الأمير تشارلز-قبل تتويجه ملكا- يظهر جالسا على أريكة رفقة زوجته كاميلا شاند، دوقة كونورال بغرفة حديقة قصر كلارنس، في تقرير عن ممتلكات العائلة الملكية ضمن التغطية الإعلامية المستمرة لوفاة الملكة إليزابيث في الثامن من سبتمبر الجاري، الأمر يبدو طبيعيا حتى تأخذ الكاميرا جولة في الغرفة وتظهر لوحة تغطي جدارا كاملا وعلى ما يبدو أنها لملك أو أمير عربي وحاشيته.
لوحات من عصر النهضة الإسلامية داخل قصر كلارنس
مصورو العائلة المالكة ورساموهم وفنانوها يعملون دائما على خلق نوع من التنوع بالقطع الملكية الفنية وحتى المجوهرات وغيرها، وهو أمر طبيعي مع الوضع في الاعتبار أن المملكة المتحدة لعقود طويلة كانت الإمبراطورية "التي لم تغب عنها الشمس" واحتلت بلدانا بالقارات السبع ورُفع علمها على عشرات البلاد.
بالعودة لصورة الأمير العربي في خلفية الملك تشارلز، أثارت جدلا عربيا واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمتابعين للجنازة الملكية، والحديث هنا كان بشأن الشخصية في الصورة، هل هي للخليفة العباسي «أبوجعفر المنصور»، أم لوالي مصر ومؤسس نهضتها «محمد علي باشا».
اللوحة الموجودة خلف تشارلز الثالث
عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي نسبوا الصورة للخليفة «أبوجعفر المنصور»، مسهبين في تعريف اللوحة وصاحبها، موضحين أن أمه كانت جارية بربرية من مدينة نفزة في تونس ولدته في حميمة بالشام، وهو مؤسس مدينة بغداد وأحد أعظم حكام الدولة العباسية.
المتابعون أرجعوا سبب وجود اللوحة في القصر وبرروا حب «تشارلز الثالث» لها لعظمة ما قام به «الخليفة العباسي»، إذ شهدت بلاد الإسلام في عهده نهوضا اقتصاديا وعلميا كبيرا فضلا عن توسع شاسع في مساحتها، وعليه فملك إنجلترا يحتفظ في قصره بصورة مؤسس عاصمة المسلمين وأقوى مدنها في التاريخ.
جولة داخل قصر كلارنس للبحث عن اللوحة
الرواية قد تكون وجدت زاوية مقبولة، خاصة أن التاج البريطاني قد استولى على عدد هائل من التحف والمقتنيات المعبرة على حضارة أي دولة قد احتلوها، وفي المشرق الإسلامي احتلوا مصر، اليمن، الصومال، فلسطين، السودان، العراق، الأردن والمغرب.
وتم تدوال عدد من المنشورات يرجح نسب الصورة ل (أبوجعفر المنصور) وتفاعل معها الكثيرون
هل الصورة حقيقة لـ«أبوجعفر المنصور»؟، فريق «الدستور» بحث عن الإجابة بخاصية التجوال الافتراضي التي تقدمها خدمة الفنون والثقافة من محرك "Google"، تجول في قصر «كلارنس» وصولا إلى اللوحة المنشودة في غرفة المعيشة.
يمكن للقراء التجول ورؤية اللوحة والسير داخل أركان القصر الملكي عبر هذا الرابط:
بعد التأكد من وجود الصورة، جاءت مهمة البحث عن صاحب الشخصية والهيبة العربية الواضحة فيها، وهنا تأكد فريقنا أنها ليست للخليفة العباسي «المنصور» كما جرى الادعاء، المفاجأة أنها أيضا ليست مسروقة من أملاك العرب، وهي مهداة من الرسام الفرنسي للأمير (ويليام هنري) أثناء بناء قصر كلارنس هاوس في لندن بين عامي 1825-1827.
بالبحث في أصل الصورة، اتضح أنها لوالي مصر «محمد علي باشا» أثناء مذبحة المماليك عام 1811م، وهي من عمل الرسام الفرنسي (هوراس فيرنيه)، وتعتبر اللوحة ضمن مجموعة المنسوجات الملكية البريطانية القديمة.