استعدادت روسيا والصين: كيف سيؤثر الاتفاق النووى الإيرانى على سوق النفط؟
لاتزال حتى الآن مفاوضات الاتفاق النووي الجديد بين إيران والغرب متعثرة، ومؤخراً شككت باريس ولندن وبرلين في نوايا إيران بشأن إحياء الاتفاق، في تصريحات رفضتها طهران ووصفتها موسكو بأنها "جاءت في وقت غير مناسب تماما".
رغم التعثر هناك من ينظر إلى اليوم التالي للاتفاق ويضع الاستراتيجيات اللازمة لما بعد التوقيع، في "ملف النفط" على وجه التحديد. خاصة وأن ما يبدو عثرة أمام المحادثات "لا يمثل عقبة خطيرة"، مع احتمالية أن التوقيع على الاتفاق سيكون قريباً.
كيف ستستفيد إيران؟
إذا نجحت إيران والدول الأوروبية في التوقيع على الاتفاق، فإن هزة كبيرة ستضرب سوق النفط، ودولاً كثيرة – المنتجة للنفط - عليها أن تستعد لهذا.
بالنسبة لإيران، فمن المتوقع أن يرفع الاتفاق النووي معظم العقوبات التي فُرضت عليها في عهد ترامب، عندما قرر بالانسحاب منه سنة 2018، وهذا الرفع سيفتح أمام إيران سوق النفط العالمي، وسيمكّنها من القيام بتجارة دولية وتسلُّم نحو 100 مليار دولار مجمدة في حسابات بنكية في الخارج.
والوضع الجديد، سيمكن إيران من عودتها للمنافسة، وجذب زبائنها القدامى (الهند وكوريا الجنوبية) وقد يكون بإمكانها منافسة روسيا والسعودية أيضاً.
توقيع الاتفاق سيمكن إيران من مدّ السوق بأكثر من 50 مليون برميل في المرحلة الأولى من الاحتياطي الموجود، إذ يقدَّر الاحتياطي بـ 60 – 80 مليون برميل (وربما أكثر)، وهو مخزَّن على سفن، وفي مواقع مختلفة في آسيا. في المرحلة التالية، من المتوقع أن تسوّق إيران نحو 2.5 مليون برميل يومياً، وأن تزيد الإنتاج إلى أكثر من 3.5 مليون برميل يومياً، بعد ترميم بنياتها التحتية.
كيف ستتأثر السعودية؟
الإنتاج الإيراني المرتقب سيؤثر إلى أسعار النفط الدولية، وقد يكون بإمكانها طرح أسعار جديدة قد لاتتناسب مع السعودية، وإذا كانت ميزانية السعودية تعتمد على سعر 80 دولاراً للبرميل، فإن تخفيضاً كبيراً يمكن أن يمس بالسعودية .ولهذا أعلنت السعودية أنها تميل إلى إقناع منظمة "أوبك" بضرورة التوصية بتقليص حصص بيع النفط، ويبدو أن هذا التحذير السعودي استهدف الضغط على الرئيس الأمريكي جو بايدن كي لا يوقّع الاتفاق النووي.
استعدادات روسيا والصين
روسيا أيضاً دخلت على خط الأزمة، وكانت من ضمن الدول التي تستعد لهذا، ففي يوليو الماضي، عقدت قمة ثلاثية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في طهران، كان ضمن نتائجها توقيع مذكرة تفاهُم وُقِّعت بين روسيا وإيران بشأن التعاون بينهما لتطوير حقول الغاز في إيران باستثمار روسي يبلغ نحو 10 مليارات دولار، بالإضافة إلى استثمارات روسية في حقول النفط بنحو 30 مليار دولار.
هناك من وصف الاتفاق أنه تشكيل منظمة إقليمية تشبه "أوبك" لتسويق الغاز، تكون دول أُخرى من المنطقة أعضاء فيها، إلى جانب روسيا وإيران، ومن غير المؤكد قدرة روسيا على إدارة هذا المشروع حتى الآن بسبب تورطها في الحرب الأوكرانية التي تكلفها أموالاً طائلة، ولكن من ناحية أخرى، فإن التعاون الروسي مع إيران سيمكنها من تجاوز العقوبات المفروضة عليها.
الصين أيضاً، كانت قد وقعت قبل عام ونصف اتفاق طويل مع إيران، وتعهدت فيه الصين باستثمار نحو 400 مليار دولار على مدى 25 عاماً، في مقابل احتكار شبه كامل لإنتاج الغاز والنفط في إيران.
وليس واضحاً كيف ستدير إيران اتفاقها مع الصين وروسيا في آن واحد، ومع رغبتها في بيع الغاز لأوروبا، وكذلك إنشاء منظمة تشبه "أوبك"، هذا في الوقت الذي تعتبر فيه إيران ليس دولة غاز عظمى، وخصوصاً بسبب عدم وجود البنية التحتية لديها، فهي تستهلك الكمية التي تستخرجها تقريباً، وفي كل شتاء، تكون في حالة عجز يبلغ 250 مليون متر مكعب يومياً.