«حاوي الجزيرة».. آخر نجوم «الجيل الذهبي» لا يريد وداعاً هيناً (سيناريو صحفي)
(1)
«دماغي كانت رايحة في سكة تانية خالص.. اتصدمت لما قالولي إن مش هروح الأهلي آخر الموسم وهلعب في إنبي»، لاعب النادي الأهلي وليد سليمان في مقابلته التلفزيونية مع إبراهيم فايق، في مايو 2020.
الزمان: 31 مايو 2010
يجلس وليد داخل غرفته، لا يفكر سوى في شئ واحد فقط، أين الوعود التي انهالت عليه من قبل مسؤولي نادي بتروجيت حول انتقاله إلى «القلعة الحمراء» في نهاية الموسم؟.. هل ضاع حلمه الذي رافقه منذ الصغر؟.. لماذا يجبره سامح فهمى (وزير البترول حينها) على الانتقال إلى صفوف إنبي أو استكمال مشواره في بتروجيت.
«الحاوي» يقرر إنهاء حياته قبل أن تبدأ، يمتنع عن الطعام والشراب لمدة 7 أيام متتالية، حتى يسقط مغشيًا عليه بسبب صدمة عصبية، يدخل على إثرها المستشفى يوم 7 يوينو 2010، ليستفيق مرة أخرى، وينضم إلى نادي إنبي، آملًا أن يرتدي قميص «المارد الأحمر» في المستقبل.
(2)
مشهد 1
«نهار- خارجي»
استاد القاهرة - مباراة الأهلي وإنبي ببطولة الدوري
الزمان: 21 يونيو 2011
«وليد مننا.. أهلاوي زينا».. جماهير النادي الأهلي تنتفض في المدرجات، دعمًا للاعب المصري وليد سليمان، يرسلون إليه التحية على إصراره الدائم لمدة 3 سنوات متتالية على الانضمام لفريقهم، ويقولون له: «نحن في انتظارك.. ستأتي يومًا ما».
وقبل بداية المباراة ضمن الجولة الـ 25 من بطولة الدوري الممتاز، وتحديدًا في وقت إحماءات الفريقين، يذهب «الحاوي» إلى مدرجات النادي الأهلي والدموع تنهال من عينيه، ليرد إليهم التحية، مؤكدًا أنه لن يتنازل عن حلمه وسيقاتل حتى اللحظة الأخيرة.
مجدي عبد العاطي (قائد إنبي وقتها) يذهب إلى «وليد» ليعنفه: «لا يصح أن تذهب إلى جماهير الخصم».
(قطع)
(3)
مشهد 2
"نهار- داخلي"
النادي الأهلي
الزمان: 2 أغسطس 2011
داخل إحدى غرف مسؤولي النادي الأهلي المصري، يجلس «وليد» على الطاولة بجانب عدلي القيعي (مسؤول التعاقدات بالنادي)، ليحقق حلمه أخيرًا، ويوقع على عقد انتقاله إلى الفريق، لتكون صفقته مختلفة من نوعها عبر التاريخ، ويُطلق عليها لقب (الصفقة الأكثر شراسة بين قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك).
«الآن ستبدأ حكايتي.. من هنا سأحصد الألقاب برفقة الجيل الذهبي».. ينهي «وليد» لاعب النادي الأهلي الجديد إجراءات انضمامه، بتوقيعه علي عقد انتقاله لمدة 4 سنوات، ويرفض بشدة كتابة المبلغ المالي الذي يريد أن يتقاضاه، تاركًا الأمر بأكلمه لمسؤولي النادي.
يتجول «الحاوي» داخل النادي الأهلي، ويقول بصوتٍ شامخٍ: «أريد أن أكون خليفة أبو تريكة، أحقق صولات وجولات فى الكرة المصرية، سأسير على نفس خطاه»، ليتقابل مع مانويل جوزيه إذ فجاة، ويسأله الأخير: «هل أنت سعيد الآن لوجودك فى الأهلى؟»، ويرد عليه «وليد»: «بالتأكيد سعيد وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك وحسن ظن الجماهير الحمراء».
(قطع)
(4)
مشهد 3
«ليل- خارجي»
استاد القاهرة - مباراة الأهلي وكيما أسوان بكأس مصر
الزمان: 6 سبتمبر 2011
الدقيقة 8 والمباراة ساخنة بين فريقي الأهلي وكيما أسوان، ضمن الجولة 32 من بطولة كأس مصر، الفريقان يريدان الصعود إلى الدور الـ 16، جماهير «المارد الأحمر» تشجع لاعبيها بأصوات متناغمة، وإذ فجأة ينطلق «الحاوي» نحو مرمى الخصم في أول مباراة رسمية له مع الفريق، ليسجل أول أهدافه مع النادي الأهلي.
«الجميع يعلم الآن أنني هنا لكتابة التاريخ.. طموحي الفوز مع الأهلي بدورى أبطال أفريقيا الموسم القادم، حتى أشارك فى كأس العالم للأندية»، تلك الكلمات ظلت تتردد بلسان «الحاوي» فور مشاركته مع النادي الأهلي.
(قطع)
(5)
مشهد 4
«ليل- خارجي»
استاد رادس - مباراة الأهلي والترجي (نهائي أفريقيا)
الزمان: 17 نوفمبر 2012
صوت حسام البدري متداخلًا مع لاعبي الفريق داخل استاد رادس، بعد انطلاق مباراة نهائي دوري أبطال أفريقيا، ملقيًا عليهم كلمات التحفيز والتحذير: «واصلوا الهجوم ولا تعودوا إلي الخلف».
الجماهير التونسية تهز الاستاد بالهتافات، تحاول أن تخرج لاعبي الأهلي عن سيطرتهم، وإذ فجأة يسجل اللاعب المصري محمد ناجي جدو الهدف الافتتاحي في الدقيقة 43.
وفي الدقيقة 62، تلقى الفريق التونسي ضربة قاضية بأقدام «الحاوي»، ليؤكد فوز النادي الأهلي باللقب، بعد عرض ساحر وخاص قام به منفردًا أمام مرمى الخصم.
الحلم النابض لللاعب المصري بالمشاركة في بطولة العالم للأندية، أصبح الآن «لا يمكن إيقافه».
(6)
نقطة الصفر
عام 2016 كان صادمًا لنجم النادي الأهلي، وبالأخص تحت قيادة الهولندي مارتن يول المدير الفني الأسبق للفريق، والذي تعمد لفترة كبيرة رحيل «الحاوي» عن صفوف المارد الأحمر.
«حين قاد مارتن يول الأهلي، كنت مصابًا وعندما تعافيت لم يشركني في المباريات، قال لي أنني سأكون اللاعب رقم 3 في مركزي وإذا لم يعجبني الأمر فعليّ الرحيل، لكنني أخبرته أنني لاعب كبير ولا يجب أن يعاملني بهذه الطريقة»، «وليد» يعبر عن فترة الأزمة في تصريحات تلفزيونية سابقة.
وبعد مرور 3 سنوات، اعترف المدرب الهولندي بغلطته، موجهًا الاعتذار لآخر نجوم الجيل الذهبي في «القلعة الحمراء»: « أنت لاعب كبير وموهوب وذو قدرات رائعة بإخلاصك وشخصيتك، وأعتقد أنك أحد أفضل اللاعبين الذين دربتهم طوال حياتي»، مارتن يول في تصريحات عبر قناة «الأهلي».
(قطع)
(7)
مشهد (5)
«نهار- داخلي»
الزمان: 13 فبراير 2022
يستيقظ اللاعب وليد سليمان من نومه في الصباح الباكر، متذكرًا تفاصيل ما حدث في اليوم الماضي، حين حصد الفريق الأحمر المركز الثالث ببطولة العالم للأندية للمرة الثانية على التوالي، بعد هزيمة فريق الهلال السعودي بنتيجة 4 مقابل لا شئ.
اللحظة التي ذهب فيها إلى الجمهور ليلقي فيها التحية الأخيرة (كما اعتقد حينها)، ثم أعلنها صراحة: «الحمد لله الذي أعطاني أكثر مما تمنيت، هي اللحظة الأصعب لي في حياتي كلاعب كرة قدم في أعظم نادٍ في الكون النادي الأهلي بأن أختار التوقيت الذي أتوقف فيه عن ممارسة معشوقتي كرة القدم وأتوقف عن الدفاع كلاعب عن ألوان نادينا العظيم بطل القرن الإفريقي».
المكالمات الهاتفية انهالت عليه في ذات اللحظة، جميع زملاءه القدامى ينصحونه باستكمال المشوار مع «المارد الأحمر»، مانويل جوزيه يخبره أنه مازال قادرًا على العطاء، الجماهير لا تريد أن ترى لحظة الوداع، وبالرغم من قدوم عروض عدة للاعب إلا أنه فّضل الاعتزال داخل «القلعة الحمراء».
يعود بالذاكرة للوراء قليلًا، ويتذكر حديث بيتسو موسيماني عنه في أحد المؤتمرات الصحفية: «لماذا لم يسألني أحدكم عن وليد سليمان؟ اسألوني عن وليد سليمان الآن، إنه لاعب كلاسيكي مؤثر جداً يشارك في دقائق قليلة ويسجل الأهداف ويصنع الفارق، يجلس على مقاعد البدلاء ولا يفتعل أي أزمات وعندما يشارك يقدم مستوى مميز ويسجل الأهداف، كنت أتمنى التواجد في مصر قبل عدة سنوات لتدريب وليد سليمان وهو صغير في السن».
(8)
إلى حين إشعار آخر
يبدو أن قطار اعتزال «الحاوي» لا يريد الوصول، مازال مؤجلًا لحين إشعار آخر، فبالرغم من إعلانه رسميًا الاعتزال في يوم 29 أغسطس الماضي، إلا أنه طلب من مسؤولي النادي الأهلي تأجيل تكريمة لحين تحسن ظروف الفريق.
يبعث رسالة مفعمة بالأصل لجمهور النادي الأهلي، كونه يعلم شعورهم جيدًا في الآونة الأخيرة بعد الإخفاقات المتتالية للفريق، وخسارة البطولات، فهو ينتظر اللحظة المناسبة التي يغادر فيه أسوار «القلعة الحمراء»، ليكتب نهاية مثيرة لا تختلف إطلاقًا عن بدايته مع الفريق.