مترجم الطيب صالح: ترجمت روايته بالتزامن مع كتابتها.. وهذا سر وضعها فى قبو المكتبات
يعكف المترجم عمر إبراهيم على ترجمة كتاب "ذكرياتي مع الترجمة.. حياة بين سطور الأدب العربي" للمؤلف والمترجم دينس جونسون ديفيز، حسبما ذكر على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وفي الكتاب يتطرق ديفيز للطيب صالح، ويذكر مواقفه معه وترجماته له، يقول: “تعرّفتُ على "الطيّب صالح" عندما كنتُ مُقيمًا في لندن، في الفترة ما بين عاميّ ١٩٥٤ و١٩٦٩. وعلى الرغم من أنّ كلانا كان يعمل في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانيّة "بي بي سي"، إلّا أنّنا لم نتقابل قبل ذلك. وعلى ما أتذكّر، كانت أوّل قصّة قرأتها له هي "دومة ود حامد"، وعلى الفور قرأتُ روايته القصيرة "عُرس الزين" وقرّرتُ ترجمتها، وهي تحكي عن الحياة في الريف السوداني، وأرى أنّها كُتِبَت ببراعة شديدة.
ويضيف: كما أنّ روائيًّا بحجم "كينجسلي أميس" قد تحمّس لكتابة انطباعه عنها، ثم حوّلها مُخرج كويتي فيما بعد إلى فيلم، مثَّل فيه "إبراهيم الصلحي" ببراعة نادرة دور الدرويش الذي تلتف حوله القرية، و"الصلحي" هو نفسه الفنّان الذي رسم غلاف كتاب "قصص قصيرة من الأدب العربي الحديث" الذي أصدره قسم النشر بجامعة أكسفورد.
ويكمل: ثم أتى يوم أخبرني فيه "الطيّب صالح" أنّه بدأ كتابة رواية جديدة أكثر طموحًا. كان يكتبها بخط يده، وكنتُ أستقبل في مكتبي، كل بضعة أيّام، حزمة أوراق تضُم فصلاً جديدًا، إلى أن فرغ من كتابتها، وأسماها "موسم الهجرة إلى الشمال"، وانتهيتُ من ترجمتها في الوقت ذاته. انتابني حينذاك شعور بالثقة في أنّ تلك الرواية ستلقى استحسان أحد ناشري لندن، بدلاً من أن تُنشَر في سلسلة مُخصّصة للكتابات العربيّة الحديثة. ثم ظهرت الترجمة الإنجليزيّة عام ١٩٦٩، وأثنى عليها العديد من نقّاد لندن، و"چِل نيڤيل" بالتحديد، الذي كان يكتب مُراجعات للكتب بصحيفة "صنداي تايمز"، اختارها لتكون "رواية العام".
وتابع: "أتذكّر أنّني كنتُ وقتها في لندن، وذهبتُ إلى مكتبة "هاتشارد" في شارع "پيكاديلّي" لأسأل عن الرواية، مُتوقّعًا أن أجد نسخًا منها تُزيّن الواجهة. ولكن، للأسف الشديد، لم يكن كافيًا أن يكتب عنها "نيڤيل" في الصنداي تايمز لكي تشتهر ويُنظَر لها باعتبارها أكثر من مُجرّد رواية مُميّزة خرجت من أفريقيا. وحينما سألتُ البائع عن اسم الرواية، لم أتلقَّ منه سوى تحديق طويل، فذكرتُ له اسم المؤلّف، فلَم أجد منه أي إجابة. أخبرته حينها أنّه كاتب عربي، فقال: "أجل يا سيّدي، ستجدها في القبو بالأسفل".