تغيرات المناخ تهدد صناعة الملابس.. والحل فى «الأزياء المستدامة»
على مر العصور، شهدت صناعة الأزياء مراحل عدة من التطور حتى أصبحت مؤشرًا على الثقافة والمهنة وانعكاسًا للمكانة الاجتماعية، ووسيلة للتعبير عن الذات أيضًا.
وفي ظل الوتيرة المتسارعة لظهور الموضة، أصبحت صناعة الأزياء واحدة من أكثر الصناعات تلويثًا في العالم، إذ إنها أكبر مستهلك لإمدادات المياه في العالم، كما أن عملية إنتاج الأزياء مسئولة عن 10% من انبعاثات الكربون، وفقًا لموقع «Jumpstart Mag».
ووفقًا لتقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا في عام 2018، يذهب 85% من المنسوجات إلى مكبات النفايات سنويًا.
وفي الآونة الأخيرة، برزت أهمية الوعي حول تغير المناخ والتدهور البيئي، مما يُظهر للعالم أنه لا يمكن التضحية بالاستدامة من أجل الموضة، وإنما يتعين استخدام الأقمشة الصديقة للبيئة، فضلًا عن اتباع آليات جديدة في مجال صناعة الأزياء دون إهدار مزيد من موارد البيئة.
بدائل الألياف الصناعية
الألياف الصناعية هي مادة شائعة الاستخدام في صناعة الملابس حاليًا، فهي أرخص وأسهل في التنظيف والتخزين، كما يمكن أن تستمر لفترة طويلة، إلا أن هذه الألياف مثل (الحرير الصناعي - النايلون - الجلد الصناعي - البوليستر)، تعتمد على البلاستيك، مما يعني أنها غير قابلة للتحلل البيولوجي ويمكن أن تبقى في الأرض لمئات السنوات، فعلى سبيل المثال، الفراء الصناعي على الرغم من أناقته، إلا أنه أحد الملوثات الرئيسية بين أنواع الأقمشة، ومع كل غسلة، تتسرب جزئيات دقيقة من البلاستيك إلى المصارف الصحية مما يؤدي إلى تلوث المياه.
في ضوء ذلك، يعمل المصممون في جميع أنحاء العالم جنبًا إلى جنب مع الحرفيين لإنتاج أقمشة عالية الجودة باستخدام التقنيات التقليدية، على سبيل المثال، يركز المصممون الهنود على إعادة النول اليدوي من خلال دمج الأقمشة المصنوعة يدويًا، وهي تقنية أكثر صداقة للبيئة؛ لأن هذه الأقمشة التقليدية يتم إنشاؤها باستخدام مواد طبيعية وقابلة للتحلل الحيوي مع استخدام قليل للآلات الصناعية الحديثة.
وفي الآونة الأخيرة، كانت هناك محاولات لإنشاء أقمشة صناعية مستدامة من موارد أخرى، مثل جلد التفاح البيئي، وجلد السمك، وجلد الأناناس، وجلد الفطر وما إلى ذلك، ويعمل الخبراء على تحسين تلك التقنيات، وقد يصبح الوصول إليها أكثر سهولة في المستقبل القريب.
عودة الموضة القديمة
التحول الأخير نحو الاستدامة، سلَّط الضوء على الموضات القديمة، حيث أدى الوعي المتزايد إلى قبول الملابس المستعملة وزيادة ثقافة "التوفير"، ويحظى هذا الاتجاه بشعبية خاصة بين مصممي الأزياء الذين يصنعون قطعًا جديدة لملابسهم من خلال إعادة تدويرها.
كما يمنح شراء القطع القديمة، فرصة جديدة لاستخدامها بدلًا من إلقائها في القمامة، وهو أرخص بكثير من شراء قطع جديدة، مما يقلل الطلب على الملابس، ومن ثمَّ، خفض الضغط على الموارد المستخدمة في إنتاجها.
الموضة السريعة
مع سرعة ظهور الصيحات الجديدة للأزياء، باتت الملابس سلعة يمكن التخلص منها سريعًا، لا سيما وأنها زهيدة الثمن بسبب استخدام أقمشة رديئة الجودة، وهذا التدهور في جودة الملابس يعكس معدلات عالية من الاستهلاك، ما يدفع الناس لشراء ملابس رخيصة ومنخفضة الجودة لتحل محل تلك الموجودة في خزائنهم.
ومن ضمن الجوانب الرئيسية للاستدامة، ليس فقط شراء العناصر المصنوعة بشكل مستدام، ولكن أيضًا الحفاظ على العناصر التي نمتلكها بالفعل، وفي مجال صناعة الأزياء، يسهم مُلصق تعليمات غسل الملابس على فهم كيفية تنظيفها وتخزينها، ومن ثمَّ، إطالة عمرها الافتراضي.
وفي نهاية الأمر، لا يمكن غض الطرف عن تأثير صناعة الأزياء على موارد البيئة، لا سيما في ظل الكوارث الطبيعية المُفجعة التي تحدث في جميع أنحاء العالم خلال النصف الأول من العام.
وعلى الرغم من أن التسوق المستدام للملابس لن يحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، فإن الانتباه إلى تأثير استهلاك الأزياء على البيئة، يُعد نقطة بدء جيدة يمكن الانطلاق منها نحو بيئة أكثر استدامة.