مثقفون لـ «الدستور»: المتلقي أصبح شريكا قويا في تحديد رواج العمل الإبداعي
يعرف مفهوم النقد الأدبي اصطلاحيا بأنه: “الفن المتعلق بدراسة الأنماط الأدبية، ويعتمد ذلك على الشرح والتحليل والتفسير، والحكم عليه بأسلوب حيادي”.
كما يعرف النقد الأدبي أيضا بأنه: “كشف النقاب عن المواطن الجمالية أو القبيحة في الأعمال الأدبية، ومقارنتها بغيرها من الأعمال، وقياسها وبيان القيمة”.
وخلال ستينيات القرن العشرين، شهدت الحياة الثقافية في مصر العديد من النقاد البارزين، والذين عدت أعمالهم النقدية، إبداع موازيا للنصوص الأدبية.
حول غياب دور النقد وهل تعاني الحياة الثقافية المعاصرة من أزمة في النقد؟ مقارنة بالمنتج الأدبي المطروح. حول هذه القضية كان لـ "الدستور" هذا التحقيق.
بداية يقول الناقد دكتور وائل فاروق، أستاذ الأدب العربي بالجامعة الكاثوليكية بميلانو: دور النقد إنتاج معرفة جمالية تقوم بالكشف عن الوعي الجمالي الذي جسده المبدعون في نصوصهم في لحظة تاريخية معينة ودوره الاستثنائي في بناء عالم الإنسانية وكشف آفاقه المستقبلية، وهذا النوع من البحث والدراسة يستغرق بالضرورة وقتا طويلا يجعله عاجز دائما عن ملاحقة السوق.
ــ هناك خلط بين دور النقد والصحافة
وأوضح “فاروق”: أعتقد أننا نخلط بين دور النقد ودور الصحافة الثقافية، دور النقد إنتاج معرفة جمالية تقوم بالكشف عن الوعي الجمالي الذي جسده المبدعون في نصوصهم في لحظة تاريخية معينة ودوره الاستثنائي في بناء عالم الإنسانية وكشف آفاقه المستقبلية، وهذا النوع من البحث والدراسة يستغرق بالضرورة وقتا طويلا يجعله عاجزا دائما عن ملاحقة سوق النشر، النقد بالضرورة نخبوي لأنه كعلم لا يملك إلا أن يستخدم لغته الاصطلاحية، وهذا ليس عيبًا ما لم يكن مغلقا ومعقدا على جمهوره الأوسع من غير دارسيه من الأدباء والصحفيين الثقافيين، ولأضرب مثالا بكتابات آينشتين هل يمكن اتهامه بأنه كان نخبويا منعدم التأثير لأن كتبه لا يفهمها إلا زملاؤه من الفيزيائيين؟، بالطبع لا٬ ما أريد أن أقوله إنه ليس على النقد النزول للجماهير وليس على الجماهير تعلم لغة النقد، على النقد فقط أن يقوم بدوره وهو إنتاج معرفة جمالية وإصدار أحكام قيمة وفق نظريته التي يجب أن تكون مرنة وقابلة للتغير أمام كل تجربة إبداعية جديدة.
ومن جانبه قال الروائي حمدي أبو جليل: بالطبع هناك نقاد فرادى، لكن لا توجد حركة نقدية توازي حركة الكتابة أو تعبّر عنها، ولكنه أمر لا يعيق الكتابة سلباً أو إيجاباً.
وبدورها قالت الكاتبة جمال حسان: فى فترات سابقة كان نجاح أي عمل أدبي مرتبط بالحركة النقدية والنقاد الكبار المشهود لهم بالتميز وقدرة الحياد. الآن أصبح المتلقى شريكا قويا فى تحديد رواج العمل مع انتشار القراءة الرقمية ومجموعات القراءة وذلك لا يغني عن الاحتياج لنقد مواز لكل هذا الكم المطروح ويقوم على معايير فنية تحدد مستواه.
ــ الناقد في الأساس يلفت نظر القراء والكتاب
ومن ناحيته قال الروائي محمد إسماعيل: يتجلى دور الناقد في تحليل الكتابة النخبوية، وهي في رأيي قليلة مقارنة بالأعمال الشعبوية التي تستهدف الانتشار على حساب القيمة الأدبية. ومن هذه الزاوية أرى أننا لدينا من عباقرة النقد من يقومون بدورهم على خير وجه. الناقد في الأساس يلفت نظر القراء والكتاب لتحليلات أدبية في النصوص وهذا بدوره يؤثر على انتشار الأعمال كما يقوّم المسار الأدبي للكاتب المهتم بجماليات فن الرواية. ولا ننسي دور النقاد الجادين في إعلاء فرص الأعمال الهامة في التقدم للجوائز الأدبية بل والحصول عليها أيضًا.
بينما لا تري الروائية مريم هرموش أن هناك أزمة في النقد، مشيرة إلى أنه: هناك نقاد كثر على الساحة وأسماء لها وزنها وثقلها الثقافي، وللنقاد دور كبير ومهم في توجيه دفة الكاتب الإبداعية وتصحيحها إذا ما انجرفت عن المسار الصحيح ولكن دون التأثير عليها أو تلوينها بريشة الناقد حتى لا يطغى لون واحد على وجه الإبداع، فيجب أن نتيح فرصة الخروج على المألوف وعن دائرة المعطيات الثابتة طالما توافرت البنية الأساسية حتى يتسنى لطاقات الإبداع أن تتفجر بحرية.
ــ مصر لديها حركة نقدية راسخة
ومن جانبه ينفي الكاتب الشاب ولاء كمال وجود أزمة في النقد، مشددا على أن: مصر دائماً وأبداً لديها حركة نقدية رائدة وراسخة. سواء من جيل الرواد أو المحدثين العظماء. بالطبع كل مجال به الغث والسمين، وهناك أصحاب المصلحة أو غير الدارسين أو المنافقين، وهذا موجود في كل مكان. مشكلتنا أننا كمبدعين نتحسس من النقد إن لم يكن في صالحنا، ونتهم صاحبه بالغبن فور أن نقرأه، ولكن الحقيقة أنا أعتبر نفسي محظوظاً أن نقاداً رائعين وقفوا بجانب كتاباتي دون سابق معرفة مثل د. عزوز علي إسماعيل والدكتور شريف الجيار والأستاذ الكبير محمود عبد الشكور، والأخ الأكبر سيد محمود. هؤلاء وكتابتهم عني تجعلني أؤمن للأبد بوجود الناقد الموضوعي البناء.