الدكتور فضل
لا يمكن الحديث عن أيمن الظواهري دون الحديث عن الدكتور فضل، زميل أيمن الظواهري في الإرهاب وتأسيس القاعدة.
الدكتور السيد إمام هو منظّر تنظيم الجهاد ومؤسسه، فهو الذي ألّف كتاب «العمدة في إعداد العدة» الشهير، وذلك في عام 1988م، والذي يمثل مرجعاً أساسياً لأبناء التيار السلفي الجهادي وأنصاره، وهو بمثابة كتاب الفريضة الغائبة لتنظيم الجماعة الإسلامية لمؤلفه محمد عبدالسلام فرج، المتهم بقتل السادات، وكذلك كتاب «الجامع في طلب العلم الشريف» في 1993م.
وكان يتم تدريس الكتابين في حلقات شبكة القاعدة، ويعدان من أبرز أدبياتها، وإن كان السيد فضل قد اتهم القاعدة بتحريف كتاب الجامع واختصاره بما لا يفي تماماً بمراد المؤلف. لكنه انقطع حركياً لسنوات طويلة عن الجماعة، إلا أنّه لا يزال بالنسبة إلى أنصار التيار أحد أبرز المنظّرين والرموز.
السيد فضل هو الاسم الحركي لسيد إمام الشريف، المنظّر الفقهي والفكري لتنظيم القاعدة الإرهابي، كما أن اسمه واسمه الجهادي عبدالقادر بن عبدالعزيز، وهو شخصية غير شهيرة ربما لأنه لم يشترك في عمليات إرهابية تجلب له الشهرة، ولكن ما جلب له الشهرة هو خلافه مع الدكتور أيمن الظواهري فقهيا.
يعد الدكتور فضل، أو الشريف، شخصية رئيسية في الحركة الجهادية العالمية، بكتابيه "العمدة في إعداد العدة" و"الجامع في طلب العلم الشريف"، الكتابان يعتبرا مرجعين في الجهاد في مخيمات تدريب قاعدة الجهاد في أفغانستان، يقال إنه أول أعضاء المجلس الاستشاري الأعلى في القاعدة.
وسبب خلافه مع أيمن الظواهري هو اتهامه لأيمن بتحريف وإخفاء بعض أجزاء من كتابه الجامع، حيث نشره أيمن الظواهري قديما تحت مسمى «كتاب الهادي إلى سبيل الرشاد» ونسبهُ إلى سيد إمام ولكن بعد تحريفه، وهذا من أحد أهم أسباب الخلاف بين سيد إمام الشريف وبين أيمن الظواهري، ولكن انتشر الكتاب الأصلي لسيد إمام بعد ذلك وأصبح معروفا مشهورا بين الناس، واختفي تدريجيا كتاب الهادي الذي حرف فيه الظواهري كتاب الجامع.
ولد في 8 أغسطس 1950 في مدينة بني سويف، بعد إتمامه دراسته الابتدائية والإعدادية في بني سويف التحق بمدرسة المتفوقين الثانوية النموذجية في عين شمس في القاهرة «داخلية» في 1965، وكان من أوائل الجمهورية في الثانوية العامة 1968، والتحق بكلية الطب جامعة القاهرة، وتخرج فيها عام 1974 من الأوائل، وعُين في قسم الجراحة في الكلية نفسها «قصر العيني» وتعلم فيها مهنة الجراحة على يد جهابذة الجراحة في مصر. ثم تم اتهامه في قضية تنظيم الجهاد الكبرى في 1981 المعروفة إعلاميا بقضية اغتيال الرئيس أنور السادات، فاضطر للسفر عام 1982 وعمل فترة قصيرة في الإمارات، ثم سافر للخدمة الطبية في الجهاد الأفغاني عام 1983 حتى 1993، حتى قامت باكستان بإبعاد المجاهدين العرب فانتقل إلى السودان عدة أشهر، ثم إلى اليمن عام 1994، وعمل جراحاً فيها حتى اعتقل هناك في 28 أكتوبر 2001 في أعقاب أحداث سبتمبر 2001، ثم سلمته اليمن إلى مصر في فبراير 2004، وتم الإفراج عنه بعد ذلك.
تعرف على أيمن الظواهري في 1968 إذ كان زميلا له في كلية الطب، وكانا يتناقشان مع زملاء آخرين في موضوعات إسلامية مختلفة، وقال إنه قام بنقل الشيخ عمر عبدالرحمن من الفيوم- إذ كان مطلوباً اعتقاله بعد 15/9/1981- بسيارته الخاصة إلى مكان يختفي فيه في الجيزة، ثم انتقل منه إلى منزل أخته في العمرانية فاعتقل هناك.
وفي 1992 طلب الإخوة فى أفغانستان الاجتماع به وعرضوا عليه مسألة قيامهم بعمليات قتالية في مصر كما تفعل الجماعة الإسلامية لأن الناس يعيرونهم بذلك، فقال لهم: إننا قد جاهدنا في أفغانستان ودربنا الكثيرين ممن نعرف وممن لا نعرف وعلمناهم علوماً شرعية نافعة، بما لم يفعل أحد مثلنا، أما القتال في مصر فلن يأتي بمصلحة وفيه مفاسد جسيمة، وأما الجماعة الإسلامية فلن تصل إلا إلى طريق مسدود.
كتب الشيخ فضل "وثيقة ترشيد العمل الجهادي" كوثيقة مخطوطة، وبعد أن دوّن مبادرته في مخطوط، طلب مقابلة المعتقلين من زملائه في تنظيم الجهاد في السجون المصرية للاطلاع على آرائهم، فقد كان السيد إمام عبدالعزيز معزولا عن باقي السجناء حتى ذلك الوقت منذ أن تم تسليمه إلى مصر في فبراير 2004.
وفي فبراير 2007 سمحت له سلطات الأمن المصرية بمقابلة باقي المسجونين كما فعلت مع تنظيم الجماعة الإسلامية، ومن خلال تلك المقابلات تم التعرف على آراء المؤيدين وكذلك المعارضين لمحتوى الوثيقة، وقام بعد ذلك بإضافة إيضاحات وردّ على شبهات إلى المسودة حتى خرجت الوثيقة في صورتها النهائية في مارس 2007.
ثم عُقد مؤتمر في سجن الفيوم عرضت فيه الوثيقة على المئات من أعضاء الجهاد، وذلك في أبريل 2007، ولقيت الوثيقة التأييد العام، وتواكب هذا مع عرض الوثيقة على مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وهو أعلى هيئة علمية إسلامية في مصر، وقد أقرّها، مثلما حدث مع مجموعة كتب المراجعات الأربعة التي أصدرتها الجماعة الإسلامية من قبل وأقرها الزهر الشريف.
تعد وثيقة تراجع تنظيم الجهاد عام 2006، أخطر وثيقة مكتوبة عن التراجع عن الأفكار الهدامة الإرهابية.
هاجم الدكتور أيمن الظواهري مبادرة الدكتور فضل، أو سيد إمام، ووصفها بأنها أفضل ما تريده أجهزة المخابرات الأمريكية، في كتاب أصدرته دار النشر التابعة للقاعدة واسمه «التبرئة.. تبرئة أمة القلم والسيف".
ورحبت الجماعة الإسلامية، ممثلة في الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي بالجماعة، بالوثيقة، ووجّهت التحية إلى الدكتور سيد إمام.