الروم الأرثوذكس: وحدتنا في الإيمان أهم من انقساماتنا في الإدارة
أصدرت كنيسة الروم الأرثوذكس، دراسة نشرتها عبر صفحة «نسور الروم»، المنبثقة عنها؛ للإجابة على سؤال: «هل يمكن أن يُرفَض مطران أو بطريرك لأنه من هذه القومية أو تلك؟ أو من هذا اللون أو ذاك؟ أو من هذا البلد أو ذاك؟ أو من هذه العائلة أو تلك؟»، لتحمل الدراسة: «الأرثوذكسية والنزعات التقسيمية نقيضان لا يلتقيان».
وقالت الكنيسة في الدراسة: «حتماً لا يجوز، فإن تلك النزعة البغيضة تناقض أولاً الكتاب المقدس، الذي ورد فيه: «لَيْسَ عبراني وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ»، كما أن التمييز على أساس مناطقي أو عرقي أو طبقي أو جنسي، بين أرثوذكسي وأرثوذكسي، يناقض روح الأرثوذكسية في الصميم، إضافة الى ذلك، فإن تلك النزعة تناقض ثانياً جوهر حضارة الروم».
نماذج تاريخية
وأضافت: «ففي التاريخ، ماذا لو رفضت القسطنطينية يوحنا الذهبي الفم أسقفاً عليها، لأنه أنطاكي المولد؟ وماذا لو رفضت فلسطين إيواء يوحنا الدمشقي، في دير القديس سابا؛ لأنه دمشقي المولد؟، وماذا لو رفضت روما أن يؤسس بطرس الرسول كنيستها؛ لأنه فلسطيني المولد؟، وماذا لو رفضت أثينا استقبال بولس الرسول؛ لأنه عبراني الأصل؟، وماذا لو رفضت بيروت استقبال رومانوس المرنم العظيم لمجرد أنه ولد في حمص؟، وماذا لو تمادوا قليلاً في منطقهم فرفضوا المسيح نفسه، بحجة أنه ليس من منطقتهم أو من لغتهم، أليس في هذا نقض لجوهر المسيحية القائمة على فكرة إله الأمم، لا على فكرة آلهة الأمم؟».
في المستقبل
وتابعت: «في المستقبل، من يستحق أكثر أن يكون مطرانًا على بيروت مثلاً؟ أو على طرابلس؟ أو على حماة؟، رجل قديس ولد بعيدا عن المدينة لكنه أقرب إلى الله؟ أم رجل عادي ولد في المدينة لكنه أبعد عن الله؟، هل نرفض القديس يوحنا الدمشقي، إذا ما ترشّح لمطرانية بيروت، بحجة أنه مولود في دمشق؟ أو نرفض يوحنا الذهبي الفم بطريركاً على القدس بحجة أنه مولود في إنطاكية؟ أو نرفض القديس باسيليوس الكبير مطراناً على حلب بحجة أنه مولود في كبادوكية؟ هل نرفض القديس بايسيوس إذا ما اراد تأسيس دير في جبل لبنان بحجة أنه يوناني؟».
في القانون الكنسي
وواصلت: «وفي القانون الكنسي نحن، في دستور الإيمان، الذي يعلو على كل القوانين الكنسية الأخرى، نؤمن: بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية، بكنيسة واحدة لا بكنائس متناحرة، فالتقسيم الإداري لكنائس شبه مستقلة، أتى من ضرورات الجغرافيا والتاريخ وحسن الإدارة، لا ليصبح قاعدة مقدسة، ذلك يعني أن القاعدة المقدسة تبقى وحدتنا، أما التقسيمات الإدارية والتجزئة فتبقى استثناءً املته الضرورة، كما أن إيماننا بالوحدة يجب أن يعلو على إيماننا بالتقسيمات الزائلة، وحيث يشتد الخطر، علينا أن نضحي بالتقسيمات من أجل الوحدة، لا أن نضحي بالوحدة من أجل التقسيمات، فوحدتنا في الإيمان أهم ألف مرة من انقساماتنا في الإدارة، ووحدتنا في المسيح أعظم ألف مرة من تشتتنا في العالم».