عصام الزهيرى: منظومة الدوافع المرتبطة بفكرة الحقد المقدس وراء طعن سلمان رشدى
أعادت محاولة اغتيال الروائي البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، وهو يستعد لإلقاء محاضرة في مدينة نيويورك، بـ15 طعنة سددها إليه شاب أمريكي من أصل لبناني، يدعى «هادي مطر»، إلى الأذهان مشهد مماثل تعرض إليه الروائي نجيب محفوظ في تسعينيات القرن المنصرم.
ويقول الكاتب عصام الزهيري: ربما أهم ما يعكسه حادث طعن سلمان رشدي الصادم هو حزمة الدوافع والأفكار المرتبطة بما نسميه الحقد الديني أو الحقد المقدس.
وأوضح «الزهيري»، في تصريحات خاصة لــ"الدستور": الحادث وقع بعد مرور أكثر من 30 سنة على مهزلة الاحتجاج العارم ضد صدور رواية «آيات شيطانية»، وتواكب مع إصدار مفتي الإرهاب آية الله الخوميني فتوى اغتياله، وأعتقد أننا لن نعثر على معنى لوقوع حادث إرهابي كهذا ترتب على واقعة عمرها 30 عاما دون استيعاب منظومة المشاعر والدوافع والأفكار المرتبطة بفكرة الحقد المقدس والنابعة منها.. والأصول المعتمدة للحقد المقدس في الإسلام نجدها كما العادة في التفسيرات الأولى والمنقولات السلفية المنتشرة على نطاق واسع للقرآن الكريم، فقد اتفق المؤرخون مثلا في تفسيرهم آية سورة التوبة 14: "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين"، على أن المقصود بالآية قبيلة خزاعة ضد قبيلة بني بكر.
وأوضح «الزهيري»: ولأن قراءة القرآن في عقيدة الأصوليين تقرأ طبقا لقاعدة العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب، فليس مهما هنا أن نعرف أي شيء يتصل بواقعة خزاعة وبكر، ويكفي أن نضع أي إنسان أو جهة في مقام عداوة الإسلام حتى يصبح قتالها وشفاء الصدر منها أمرا من الله لكل مسلم.. فنقرأ في زهرة التفاسير مثلا أن المقصود بقاتلوهم هو الإثخان فيهم يعني قتلهم بتوحش دموي أو داعشي، وأن العذاب الذي يلحق بهم بسبب ذلك هو عذاب الله بأيدي المؤمنين، أي أن المؤمنين هنا موكلون باستباق عذاب الله الذي يأتي في الآخرة.
ويضيف: وكان العذاب في الدنيا بأيدي أهل الحق لردع أهل الباطل وكسر شوكته ولكي لا يستشري الشر وتستعلي الرذائل وتنخفض الفضائل، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد، لهذا كان لا بد من عذاب الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم.
أما بخصوص شفاء صدور القوم المؤمنين فالتفسير يؤكد: ذلك أن قلوب المؤمنين إذا رأت الكفر ناتئ الرأس ولم يكن من يقمعه ويرد كيده في نحره عراها الشك أو التردد أو محاولة تعرف الحكمة في إهمال الكفر (وكأنه ليس هناك يوم حساب) وتركه في عنفوانه وإيذائه، فإذا نصر الله المؤمنين شفيت صدور قوم مؤمنين وخرج ذلك التردد وذهبت عنها الحيرة، فالله يشفي الصدور المؤمنة من تلك الحيرة الممضة التي قد تثير الريب.
واختتم الزهيري متسائلا: وأظن أن تلك الكلمات الرهيبة تفضح تماما الجذور أو الأصول الإسلامية للحقد المقدس والإرهاب الديني، دون حاجة لذكر آلاف المصادر الأخرى التي تراكمت عليها عبر قرون، ودون ذكر أن هذا الركام الدموي والحقود المفزع لا يزال في نظر شيوخنا وأصوليينا وسلفيينا ومتشددينا وطبعا إرهابيينا ليس في حاجة لأي نقد أو تجديد!. فهل اتضح الآن كيف ولماذا يطعن سلمان رشدي بعد مرور 33 عاما على صدور روايته؟!