دراسة توضح مستقبل «القاعدة» وأبرز الأسماء المرشحة لخلافة الظواهرى
أصدر المرصد المصري، التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان «مآلات محتملة موقع القاعدة في معادلة الجهاد المعولم عقب مقتل الظواهري» للباحثة مني قشطة، تناولت مستقبل نشاط تنظيم القاعدة وأفرعه ومن القائد الجديد له وذلك بعد أن أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن» في 1 أغسطس الجاري، مقتل زعيم تنظيم القاعدة «أيمن الظواهري» في أول استخدام لاستراتيجية «الضربات عبر الأفق» التي اتبعها البنتاجون في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي.
وأوضحت الدراسة أن تنظيم القاعدة لم يقم حتى الآن بتسمية الزعيم الجديد الذي سيخلف «الظواهري»، ومن المرجح أن تتأخر عملية اختياره بعض الشيء حتى يتمكن مجلس شورى التنظيم من الاتصال بالفروع التابعة للقاعدة، ومبايعة أعضائه لمن سيقع عليه الاختيار لقيادة التنظيم في الفترة المقبلة. مثلما حدث بعد مقتل المؤسس «أسامة بن لادن» في 2 مايو 2011، حيث استغرقت عملية اختيار خليفته «الظواهري» نحو ستة أسابيع حتى الإعلان رسميا عن تولية زعامة التنظيم في 16 يونيو 2011، وأوعز العديد من التقديرات تأخر تنصيب «الظواهري» إلى انقسامات دارت داخل التنظيم حول تعيين الأخير.
وتطرقت الدراسة حول معايير الزعيم الجديد والتى ربما تخضع لمجموعة من الاعتبارات، في مقدمتها طبيعة شخصية المرشح المحتمل وحالته الصحية، وذلك لتعويض حالة الضعف التي شهدها تنظيم القاعدة خلال حقبة «الظواهري»، والتي كانت ترجع بشكل كبير إلى فقدان الأخير للشخصية الكاريزمية وتدهور حالته الصحية التي أودت به إلى حالة بدا فيها منسلخًا عن الواقع الحالي للتنظيم بشكل كبير، أو أي من الأحداث والوقائع الكبرى التي يشهدها العالم في الوقت الراهن، كما تسببت في انتشار شائعة وفاته أكثر من مرة، وعزّزت من حالة الشيخوخة الحركية التي اعترت التنظيم المركزي مؤخرًا. وبناء عليه، قد يحرص التنظيم على اختيار قائد جديد ذي شخصية كاريزمية لديها القدرة على تطوير أيديولوجية جهادية ديناميكية تستعيد للقاعدة مكانتها المتقدمة في ساحة الجهاد المعولم.
أبرز المرشحين
وحول أبرز الأسماء المرشحة لتولي زعامة القاعدة خلف للظواهري، ذكرت الباحثة مني قشطة، أن هناك عددا من الأسماء منهم سيف العدل، وهو المرشح الأبرز لخلافة «الظواهري» هو «محمد صلاح الدين زيدان»، أحد القادة العسكريين البارزين في القاعدة التي انضم إليها في عام 1989، وكان أميرا مؤقتا لها بعد وفاة «بن لادن» وحتى تأكيد خلافة «الظواهري»، وهو عضو مجلس شورى التنظيم وشغل منصب رئيس اللجنة الأمنية له بمنتصف التسعينيات. ولعب دورا بارزا في بناء التنظيم وصقل قدراته وإمكاناته العملياتية نظرا لامتلاكه خبرات تكتيكية عسكرية كبيرة.
وأضافت أنه بالنظر إلى التسلسل الهرمي للقيادة المركزية للقاعدة، فإن سيف العدل هو الأرجح لتولي زعامة التنظيم. ورغم أن السواد الأعظم من التقديرات التي تتنبأ بخليفة «الظواهري» ترى أنه إذا وقع الاختيار على «العدل» فسينجح في الحصول على مبايعة باقي أفرع التنظيم بالنظر إلى تاريخه داخل القاعدة ومكانته داخل الأوساط الجهادية، إلا أنه في الجهة المقابلة هناك جملة من العوامل التي قد تثير حالة من الجدل داخل صفوف التنظيم إذا ما وقع الاختيار على «العدل» لتولي منصب الزعيم. أولها، إشكالية تواجده في إيران- حسبما تشير المعلومات المتوفرة حوله- الأمر الذي قد يثير اعتراض أعضاء القاعدة الأكثر عداءً للشيعة وللأطراف والميليشيات المدعومة من إيران التي يحاربها التنظيم في بعض المناطق مثل سوريا واليمن، وثانيها، تعيين زعيم جديد للقاعدة مقيم في إيران ربما يمثل تهديدًا كبيرًا لحياته، كون هذا الأمر قد يضفي مزيدًا من التوترات بين الولايات المتحدة وطهران في ضوء تعثر المفاوضات النووية.
ويأتي من ضمن المرشحين، عبد الرحمن المغربي وهو معروف باسم «محمد آباتي» ويلقب بـ «ثعلب القاعدة»، وهو صهر «الظواهري»، مغربي الجنسية ولد في عام 1970، ثم درس البرمجيات وسافر إلى ألمانيا، وسافر لاحقًا إلى أفغانستان حيث تم تكليفه بإدارة مؤسسة «السحاب» (الجناح الإعلامي لتنظيم القاعدة). كما شغل منصب القائد العام للقاعدة في أفغانستان وباكستان منذ 2012، وتشير التقارير إلى أن «المغربي» كان المستشار الرئيس لــ «الظواهري»، وسافر إلى إيران بعد أحداث 11 سبتمبر، ويقال إنه يدير ويشرف على عمليات التنظيم من هناك، ما قد يثير الإشكاليات السابق الإشارة إليها – بالنسبة لسيف العدل – إذا ما تولى زعامة التنظيم، وتضع الولايات المتحدة مكافأة قدرها 7 ملايين دولار مقابل الإدلاء على مكانه، كما فرضت عقوبات على كل من يتعامل معه.
كذلك يزيد مبارك ويكنى بـ«أبو عبيدة يوسف العنابي» نسبًة إلى مسقط رأسه مدينة «عنابة» الساحلية الواقعة شرق الجزائر. وعين زعيمًا لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقًا)، بعد مقتل «عبد المالك دروكدال» في عملية فرنسية خاصة عام 2020، وهو أحد المؤسسين لجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» أحد فروع تنظيم القاعدة في شمال مالي، وأدرجته الخارجية الأمريكية عام 2015 على قائمتها السوداء للإرهاب، وترصد مكافأة مالية قدرها 7 ملايين دولار مقابل أي معلومة تؤدي إلى تحديد مكان.
بالإضافة إلى أحمد ديري ويعرف أيضًا بـ«أبو عبيدة الصومالي» وهو من مؤسسي حركة الشباب المجاهدين بالصومال التي أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة في عام 2012، ويتولى زعامتها حتى الآن منذ عام 2014 بعد مقتل زعيمها السابق «أحمد عبدي غودان» في غارة جوية أمريكية. وترصد الإدارة الأمريكية مكافأة 6 ملايين دولار للإدلاء بمعلومات عن مكانه.
كما تطرقت الدراسة إلى تحديات تواجه الزعيم الجديد للقاعدة على كافة المستويات، بعضها موروثة عن سلفه «الظواهري» وملابسات وتداعيات اغتياله، والأخرى مرتبطة بالسمات الشخصية للقائد الجديد، والسياقات المصاحبة لتولية زعامة التنظيم، وذلك على النحو التالي الهزات المعنوية المرتبطة بخسارة العديد من قادة التنظيم، بالإضافة إلى مخاوف من انشقاقات جديدة، كذلك إدارة العلاقات المستقبلية مع حركة طالبان، بالإضافة إلى التفوق الداعشي، وتحدي كسب الثقة والمصداقية.
مستقبل تنظيم القاعدة
كما تطرقت الدراسة إلى مستقبل القاعدة بعد الظواهري، أولا بالنسبة لنشاط التنظيم، فمن المرجح ألا يتأثر نشاطه عملياتيا إلى حد كبير، فبالنسبة لفرعه المركزي قد يستمر نشاطه عند مستويات منخفضة في الفترة المقبلة، لصالح تقدم الفرع الخراساني لتنظيم داعش الذي بات يمثل تهديدا كبيرا مؤخرا لدول وسط وجنوب آسيا.
وبشأن بقية أفرع التنظيم التي تعتمد علي مبدأ اللامركزية، من المتوقع أن يأخذ نشاطها منحي تصاعديا للثأر والرد على اغتيال «الظواهري»، ولا سيما فرع حركة الشباب المجاهدين بالصومال، الذي يسيطر على أكثر من 70% من البلاد، ويعد من أثرى فروع القاعدة، وينفق ملايين الدولارات سنويًا على شراء الأسلحة والمتفجرات وبشكل متزايد على الطائرات المسلحة، مما يعزز من قدرته على تعزيز نشاطه الذي تخطى الحدود الصومالية لينتقل إلى كينيا، ومؤخرًا تزايد نشاطه في إثيوبيا لتحقيق طموحاته الجهادية الإقليمية بالتمدد في منطقة القرن الإفريقي.
ثانيا بالنسبة لقدرة التنظيم على شن هجمات ضد الغرب: قد يمتلك تنظيم القاعدة القدرة مستقبلًا على شن هجماته ضد الولايات والغرب سواء عبر الحث على المزيد من هجمات «الذئاب المنفردة» في الفترة المقبلة، أو عبر استهداف المصالح الأمريكية في مناطق العالم المختلفة.
واختتمت الدراسة أن عملية مقتل «الظواهري» لا تعني أن نشاط القاعدة سيصبح رقما صفريا في معادلة نشاط الإرهاب العالمي، بل على العكس، تدفع غالبية المؤشرات باتجاه تنامي نشاط أفرع التنظيم في الفترة المقبلة. وستتوقف قدرة القاعدة على استعادة مكانتها في الساحة الجهادية على شخصية الزعيم الجديد وقدرته على بث الحيوية في نشاط التنظيم. ومن المحتمل أن تنتقل القيادة المركزية للقاعدة من أفغانستان وباكستان إلى مناطق أخرى في القارة الإفريقية لاسيما إذا كان القائد الجديد ينتمي لأفرع التنظيم النشطة هناك.