هل يحق للمترجم فرض وصاية على النصوص؟.. خبراء: «ناقل الكفر ليس بكافر»
لعل عملية ترجمة النصوص من لغة الى أخرى تمر بالعديد من المراحل التى قد يتعرض خلالها المترجم فى بعض الأوقات لمأزق، خاصة إذا كان فى النص الذى يترجمه بعض ما يتعارض مع قيم وعادات وتقاليد مجتمعاتنا بل والأديان، وهو ما يجعل المترجم قد يتدخل فى تحويل مسار النص المترجم أو فرض وصاية على النص حتي يتجاوز تلك الإشكاليات؛ حتى لا يقع تحت طاولة المساءلة المجتمعية أو القانونية.
عن مسألة هل يحق للمترجم أن يفرض وصايته على النص الذي يترجمه؟، وما المسموح به إذا تعرض المترجم لذلك حتى يطوع النص لخدمة مجتمعه؟.. تساؤلات يجيب عنها عدد من المترجمين العالمين ببواطن الأمور لخبراتهم فى الترجمة:
دكتور عنانى: فيما عدا الدين والمقدسات لا يملك المترجم أن يتدخل فى النص
قال شيخ المترجمين الدكتور محمد عنانى، إنه فيما عدا الدين والمقدسات لا يملك المترجم أن يتدخل فى النص الذى يترجمه على الإطلاق، وأنه فى حال تعرضه لذلك أما يتوقف ويقوم بحذف هذه الاشارات، أو يكتبها فى الهامش لأنها تمس فى الدين.
وأشار «عنانى» فى حديثه لـ"الدستور"، إلى أنه أثناء ترجمته كتاب "الاستشراق" للدكتور إدوارد سعيد ولأنه كان مقتبسًا أبياتًا من "الكوميديا الأهلية" لدانتى يسب فيها دانتى نبى الإسلام لم يستطع ترجمة هذه الأبيات وهو ما ذكره فى الهامش، مشيرًا إلى أنه ليس الأول الذى فعل ذلك بل فعلها قبله المترجم حسن عثمان عند ترجمته "الكوميديا الإلهية" خاصة عند ترجمته القسم الذى جاء بعنوان الجحيم فى الرسالة رقم 28 عندما وردت هذه الأبيات على لسان داتى فحذفها تمامًا، وكتب فى الهوامش ما قلته أيضًا أثناء ترجمتى لكتاب إدوارد سعيد، وأنه يكفى أننا نعرف أن "دانتى" لم يكن يعرف شيئًا عن الإسلام.
أسامة جاد: لو كان فى الترجمة كفر ناقل الكفر ليس بكافر
قال المترجم أسامة جاد إن ترجمة النصوص بتصرف أو أى وصاية يفرضها المترجم على النص هى "خيانة"، ولنفترض أن المترجم مضطر لتلك الخيانة على الأقل تكون فى الحد الادنى بما يتناسب وقيم مجتمعه، مع أن لو كان فى الترجمة كفر ناقل الكفر ليس بكافر بحسب القاعدة الشهيرة.
وأشار "جاد" فى تصريحاته لـ"الدستور"، إلى أن هناك إشكال تانى يحدث أثناء عملية الترجمة هو التغيير من أجل انتصار المترجم لذائقته اللغوية رغم أن النص هو البطل، وأنت كمترجم تحاول قدر الإمكان تقديم النص كما هو ولو خصائص اللغة لا تسمح ممكن أن يقدمه بحسب تعبير المبنى للمجهول فى حال غياب الفاعل وهو مسموح به بحسب حاجات اللغة التي تترجم إليها.
وأكد "جاد" أن أى تدخل غير ذلك غير مسموح تمامًا فى عملية الترجمة، مثلًا عندما ترجمت فى البدايات "الجريمة والعقاب" لدوستويفيسكي حرص بعض المترجمين على التخفيف من حدة وبشاعة البطل مما افقدها روحها، وأنه إذا أراد المترجم أن يقدم ترجمة لنصوص تاريخية بلغة اليوم فإنه يجب أن يشير إلى ذلك وأنه يقدم ترجمة معاصرة.
أما التصرف لأى أسباب غير ضعف المترجم غير مقبولة، ولا أنسى ما جاء فى بيان المركز القومى للترجمة من قبل عندما ذكر أننا نترجم ما يتناسب مع قيم مجتمعنا وأنه إذا كان الأمر كذلك إذا فلماذا نترجم من يشبهنا فالأحرى أن نترجم الآخر لنعرفه.
مصطفى عبيد: لا يحق للمترجم التلاعب بالحقائق الأصلية فى النص
وقال المترجم مصطفى عبيد إن المترجم كل ما يستطيع أن يفعله هو التلاعب باللغة بما يتناسب ومجتمعه، مؤكدًا أنه لا يحق له أن يغير الحقائق الأصلية فى النص المترجم منه أي استخدام اللغة بما يتناسب وأسلوب المترجم الأدبى.
وأشار"عبيد" فى حديثه لـ"الدستور"، إلى أن ما ذكره يفسر لنا صدور العديد من الترجمات للغات أخرى لنفس الكتاب، وأن جميعها تحرص على ذكر الحقائق فى النص الأصلى، وأن مستوى التغير فى تلك الترجمات فقط نجده فى المعانى التى تحملها اللغات المترجم إليها.