في ذكرى شاعر الرومانسية بيرسى شيلى إطلالة على كتابه «برومثيوس طليقا»
شاعر الرومانسية، بيرسي بيش شيلي، الشاعر الإنجليزي المنتمي إلى المدرسة الرومانتيكية، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1792، وهو واحد من كبار شعراء الرومانسية في الشعر الأوروبي، إلا أن له كتابا بعنوان “برومثيوس طليقا”، نقله للعربية الناقد الكبير لويس عوض، وفيه يعرض بيرسي بيش شيلي ويرصد ملامح الحركة الأدبية في بريطانيا في القرن الثامن عشر.
وفيه يذهب بيرسي بيش شيلي، إلى أن الرومانسية هي الذاتية، والكلاسية هي موضوعها، فالذاتية باختصار هي الاختيار الفردي والموضوعية هي الاختبار الذي يشترك فيه سائر الناس.
فالأدب يكون ذاتيا إذا كانت مادته مستقاة من فكرة الكاتب الشخصية عن الحياة، فإذا تكلم عن الحب، لم يتكلم عن الحب الذي يحسه سائر الناس، لم يتكلم عن تلك العاطفة العامة التي يعرفها القلب الإنساني العادي، بل تكلم عن الحب كما يفهمه الكاتب نفسه، والكاتب نفسه لا يحب كسائر الناس، فهو إما يحب على طريقة أفلاطون كحب بول لفرجيني عند برناردان دي سان بييرو أو محب حبا عنيفا مدمرا يدفعه إلى الانتحار كحب فرتر لمرجريت عند جوته، أو يحب أمرأة لم يرها إطلاقا وإنما أعجبته رسائلها كما فعل شيلي في نشيده إلي الجمال العقلي.
ــ مفهوم الرومانسية كما وضحه بيرسي بيش شيلي
ويلفت بيرسي بيش شيلي في كتابه “برومثيوس طليقا"، إلى إنه من مفهوم الرومانسية عبادة الطبيعة، فقد كانت لكتابات “روسو” أثر بالغ في تكوين شعراء الطبيعة من أبناء المدرسة الرومانسية في كل دولة من دول أوروبا، ولم يكن الرجوع إلى الطبيعة الذي دعا روسو إليه رجوعا إلى الطبيعية في السلوك أو في الأخلاق أو في فهم الحياة فحسب، بل كان أشبه شيء بدين جديد أو حركة صوفية اشترك فيها عامة رجال الفكر الأوروبي، في عصر الثورة الفرنسية، وكان كهنتها ورد زويرث في انجلترا وجوته في ألمانيا.
ويضيف بيرسي بيش شيلي في كتابه “برومثيوس طليقا": شاعت في أوروبا نظرية "الحلول"، التي تطورت عن نظرية “سبينوزا” في وحدة الوجود، ومؤداها أن الله ليس له وجود مستقل عن الكون إنما هو “مجموع الوعي الموزع في أرجاء الكون” بعبارة سبنوزا نفسه، أي أن الله والكون شيء واحد بالإجمال، أو ما يشبه هذا، وكانت صيحة الحرب في مبدأ الحركة الرومانسية أن “عودوا إلى الطبيعة”، فأصبحت حين بلغت الحركة عنفوانها في أوائل القرن التاسع عشر أن “أتحدوا مع الطبيعة”، أما جوته فقد دعا الناس إلى أن “يعيشوا داخل الكل”، في كل عمل يعملونه، وفي كل فكرة تسكن خواطرهم، وكان مراده طبعا أن يتصل الإنسان الجزئي بالوجود الكلي ويندمج فيه ويستهديه التوفيق في كل ما يتعلق به.
ويشدد بيرسي بيش شيلي في كتابه “برومثيوس طليقا"، على أنه: لم يكن اتصال الشعراء بالطبيعة في الحركة الرومانسية اتصالا فنيا فحسب، يستمدون من جمالها الوحي، بل كان رياضة روحية عنيفة، وتجاوز شعرهم أحيانا حدود الغزل الصوفي ذاته، فكان تعبيرا كاملا عما يراه الموجود في ساعة الوجد، لذا قرأ بعض النقاد في عبادة الطبيعة طابع الوثنية، وقرأ آخرون منهم فيها طابع الدين الجديد.
ــ المعاني الملازمة للحركة الرومانسية عند بيرسي بيش شيلي
ويتابع الشاعر بيرسي بيش شيلي في كتابه “برومثيوس طليقا"، أنه من المعاني الملازمة للحركة الرومانسية الثورية في الأدب، كذلك الثورية في السياسة، فقد كان “بايرون” و“شيلي” والكثرة المطلقة من الرومانسيين جمهوريين في عقيدتهم السياسية، ومن لم يكن منهم جمهوريا كان عدوا للطغيان في أي شكل من أشكاله.
والحركة الرومانسية معروفة باسم “حركة العاصفة والاندفاع”، لما تميزت به من العنف في التعبير، فوجد الشاعر مكانه بين الأبطال الذين يقودون الإنسانية إلي مصيرها العظيم، كما أعلن “كارلايل” في كتابه “الأبطال وعبادة البطولة”، وظهر الشاعر في ثوب النبي الذي ألهم الحكمة والرشاد، فهو يترجم عن قلب الجماعة وعقلها في كل شيء، كما قال بيرسي بيش شيلي في كتابه “الدفاع عن الشعر”، وأعلن الرومانسيون أن العبقرية أو الأرستقراطية الذهينة كما كانوا يسمونها أحيانا هي أعلي ما في الوجود، وأن الفنان العبقري هو سيد العبقريين طرا.