إنجى عبد المنعم: «المينيمال» لم يقتصر على النحت والتصوير وامتد للجرافيك
رغم أن الفن التشكيلى لا يحظى بالجماهيرية أو الأهتمام الشعبى كمثيله من الفنون الأخرى كالسينما مثلا، إلا أن التشكيليين والباحثين فى الفنون التشكيلية لا يتوانون عن البحث فى دروب فنية مختلفة سواء قديمة وإضفاء المعاصرة عليها أو حداثية لتنميتها ونشرها، كفن الجرافيتى.
واليوم نحن أمام نوع مختلف من الفن التشكيلى وهو"المينيمال، أو "التبسيطية" وهو الموضوع الذى تناولته الباحثة "إنجى عبدالمنعم" لتنال عنه شهادة الدكتوراه من جامعة حلوان، وجاء البحث بعنوان “إتجاه المينيمال وأثره على فنون الطبعة الفنية المعاصرة”.
ما هو تعريف فن “المينيمال”؟
وتقول الباحثة إنجي عبد المنعم فى تعريفها لهذا الفن: "تتميز اللوحات التى تتسم بخصائص المينيمال بأنها أكثر تبسيطا وحرية من المدرسة التجريدية، بمعنى أوضح تجريد اللوحات من الألوان المتعددة والدرجات اللونية المختلفة، فهى تعتمد اللون الواحد موزعا على مساحة اللوحة بالدرجة نفسها، خالية من أى تفاصيل زخرفية، وذلك من خلال تقليل استخدام الأشكال للحد الأدنى واستبدالها بالأشكال الهندسية المباشرة كالمربع والدائرة وغيرها، وتعتمد على العمليات العقلانية، ففنانو هذا الاتجاه تحدوا المفاهيم التقليدية للعمل الفنى، وذلك باستخدام تقنيات مختلفة وأنظمة رياضية لتحديد تكوين أعمالهم، ورؤى فنية أكثر بساطة واختزال لتجعل المتلقى يتعايش مع العمل حسب حالته ورؤيته.
وأول مَن أدخل مصطلح المينيمال هو الفنان الروسى"جون جرهام" فى كتابه “النظام والجدل فى الفن، 1973”، وقد كان المينيمال أحد أتجاهات فنون ما بعد الحداثة، وقد ظهر فى أمريكا فى ستينيات القرن الماضى.
وعن سبب اختيارها لهذا الفن فى موضوع بحثها قالت “عبد المنعم”: "إيمانا منى بأن المينيمال لم يقتصر على النحت والتصوير بل امتد إلى فنون الجرافيك (الطبعة الفنية)، التى شهدت فى فترة ما بعد الحداثة متغيرات كثيرة، وقد أدت هذه المتغيرات إلى تطوره فى صياغاته التشكيلية، حيث تحولت فيه الأشكال المطبوعة إلى الأشكال المجردة وعبرّت عن المفاهيم والمضمون دون الموضوع، حيث إن التطورات فى فن الطبعة الفنية فى اتجاهات ما بعد الحداثة أظهر اهتمام بالبساطة والاختزال فى العناصر والخطوط وكذلك الألوان، وقد ظهرت تجارب متنوعة للفنان مع الخامات والتقنيات المستحدثة التى وجد فيها القيم الجمالية وذلك نتيجة للتطور العلمى والتقدم الصناعى، فأصبح متاحا لفنانى الطبعة الفنية العمل بصيغ تشكيلية متنوعة على القالب الطباعى: على الخشب والزنك واللينوليوم وغيرها.
وأوضحت “عبد المنعم” لــ “الدستور”: الطبعة الفنية من الفنون المهمة والجوهرية فى عالم الفنون البصرية التى تظهر خلال التقنيات المستخدمة فى السطوح الطباعية، مع اختلاف الموضوعات والأساليب وتقنيات الطباعة، إلا أن لكل طريقة من طرق الأداء فى الطباعة سماتها ومميزاتها الخاصة التى تمنحها نوعاً من التفرد، وقد تأثرت فى العصر الحديث بالمدارس والاتجاهات الفنية المختلفة، فجاءت مرتبطة ومعبرة عن العصر سواء فى التصميم أو الخامات والتقنيات المستخدمة.
ولذلك أردت من خلال الدراسة والتعمق التأكيد على أنه يمكن الاستفادة من مبادئ المينيمال فى استحداث تجارب مختلفة فى فنون الطبعة الفنية، كما أنه يثريها بالعديد من القيم التشكيلية، لذا تناولت فى الدراسة فكر وفلسفة المينيمال فى إثراء الطبعة الفنية اليدوية المعاصرة التى لم تقتصر على العالم الأمريكى فقط، فهو لم يكن بالبعيد عن العالم الاوروبى والمصرى.
وقد تناولت فى البحث مجموعة من الفنانين الذين تأثروا بفلسفة المينيمال، وعلى سبيل المثال لا الحصر، من الفنانين الأوربيين “إدوارد تشيليدا، آليكس دان، جورج أنطونى، وغيرهم”.
ومن الفنانين الأمريكيين"روبرت رايمان، روبرت مانجولد، رومان كوتوسمان، يرايس ماردن، وغيرهم".
ومن الفنانين المصريين: فتحي أحمد – صلاح المليجي – وائل عبد الصبور، وغيرهم.
تتحدث الباحثة عن الخلاصة التى خرجت بها من البحث فى هذا الفن وقالت: "إن المينيمال أحد فنون ما بعد الحداثة والفنون المعاصرة التى عملت على تغير مفهوم الفن ومعايره إذا أخرجت المتلقى من حالة الجمود إلى التفاعل والمشاركة، وأن المينيمال أكثر ارتباطا بالتقنيات الحديثة والتى تساهم فى الحركة الفنية المعاصرة فى مجال الجرافيك، وساعد فنانو الطبعة الفنية فى خلق صياغات تشكيلية عديدة ومتنوعة تثرى أعمالهم الفنية، كما ظهرت ملامح شخصية كل فنان من خلال أعماله التى أنعكست بشكل مباشر على خطوطه وأختياره لموضوعاته فى إطار فلسفة فن المينيمال".
كما أثبتت نتائج الدراسة أن “المينيمال” ساهم في إثراء تجربة الباحثة في تناول الموضوعات من خلال الخطوط واللون وحلول المساحة وكذلك التقنيات التي أثرت في تجربة الباحثة .