خاضها بـ 37 مقالة.. كواليس معارك محمود شاكر ضد طه حسين ولويس عوض
عرف الوسط الثقافي على مدار تاريخه بالمعارك الشرسة التي وسعت عملية التأليف والنشر، كما طرحت آراء مختلفة ومفيدة في عميلة الإبداع، معارك ضارية بحق، وكانت تجدد دماء الوسط الثقافى وتحض على إعمال العقل، ونشبت كانت المعارك الأدبية فى النصف الأول من القرن العشرين، بين عمالقة الأدباء والشعراء والمفكرين ومن بين هؤلاء الشاعر والكتاب والمفكر محمود شاكر.
وعندما يذكر اسم شارك يتذكر القارئ العربي أضخم معركتين اللتين كانتا من أبرز معالم حياته الأدبية والفكرية، "وهناك بعض من المعارك ما يمكن أن نسميه بمعارك صغيرة أو محاور فرعية للصراع" الأولى معركته كانت مع طه حسين، والثانية مع لويس عوض.
وقد بدأت هاتين المعركتين عظيمتين بسبب شاعرين من أكبر الشعراء العربية، المتنبي وأبو العلاء المعري، وشارك فيهما عدد كثير من الادباء والكتاب المعاصرين من مختلف مجلات وصحف مصر.
معركة محمود شاكر الأدبية ضد طه حسين
وتعد معركة الأولى بين محمود شاكر والأديب طه حسين، ففي أواخر سنة 1926م أصدر طه حسين كتاب “في الشعر الجاهلي”، رصد فيه محاضراته في الشعر الجاهلي، وعندما نشرت فصول منه في الصحف والمجلات خرجت مؤلفات عديدة في الرد على الكتاب بأقلام محمد فريد وجدي ومحمد لطفي جمعة، وشكيب أرسلان، ومحمد عبدالمطلب وعبد ربه مفتاح، ومصطفى صادق الرافعي، واغلبهم كانوا أصدقاء للأستاذ محمود شاكر. وقد حدثت الحوادث في مصر متعلقة بكتاب (في الشعر الجاهلي)، وكان الأستاذ شاكر موجودًا في مصر ولكنه لم يتكلم فيه.
ولم يصمد محمود شاكر بل كتب 12 مقالة في صحيفة البلاغ بعنوان (بيني وبين طه حسين)، وواجه فيها الدكتور طه بثلاث حقائق وهى: أن طه في أكثر أعماله "يسطو" على أعمال الناس سطوًا عريانًا أحيانًا او سطوًا متلفِّعًا بالتَّذاكي والاستعلاء، وأنه لا بصر له بالشعر، ولا يحسن تذوقه على الوجه الذي يتيح للكاتب، وأن منطقه في كلامه كله مختل، وأنه يستره بالتكرار والترداد والثرثرة.
وكان طه حسين في رأي محمود شاكر يسن سنة متلفة مفسدة للحياة الأدبية والحياة العقلية والحياة النفسية في الجيل البائس الذي كان محمود محمد شاكر منه.
معركة محمود شاكر مع لويس عوض
بدأت معركة محمود شاكر مع لويس عوض المستشار الثقافي للأهرام آنذاك، عندما نشرت بحوثه الـ 9 في مجلة "الأهرام" فى الفترة بين 16 أكتوبر و11 ديسمبر 1964م ثم جمعت هذه البحوث في كتاب "على هامش الغفران" ومن زعمه أن فكر أبى العلاء المعري وفلسفته ليست أصيلة عنده، وإنما هي مأخوذة عن فكر أجنبي يوناني.
ويحاول أن يثبت بأن العبقرية العربية ليست عبقرية خلاّقة وإنما هي عبقرية تابعة وناقلة، وفى كتب كثيرةً له العديد من الادعاءات ضد العربية والإسلام، وعلى الجانب الآخر، قام محمود شاكر بالرد على تلك الادعاءات في مقالاته، وكتب محمود شاكر مقالته ردًا له في مجلة "الرسالة" ثم جمعت هذه المقالات في كتابه "أباطيل وأسمار" الجزأين الأول والثاني سنة 1972، من مطبعة المدني في القاهرة.
وكانت معركة شاكر مع لويس عوض ليست في آرائه القبيحة في شيخ المعرة وحدها بل في جهود لويس عوض أن يبدل كتابة العربية من فصاحتها إلى العامية، بينما ذهب لويس في مقالته إلى تأثر المعري باليونانيات، كما ألمح إلى أثر الأساطير اليونانية في الحديث النبوي، وهذا ما دفع الأستاذ شاكر إلى العودة الكتابة والمعارك بعد عزلة اختارها على نفسه، كتب مقالته لبيان خطأ لويس عوض ومنهجه نجد محمود شاكر في معركته مع لويس عوض ينتقل من الصراع الأدبي إلى بحوثه عن الفكر والثقافة في العالم العربي والإسلامي وما طرأ عليها من غزو فكري غربي.
مقالات لويس عوض كانت عند محمود محمد شاكر ملأت بالخلط والتدليس والتزوير، وهذه الأخطاء المقصودة وغيرها تدل على أن لويس عوض يفتقد أبسط مبادئ الأمانة العلمية ويفتقر إلى منهج البحث العلمي الدقيق.
كان مجموع عدد المقالات التي كتبها شاكر في تلك القضية، 25 مقالةً نشرت في مجلة الرسالة، ويوماً قد دخل الناقد محمد مندور عند محمود شاكر وطلب منه أن يوقف مقالاته دون جدوى، ووقف إلى جانب محمود شاكر عدد كبير من الأدباء وخاصة في مجلتي الرسالة والثقافة، وأسهموا في كشف أخطاء لويس عوض وخطاياه.