بين الأزمة العالمية والانهيار الاقتصادى.. هل تنقذ إجراءات الاتحاد الأوروبى لبنان؟
تتفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، يومًا بعد الآخر خاصة مع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار، وغياب الكثير من السلع الضرورية في الأسواق، حتى وصلت إلى أزمة الطحين مما ألقى بظلاله على عدم توفر رغيف الخبز للبنانيين.
يأتي ذلك وسط توقعات دولية بتدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان بحلول نهاية العام ما لم تتدخل الحكومة بحلول اقتصادية قادرة على حل الأزمات.
سعر الدولار يصل 40 ألف ليرة بنهاية 2022
وأصدر معهد التمويل الدولي تقريرًا بعنوان «تراكم التحديات»، والذي ضم نظرة متشائمة للأوضاع في البلد التي تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة منذ قرابة ثلاثة أعوام.
وارتكز التقرير على عدة فرضيات من بينها عدم قيام الحكومة بتطبيق الإصلاحات الضرورية المطلوبة، وذلك انطلاقًا من عدم الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة بعد البرلمان، مما سيترتب عليه إلغاء الاتفاق مع صندوق النقد، وسيتسبب في استنزاف احتياطات مصرف لبنان، وفي ارتفاع نسبة الدين إلى ما يفوق 200% من الناتج المحلي وبالتالي سيتم تصنيف لبنان كدولة فاشلة (Failed State)، كما هي حالة فنزويلا والصومال وسيريلانكا مؤخرًا.
ولفت التقرير إلى أنه في هذه الحالة سيكون خطر تفكك لبنان محتملًا بقوة، في ضوء توقعات تسجيل انكماش إضافي للناتج المحلي الإجمالي، وتدهور أكبر في سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي إلى 40 ألف ليرة، مع نهاية العام الحالي، وإلى 110 آلاف ليرة مع نهاية عام 2026.
تحذيرات من الشلل السياسي
وحذر التقرير من استمرار حالة الشلل السياسي التي يمر بها لبنان من أن تؤدي إلى تطبيق الإصلاحات المطلوبة لتحرير مساعدات مالية بقيمة تصل إلى 15 مليار دولار، على فترة 4 سنوات من المجتمع الدولي، بينها 3 مليارات من صندوق النقد، ونحو 12 مليار دولار كالتزامات من الدول المانحة في مؤتمر «سيدر».
توصيات دولية
وأوصى التقرير بضرورة الإسراع في تشكيل حكومة وفاق، تنأى عن الخلافات السياسية، من أجل تطبيق الإصلاحات اللازمة، ومن ضمنها التدابير التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق الدولي، ما سيعزز الثقة على الصعيدين المحلي والدولي.
وبالتالي عودة الاقتصاد إلى النهوض؛ حيث ترتفع توقعات النمو إلى 3% خلال العام الحالي، بدعم من حركة سياحية قوية، رغم استمرار ارتفاع معدل التضخم من 96% إلى 156%، بسبب تدهور سعر صرف الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار، وارتفاع أسعار المأكولات والمحروقات.
إجراءات أوروبية صارمة
وفي ظل استمرار المناكفة السياسية بين الطبقة الحاكمة في لبنان، أصدر الاتحاد الأوروبي قرارًا حاسمًا بتمديد التدابير التقييدية في البلاد، والتي من شأنها السماح بفرض عقوبات اقتصادية، وإجراءات منع من السفر لبعض الساسة اللبنانيين، الذين يعرقلون المسار السياسي في البلاد.
وقد تم إقرار هذه التدابير في 30 يونيو من العام الماضي، وبتمديدها فإن السياسيين اللبنانيين ما زالوا في دائرة الضوء لدى الاتحاد الأوروبي، لأخذ الإجراءات الحاسمة ضد من يواصل عرقلة المسار السياسي، بحسب صحيفة الأخبار اللبنانية.
وأكدت تقارير صحفية أن قرار التمديد يأتي في سياق محاولة الاتحاد الأوروبي تحذير الطبقة السياسية في لبنان بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة في تشكيل الحكومة، انتخاب رئيس الجمهورية في الموعد الدستوري، إجراء الإصلاحات المطلوبة والضرورية.
كما أكد التقرير، أن القرار أيضًا يعد وسيلة تعبير عن تضامن مع الشعب اللبناني بوجه الطبقة السياسية التي لم تقم بأي إجراء لصالح الشعب.
تبعات القرار
ووفقًا لمراقبين للوضع اللبناني، فإن القرار جاء لكي يحرك الماء الراكد، ويدفع حكومة تصريف الأعمال المؤقتة والمجلس النيابي المنتخب حديثًا، على العمل لحل أزمات المواطن، في ظل تفاقم أزمة الخبز والطحين.
وصوّت المشرعون اللبنانيون، على استخدام قرض من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار لسداد قيمة واردات القمح إلى البلد الذي يعاني من ضائقة مالية.
وتمثلت الأزمة في ارتفاع سعر ربطة الخبز التي تباع حاليًا بـ25 ألف ليرة، أي بزيادة 10 آلاف ليرة على السعر الذي حددته وزارة الاقتصاد، ووصل ثمنها إلى 30 ألف ليرة، وأدّى ذلك إلى أزمة خبز واستياء لدى المواطنين الذين اتجهوا نحو مناطق أخرى لتأمين الخبز تزامنًا مع عطلة نهاية الأسبوع.