آلو.. نحن نسمعكم: أطفال الإعاقة السمعية في انتظار العلاج
تُولي وزارة الصحة اهتمامًا كبيرًا بصحة الأطفال في مصر لتقوم مؤخرًا بإجراء مسح سمعي لأكثر من 2 مليون طفل حديثي الولادة، ضمن المبادرة الرئاسية للاكتشاف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع للأطفال.
ضعف السمع وفقدانه يهدد نسبة كبيرة من الأطفال في مصر وعلى مستوى العالم، إذ تصل نسبة لحديثى الولادة الذين يعانون من مشاكل السمع نحو 1.9% طفلًا، كما يوجد ضعف دائم في السمع عند أكثر من طفل واحد من كل 1000 خضعوا لفحوصات ضعف السمع، سواءً كانت لديهم أعراض أم من دون أعراض، بحسب دليل MSD الاسترشادي.
ضعف السمع يعرف بأنه فقدان حاسة السمع بشكل كلي أو جزئي في الأذنين أو أذن واحدة، نتيجة خلل في عضو من أعضاء الأذن كالأذن الوسطى، الأذن الداخلية، الأذن الخارجية، وأخيرًا عصب السمع ويتدرج المرض حسب الحالة والتشخيص بين بسيط وشديد وصولًا إلى الصمم الكلي، كما يشير مصطلح فقدان السمع "المسبب للإعاقة" إلى فقدان السمع بمقدار يزيد على 35 ديسيبل في الأذن الأقوى سمعًا.
من خلال هذه القصة العلمية تسلط “الدستور” الضوء على إعاقة ضعف وفقدان السمع الذي يهدد مختلف الفئات العمرية بدايةً من مرحلة المهد وصولًا إلى الشيخوخة، ورصد مدى تطور علاج تلك الإعاقة.
رحلة شاقة
في التاسعة صباحًا كان مئات وربما الآلاف من الأمهات ينتظرن بأولادهن في ساحة معهد السمع والكلام بالجيزة من أجل خوض رحلة التشخيص والعلاج لصغارهم، فها هى عبير حسن، 30 عامًا، تصطحب طفلها البالغ من العمر 4 سنوات إلى المعهد مرتين أسبوعيًا وأحيانًا ثلاثة، لحضورالجلسات العلاجية في المركز الحكومي: "عندما تمّ ابني 4 سنوات ولم يكن ينطق سوى بابا وماما، فقط بصعوبة علمت أن ثمة مشكلة لديه في الكلام والمخاطبة، حينها بدأت رحلة التشخيص التي كانت الأصعب على الإطلاق، وترددت على أطباء بمختلف تخصصاتهم ما بين المخ والأعصاب والنفسية وغيرها".
تضيف عبير لـ"الدستور": "أخيرًا وبعد نحو 3 شهور تقريبًا كان التشخيص هو ضعف في السمع بمستوى متوسط، وهو الذي يمكن علاجه من خلال الجلسات، إضافة إلى الاستعانة بمتخصص في التخاطب من أجل تسريع رحلة العلاج".
دراسة علمية
فى أبريل 2019، نُشرت دراسة على موقع "بلوس بيولوجي" عمل عليها باحثون منذ 2003 وحتى 2018، قاموا خلالها بدراسة التتابع الجيني عند فئران تمت إصابتها بالصمم، إذ حدد الباحثون الدراسة 38 من الجينات الكامنة وراء فقدان السمع والتي لم يكن يشتبه سابقًا في تورطهم بالإصابة، ليجدوا أن الجينات التي توصلت إليها الدراسة والآليات المرضية المتنوعة داخل الأذن الناتجة عن الطفرات تشير إلى أن فقدان السمع اضطراب غير متجانس للغاية قد يتسبب فيه قرابة 1000 جين متورط.
زراعة القوقعة تُعين مريض الصمم
مصطفى مهدي، مهندس أجهزة طبية وسمعيات، قال لـ "الدستور" إن الأجهزة الطبية السمعية تعين الحالات على السمع والتقليل من نسبة فقدان السمع، وهذا يمكن تحديده حسب حالة المريض، لكن في حالات فقدان السمع الشديد تعد زراعة القوقعة هي أحد الحلول حينها، إذ تحل محل الأجزاء التي لا تعمل في الأذن الداخلية، ويعمل الجهاز في المناطق التي لا يوجد بها خلايا شعرية حسية، على إثارة الألياف العصبية مباشرة بداخل القوقعة باستخدام نبضات كهربائية.
وأكد أن التدخل الجراحي لزراعة القوقعة ينقسم إلى مرحلتين: الأولى ترتبط بالجزء الداخلي وهو الزرعة أما الأخيرة فهى ترتبط بالجزء الخارجي وهو المعالج الصوتي، مشيرًا إلى أنه يتم وضع جهاز الزرعة تحت الجلد خلف الأذن والكترود (قطب) الزرعة في القوقعة، على أن يعمل معالج الصوت خارج الرأس فوق موضع الزرعة باستخدام مغناطيس، ويستقبل المعالج الإشارات الصوتية ويقوم بإرسالها الكترونيًا إلى الزرعة.
ويمكن أن نلخص عملية زراعة القوقعة بحسب مهندس الأجهزة الطبية والسمعيات، إلى أنها تُحفز العصب السمعي الذي يقوم بدوره بإرسال المعلومات الصوتية إلى المخ، وتُغطى المصفوفات القطبية بالسليكون الطبي ويُستخدم السيراميك والتيتانيوم الطبي للحالة وجميع المواد ملائمة حيويًا بما يعني أن الجسم قادر على تحملها بشكل آمن.
مليارا ونصف شخص مهدد بضعف السمع
ووفقًا لآخر تقديرات منظمة الصحة العالمية في مارس 2021 فإن أكثر من 430 مليون شخص في أنحاء العالم يعانون من ضعف في السمع، وقد يرتفع هذا العدد إلى نحو 700 مليون بحلول 2050، غالبيتهم في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، فضلاً عما يقرب من 2.5 مليار شخص سيواجهون خطر فقدان السمع بحلول 2050.
يزداد معدل انتشار فقدان السمع مع تقدم العمر، ويعاني أكثر من 25% ممن تتجاوز أعمارهم 60 عامًا من فقدان السمع المسبب للإعاقة، ويعيش نحو 80٪ من الأشخاص المصابين بفقدان السمع المسبب للإعاقة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وتشير تقديرات المنظمة إلى أن فقدان السمع غير المعالج يكلف العالم سنوياً 980 مليار دولار أمريكي، ويشمل هذا الرقم تكاليف قطاع الصحة فقط بدون تكاليف أجهزة السمع، تكاليف الدعم التعليمي، فقدان الإنتاجية والتكاليف المجتمعية، وتتكبد 57% من هذه التكاليف البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وكشفت دراسة أن الجينات التي تم اكتشاف علاقتها بفقدان أو ضعف السمع قد توفر فرص علاجية جديدة، هذا يعني إمكانية اكتشاف آليات علاجية جديدة من الممكن أن تُستخدم لعلاج الصمم، لاسيما لدى البالغين الذين فقدوا السمع جراء التقدم في العمر.