خبراء سياسيون يكشفون لـ«الدستور» حصاد زيارة الرئيس فى جدة وبرلين وصربيا
مثلت جولات الرئيس عبدالفتاح السيسي ولقاءاته المستمرة بقادة دول المنطقة والعالم، الأيام الماضية، دفعة قوية لعلاقات ونفوذ مصر على المستوى الإقليمي والدولي، خاصة فيما يتعلق بملف الطاقة، حيث بزرت القاهرة كقوة مؤثرة في ملف الغاز في ظل أزمة الطاقة العالمية التي تعصف بالعالم، وجاءت مشاركته في قمة جدة للأمن والتنمية ولقاؤه الرئيس الأمريكي جو بايدن، ثم زيارته لألمانيا وصربيا ولاحقا فرنسا لتدعم هذا التوجه.
وفي هذا السياق أكد خبراء وسياسيون تحدثت إليهم "الدستور"، أن الرئيس السيسي يقود تحركات خارجية قوية من أجل تعزيز قوة ومكانة مصر على الساحة الإقليمية والدولية.
** الشويمي: جولات السيسي تهدف لدعم النمو الاقتصادي
بداية قال السفير إبراهيم الشويمي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن حصاد جولات الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الأسبوع الماضي، والتي بدأت بحضور قمة جدة وانتهت في صربيا، تهدف إلى دعم العلاقات الاقتصادية مع تلك البلدان، وتعزيز روابط العلاقات مع هذه الدول.
وأشار “الشويمي” إلى أن قمة جدة لها طابع هام ومذاق سياسي مميز، بسبب وجود الرئيس الأمريكي جو بايدن للمرة الأولى منذ توليه المنصب في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى حضور القادة العرب وعلى رأسهم الرئيس السيسي ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي والعاهل الأردني عبد الله الثاني بجانب قادة دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضاف “الشويمي” أن القمة أظهرت الموقف الأمريكي من دول الشرق الأوسط، وأظهرت أهمية ومدى التقارب العربي الخليجي أمام القطب الأمريكي، مشيرا إلى أن القمة تحولت لصالح شعوب المنطقة، لكن المعنى الحقيقي لأهمية القمة تكمن في الجلسات المغلقة التي تمت والتي شكلت تحالفاً كبيراً ووعوداً كثيرة.
وعن زيارة الرئيس السيسي ألمانيا، أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن الزيارة أكدت دعم العلاقات السياسية بين البلدين، فهي علاقات مميزة ويربط البلدين علاقة صداقة كبيرة على مدار الأعوام الماضية، كما دعمت ألمانيا الموقف المصري من خلال القضايا الفلسطينية والليبية وحل الأزمة في البلاد، وبجانب هذا تسهم زيارة برلين في تناقل الخبرات بين البلدين في العديد من الصناعات الفنية والعسكرية والهندسية.
كما دعا الرئيس السيسي الدولة الأوروبية إلى دعم الدول الأفريقية في قمة "كوب 27" التي سيتم عقدها في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ، وتقديم المساعدات لهذه الدول لمكافحة تغييرات المناخ.
أما عن صربيا، فقد أشار “الشويمي” إلى أن تعزيز العلاقات مع صربيا وزيارة الرئيس السيسي لها من القرارات المهمة لدعم الاقتصاد والاستثمارات الأجنبية في البلاد، مشيرا إلى أن الزيارة مهمة ودقيقة، حيث تربط مصر وصربيا علاقات سياسية واقتصادية مهمة، كما استعادت الزيارة دعم الاقتصادات القومية.
** جهاد عودة: مصر لاعب إقليمي أساسي
وبدوره، قال الخبير السياسي وأستاذ العلوم السياسية جهاد عودة، إن جولات الرئيس السيسي مؤخراً، التي من بينها قمة جدة وزيارة برلين وصربيا، أدخلت مصر كلاعب إقليمي أساسي، داخل قوى عسكرية كبرى.
وأشار عودة إلى أن حضور الرئيس السيسي قمة جدة، كان له دور حيوي وكبير فيما يتعلق بالأمن الخليجي، وذلك من خلال التأكيدات الخليجية بأن حضور مصر والعراق والأردن القمة لأنهما مرتبطان بالخليج في المصير.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن زيارة الرئيس السيسي لبرلين هي محاولة مصرية لتعويض الألمان عن الغاز الروسي بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية الأخيرة، مؤكدا أن الزيارة نجحت في تحقيق أهدافها، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، والذي يعد من أهم وأبرز المجالات والمتداولات الأمنية بين البلدين.
أما عن توجه السيسي إلى صربيا، أكد “عودة” أن الزيارة نجحت في تحقيق أهدافها وتعزيز مجالات التعاون بين البلدين، مشيرا إلى أن صربيا منحت السيسي الدكتوراه الفخرية، وهي جائزة ثمينة وعالية القيمة ومهمة، ولا يتم منحها إلا لمن قام بتأسيس شيء مهم أو وضع تصور جديد للإنسانية، وبالفعل نجح السيسي في ذلك.
** مختار غباشي: زيارات السيسي تشكل تحالفات قوية
من جانبه، قال نائب مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية مختار غباشي، إن زيارة الرئيس السيسي لجدة وبرلين ثم صربيا، تعد شكلا من أشكال التحالفات والتمحور الجديد للعلاقات المصرية مع الدول الخارجية.
وأضاف غباشي، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي استطاع من خلال قمة جدة واجتماعه مع دول مجلس التعاون الخليجي بجانب والعراق والأردن، أن ينقل وجهة النظر المصرية بالقضايا المرتبطة بمنطقة الشرق الاوسط.
أما بالنسبة للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن بدول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن، قال “غباشي” إن بايدن جاء لمنطقة الشرق الاوسط بأجندة معينة يريد أن يمررها مرتبطة بالغاز والنفط الحفاظ على المال العربي ومحاولة تمكين إسرائيل بشكل تحالفات مع العالم العربي ضد إيران، وهو الامر الذي فشل في تنفيذه.
ولفت “غباشي”، إلى أن التحالف العربي رفض التعاون مع إسرائيل ضد إيران، لكن أتت زيارة بايدن إلى المنطقة لتعزيز العلاقة الاستراتيجية مع الخليج العربي ودول المنطقة.
وأشار غباشي إلى أن كلمة الرئيس السيسي في قمة جدة للأمن والتنمية كانت كلمة جامعة وواضحة خصوصا بما هو مرتبط بالرؤية المصرية للعديد من القضايا.
أما عن زيارة السيسي إلى برلين، أوضح نائب مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنها مرتبطة بالدعوة التي وجهت اليه من قبل المستشار الألماني لحضور قمة بيترسبرج بشأن المناخ، والتبادل مع المستشار الألماني رئاسة اليومين الخاصة بهذا المؤتمر في حضور 40 دولة، وهناك أيضا مخرجات من هذا المؤتمر تستطيع أن تستفيد منها مصر في المؤتمر القادم "كوب 27" في نوفمبر القادم.
وأكد غباشي أن زيارة الرئيس إلى برلين بشكل أو بآخر هي تعزيز لخصوصية العلاقة المصرية الألمانية، وذلك من خلال تعزيز العديد من الشراكات الاقتصادية والاستثمارية، ناهيك عن التعاون العسكري.
أما عن زيارة صربيا فأكد غباشي أنها زيارة مختلفة، وبمثابة إطار جديد وشكل وتمحور جديد للسياسية المصرية الخارجية، حيث تمتد العلاقات المصرية الصربية إلى 114 عاماً من وقت اعتماد الخديو عباس حلمي الثاني إلى سفير صربيا في مصر 1908، كما أن العلاقات بين مصر وصربيا بدأت في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، باعتبار أن كلتا الدولتين من مؤسسي حركة عدم الانحياز، وتعتبر زيارة الرئيس السيسي إلى صربيا هي الأولى منذ 35 عاما، وشهدت توقيع مذكرات تفاهم لتكون بمثابة شكل جديد من أشكال العلاقات التي تسفيد منها مصر مستقبلا على النطاق الدولي والإقليمي.
** علي الحفني: جولة السيسي تعكس نشاط السياسة الدبلوماسية للرئاسة
من جهته قال السفير علي الحفني نائب وزير الخارجية الأسبق، إن الرئيس السيسي قام بجولة في غاية الأهمية، وهي جولة متعددة الملامح تبرز وتعكس مدى نشاط السياسة الخارجية والدبلوماسية الرئاسية.
وأوضح الحفني، أن السيسي شارك في قمة جدة للأمن والتنمية مع قادة مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن الرئيس الأمريكي جو بايدن وزعماء العراق والأردن، مشيرا إلى أن كلمة الرئيس السيسي بالقمة قدمت مقاربة تتكون من خمسة محاور مهمة تصف الوضع في المنطقة في الوقت الحاضر ومستقبلا، حيث عرضت كلمة الرئيس القضايا التي تمثل الهوية الوطنية وبصفة خاصة الأمن الإقليمي ومشاكل المياه في القارة الأفريقية، وكيفيه التعامل معها في المستقبل.
وأضاف نائب وزير الخارجية الأسبق أن قمة جدة شهدت موقفا عربيا موحدا فيما يتعلق بأهم الأوضاع في المنطقة، مؤكدا أن خطاب الرئيس السيسي كان محل تقدير على كافة الأوساط الإقليمية والدولية.
وأوضح الحفني أن لقاء الرئيسي السيسي ونظيره الأمريكي تناول عدة قضايا، فضلا عن العلاقات الثنائية بين البلدين والأوضاع الإقليمية، كما كان البيان المشترك بين الجانبين واضحا، حيث شدد السيسي على مشكلة وملف سد النهضة، حيث تم طرحه في إطار مشاكل المياه في المنطقة وصلتها بقضايا تعير المناخ.
واعتبر نائب وزير الخارجية الأسبق أن زيارة الرئيس إلى برلين، تأتي في إطار استعدادات مصر لاستضافة قمة المناخ "كوب 27"، بجانب مشاركته المهمة في حوار بيترسبرج والتي ستسهم في الاعداد الجيد لقمة المناخ بشرم الشيخ.
وأوضح الحفني أن السيسي التقي مع لفيف من كبار المسئولين في الدولة الألمانية على رأسهم المستشار الألماني أولاف سولتش، وعكس اللقاء مدى التفاهم العميق القائم بين البلدين في عدد من القضايا بما فيها أمن الطاقة وأمن الغذاء، كما أن مشاركة السيسي في حوار بيترسبرج يعتبر فرصة لطرح موقف مصر ورؤيتها التي تعبر عن موقف إفريقي وموقف الدول النامية في قمة المناخ بشرم الشيخ والتي تستضيفها مصر تستضيفها نيابة عن الدول النامية وتعكس التوجه الجديد المتمثل في انخراط مصر في القارة الإفريقية بشكل كبير لا سيما أن قضايا المناخ تعتبر تهديدا للبيئة والاقتصاديات الإفريقية، وقد تناول السيسي هذا الأمر بشكل عميق وجاد.
وحول زيارة الرئيس السيسي لصربيا، قال الحفني إن مصر وصربيا تجمعهما علاقات مشتركة، مؤكدا أن العلاقات بين البلدين تحمل آفاقا كبيرة للتعاون في المستقبل، ناهيك عن الإمكانات المتاحة لكلا البلدين، والتي تدعم تشكيل علاقات مثمرة ومفيدة للجانبين، ولهذا عكست زيارة السيسي لبلجراد مدى الإرادة السياسية لكلا البلدين للانتقال بالعلاقات الثنائية لآفاق أرحب وأوسع المرحلة المقبلة.