القمص يوحنا نصيف: بنوّتنا لله هي بنوّة حقيقيّة بالتبنّي وليست اعتبارية
خصص القمص يوحنا نصيف راعي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بولاية شيكاغو، بالولايات المُتحدة الأمريكية، مقاله الأحدث في العدد الأحدث من مجلة «الكرازة» الناطق الرسمي باسم كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس الكبرى بالعباسية، تحت شعار: «كيف نعيش كأبناء لله؟».
وقال: «معروفٌ أنّ بنوّتنا لله هي بنوّة حقيقيّة بالتبنّي، وليست بنوّة اعتباريّة، والتبنّي هو اتّخاذ الشخص طفلاً ابنًا له، وهو ليس بابنٍ له في الأصل. فهو لم يكُن من العائلة، وليس ابنًا بالجسد، ولكنّه يصير ابنًا رسميًّا بالتبنّي، وعضوًا في العائلة، وتبعًا هذا، يصير للمُتَبَنَّى اسم جديد وحقوق وكرامة وميراث، بمعنى أنّي لو تبنّيت طفلاً يصير ابنًا رسميًّا لي؛ فأعطيه اسمي واسم عائلتي، ويعيش في بيتي، ويأكُل على مائدتي، ويكون له كلّ حقوق البنوّة من حُبّ ومشاركة وميراث».
وأضاف: «أمّا البنوّة الاعتباريّة، فلن تزيد عن الاهتمام والمحبّة والتقدير لشخص أعتبره مثل أبنائي، ولكنّي لا أعطيه اسمي ولا يشاركني في حياتي ولا ممتلكاتي، من هنا نفهم إنّ نعمة التبنّي الموهوبة لنا من الله هي نِعمة نصير بها نحن العبيد أبناءً، وهي هِبة مُتاحة لكلّ من يقبل المسيح إلهًا ومخلِّصًا ومَلِكًا له: «وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ وُلِدُوا»، وهذا يتمّ بالإيمان والمعموديّة».
وتابع: «بالمعموديّة نولَد من جديد، ونتّحد بالمسيح على مثال موته وقيامته، ويتمّ غرسنا في جسد المسيح، فنصير أبناءً لله في المسيح الابن الوحيد.. ويؤكِّد لنا هذا القدّيس بولس الرسول مرّاتٍ عديدةً: «فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ.. بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ».. «إِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ».. «إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ».
وأكمل: «أعيش البنوّة لله عمليًّا من خلال توبتي، وهي الرجوع لحضن أبي، والتمتُّع بأحضانه وقبلاته، واستعادة الشركة الكاملة معه، أسكُن معه، وآكل من خبز البنين على مائدته، وأفرح معه، ومن خلال سلوكي، فيلزمني أن أكون مُنقادًا بروح أبي، مُكمِّلاً القداسة في خوف الله، مهتمًّا بعمل الصلاح كلّ حين، حتّى عندما يرى الناس أعمالي الحسنة يمجّدون أبي الذي في السموات، فلا ينبغي فقط أن أفتخر ببنوّتي لله، بل أسعى أن يفتخر أبي بي أيضًا، ويقول عنّي: هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرتُ».
وواصل: «وأيضًا من خلال مستقبلي، فليس لي هنا مدينة باقية، بل لي مدينة سماوية وملكوت مجيد هو ملكوت أبي، ولي ميراث لا يفنى ولا يتدنّس ولا يضمحلّ محفوظ لي في السماء، فلن أضع رجائي في هذا العالم، ولن أدخل أبدًا في صراعات من أجل مكاسب أرضيّة، بالإضافة إلى عيوبي، فلن ينجح الشيطان في إقناعي بأنّي مكروه من الله لسبب عيوبي، فالله هو أبي وأنا ابنه، واسمه دُعِيَ عليّ، وهو يحبّني جدًّا، اشتراني بأغلى ثمن، ولن يفرِّط فيّ، وروحه يعمل فيّ بقوّة، لكي يُنَقّيني ويُجَمِّلني لأصير مشابهًا لصورة ابنه الوحيد، وأنا بدوري مهما كنتُ ضعيفًا، سأجاهد في طريق التوبة، متجاوبًا مع عمل روحه القدّوس في داخلي».
واختتم: «كل ذلك يضاف إلى شهادتي لأبي، لأنه إن كان الله قد أعطاني نعمة التبنّي له، لأكون عضوًا في جسد ابنه، وشريكًا لطبيعته الإلهيّة، وسفيرًا له في هذا العالم، فيلزمني أن أشهد له بكلّ قوّتي في أفعالي وأقوالي، وأُكرِم وصاياه فوق كلّ اعتبار، كارزًا بمحبّته وخلاصه وملكوته».