يسرى المغازى: دعوة المعارضة للحوار الوطنى تغيّر كبير فى المجال السياسى سيجنى الجميع ثماره
قال النائب يسرى المغازى، رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، إن الاجتماع الأول لمجلس أمناء الحوار الوطنى جاء مبشرًا للغاية، بعدما نجح فى وضع الأسس والمعايير اللازمة لتنظيم جلسات حوار يمكن فيه طرح جميع القضايا بشفافية ودون أى تحفظات، معتبرًا أن استضافة الأكاديمية الوطنية للتدريب جلسات الحوار تعد «ضربة معلم»، نظرًا لما تحظى به الأكاديمية من استقلالية وكفاءة.
وأضاف «المغازى»، فى حواره مع «الدستور»، أنه على المشاركين فى الحوار الوطنى أن يخرجوا بحلول قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وتراعى ظروف الدولة والمستجدات على الساحة العالمية، معربًا عن تمنياته بأن تعزز المخرجات من دعائم بناء الجمهورية الجديدة.
■ بداية.. ما تقييمك للجلسات الأولى من الحوار الوطنى التى بدأت باجتماع مجلس الأمناء؟
- بداية الحوار الوطنى موفقة جدًا، واجتماع مجلس الأمناء كان متميزًا لأنه وضع الأسس والمعايير اللازمة لإقامة البناء، من خلال لائحة مجلس أمناء الحوار الوطنى، وغيرها من الأمور التنظيمية التى تضمن نجاح الحوار.
ولذلك، استغرقت مناقشة اللائحة نحو ٦٠٪ من مدة الاجتماع الأول، الذى استمر أكثر من ٧ ساعات، وأسفر عن مخرجات عظيمة تضمن سير قطار الحوار الوطنى فى مساره الطبيعى، للوصول إلى محطته النهائية بنجاح، وبمنتج جيد.
وتضمنت اللائحة آليات عمل مجلس الأمناء، وتنظيم المناقشات خلال جلسات اللجان النوعية، ووضعت العديد من القواعد التنظيمية والشروط والمحاور وأجندة الحوار المختلفة، التى انقسمت إلى ملفات سياسية واقتصادية واجتماعية.
وكل ذلك يعبر عن نجاح عظيم، ويؤكد حسن اختيار مجلس الأمناء الذى جاء معبرًا عن معظم مكونات المجتمع المصرى، كما أن مخرجات جلسته الأولى جاءت بالتراضى، مع الاتفاق على مدونة سلوك يلتزم بها الجميع، وهو أمر يدعو للتفاؤل والأمل، ويعبر عن بداية جادة لطرح جميع قضايا الشأن العام بشفافية ودون تحفظات أو قيود خلال الجلسات المقبلة.
■ كيف رأيت تشكيل مجلس الأمناء؟
- مجلس الأمناء دليل على أنه تم اختيار شخصيات التشكيل بعناية شديدة، بحيث يمثل المجلس كل أطياف ومكونات وفئات الشعب، لذا وجدنا ممثلين عن البرلمان، وخبراء فى كل المجالات، مع وجود اقتصاديين وحقوقيين وعاملين فى منظمات العمل الأهلى والمجتمع المدنى وأساتذة جامعات وممثلين عن مؤسسات مختلفة ووزراء سابقين.
والجميل فى كل ذلك أن الاختيار تم بناءً على الكفاءة والخبرة، خاصة أن مجلس الأمناء يناط به الخروج بثمار الحوار ومنتجه النهائى، لوضعه أمام صانع القرار، كى يتحوّل المنتج إلى قرارات وتشريعات.
■ ما تقييمك لتفعيل لجنة العفو الرئاسى مجددًا؟
- اللجنة قامت بعمل متميز خلال الفترة الماضية، ودرست ملفات كثيرة، ولعبت دورًا وطنيًا عظيمًا أسفر عن الإفراج عن أكثر من ٥٠٠ شخص، ممن سُجنوا فى قضايا الرأى وحرية التعبير، خرج نحو ٦٠ منهم قبل عيد الأضحى المبارك، الأمر الذى يعكس التوجه لتعزيز المشاركة وإتاحة الفرصة لمختلف الرؤى الوطنية والخبرات الفنية للعمل من أجل المستقبل.
■ ماذا عن اختيار منسقى الحوار وتكليف الأكاديمية الوطنية للتدريب باستضافة الجلسات؟
- اختيار الكاتب الصحفى ضياء رشوان، نقيب الصحفيين، منسقًا عامًا للحوار الوطنى، والمستشار محمود فوزى، الأمين العام للمجلس الأعلى للإعلام، رئيسًا للأمانة الفنية، هو اختيار صادف أهله، فى ظل تمتع الاثنين بحُسن السمعة والكفاءة والاستقلالية، وعدم الانتماء لأى فصيل سياسى أو الميل لأى من الأحزاب.
ولذلك، كان اختيار الاثنين عند حسن ظن الجميع، أغلبية ومعارضة، وحتى بين الخبراء والشخصيات العامة، خاصة أن كليهما مشهود له بالكفاءة فى كل المهام التى أُسندت إليه من قبل، مع حُسن التنظيم والخبرة.
أما إسناد استضافة الحوار الوطنى إلى الأكاديمية الوطنية للتدريب فهو ضربة معلم، لأنها تمثل الاستقلالية والشفافية، وتعد ضمانة رئيسية لنجاح الحوار، خاصة أنها تتمتع بسمعة طيبة، وتنال ثقة كل الأطياف السياسية والأحزاب، وتضم كفاءات وخبرات كبيرة، على رأسها الدكتورة رشا راغب، المدير التنفيذى للأكاديمية، التى تلعب دورًا كبيرًا فى تأهيل كوادر وقادة المستقبل.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن دور الأكاديمية فى التثقيف والتدريب له مغزى، ويعد مؤشرًا على احتياج الجميع لضبط الجودة، لأن الحوار يعتمد على توسيع قاعدة المشاركة، ودعوة ممثلى جميع فئات المجتمع، فى إطار تدشين مرحلة جديدة فى المسار السياسى للدولة المصرية، والسير نحو جمهورية جديدة تقبل الجميع.
والأكاديمية تلعب حاليًا دورًا كبيرًا فى التنسيق بين الفئات المختلفة المشاركة فى الحوار، دون التدخل فى المضمون أو محتوى ما يجرى مناقشته، لإفساح المجال أمام حوار وطنى جاد وفعال، وجامع لكل القوى والفئات، بما يتماشى مع طموحات وتطلعات القيادة السياسية، والقوى المختلفة.
وبناءً على ذلك، سيكون الحوار الوطنى خطوة فى غاية الأهمية، تساعد على تحديد أولويات العمل فى المرحلة المقبلة، وتدشين جمهورية جديدة تقبل بالجميع، ولا يمكن فيها أن يفسد الخلاف فى الرأى للوطن قضية، بالإضافة إلى كونه يحقق المصداقية، ويدشن لمرحلة جديدة فى المسار السياسى للدولة المصرية، بعد أن عبرت جميع التهديدات والمخاطر الأمنية فى السنوات الماضية.
■ كيف تُقيّم دعوة المعارضة للحوار الوطنى وردود الأفعال حول هذه الدعوة من القوى المختلفة؟
- توجيه الدعوة لكل الأحزاب والنقابات المهنية والعمالية ووسائل الإعلام والمختصين للمشاركة فى الحوار يعبر عن تغيّر كبير فى المجال السياسى، وهو أمر محمود، يحسب للرئيس عبدالفتاح السيسى، وسيجنى الجميع ثماره قريبًا.
كما أن انتقال الحوار من محيط النخبة إلى الشارع، وعدم قصره على أهل القاهرة فقط، والاستماع لآراء جميع المواطنين فى كل محافظات الجمهورية، هو أمر مهم، لأنه يسمح بتقديم حلول للمشكلات يمكن تطبيقها على أرض الواقع، لأن الوزراء والمسئولين بحاجة للاستماع لآراء الغير، سواء من المختصين أو من غيرهم، ومشاركة المعارضة تسمح بالخروج بحلول يمكن تنفيذها وفق برامج زمنية ومسئوليات محددة، مع متابعة التنفيذ على أرض الواقع.
وأرى أنه على المعارضة استغلال الظرف الراهن لتثبت أنها تعمل من منطلق وطنى، وبأجندة وطنية تدعم الدولة والقيادة، لتصبح جزءًا من حوار حقيقى يعمل على تقديم الحلول الفاعلة لمصلحة الجميع.
وعلى كل مصرى وطنى أن يدعم بقوة خطوات الرئيس السيسى التى يتخذها من أجل تحقيق الرخاء والازدهار لمصرنا الحبيبة، ويجب على الجميع، أغلبية ومعارضة، إعلاء المصالح الوطنية، والتركيز على القضايا التى تخدم أبناءه، خاصة أن الحوار الوطنى خطوة جادة على طريق المشاركة الفاعلة لكل القوى فى النهوض بالوطن، ليكون ذلك منهج التعامل فى المرحلة المقبلة.
وأعتقد أن الجميع لاحظ ردود الأفعال الإيجابية على الدعوة للحوار، وظهر ذلك فى استجابة كل القوى والفصائل والأحزاب والشخصيات العامة ومؤسسات المجتمع المدنى، الأمر الذى يؤكد ثقتها الكبيرة فى جدية وصدق من وجه إليها الدعوة للحوار، لأن الجميع يعلم أن الرئيس السيسى لا يتطلع إلا لمصلحة الوطن والحفاظ على أمنه القومى، ولا يبتغى من هذه الخطوة إلا مستقبل البلاد وتوفير الحياة الكريمة لشعبها العظيم.
والنقطة المهمة أيضًا هى أن تلك الاستجابة الواسعة من الأحزاب والقوى، على اختلاف رؤاها وأفكارها، توضح مدى وطنيتها، واحترامها للوطن، وإعلائها مصلحته العامة وجعلها فوق كل اعتبار، وفوق المصالح الحزبية الضيقة، والمكايدات السياسية، وهذا يؤكد نيتها الصادقة للعمل على مواجهة التحديات.
والمشهد ككل يؤكد، بما لا يدع مجالًا للشك، أن الجميع على استعداد للتعاون، والعمل بروح الفريق، مع عدم السعى للمغالبة، لأن الهدف فى النهاية يستحق تعاون الكل وتنازل الجميع عن المصلحة الخاصة تحقيقًا للصالح العام.
■ ما الذى ترجوه شخصيًا من هذا الحدث السياسى الكبير؟
- أتمنى أن تكون مخرجات الحوار الوطنى قابلة للتطبيق العملى على أرض الواقع، وأن يراعى المشاركون فيه ظروف الدولة، والمستجدات التى تحيط بها، والتحديات والظروف العالمية، كما أتمنى أن تكون المخرجات داعمة لبناء الجمهورية الجديدة، التى تقوم على أسس رئيسية منها تعزيز مبادئ الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص وإرساء سيادة القانون واحترام الدستور.
■ أخيرًا.. بصفتك رئيسًا للجنة الشئون العربية بالبرلمان، كيف تُقيّم سياسة مصر الخارجية فى عهد الرئيس السيسى؟
- بكل تأكيد هناك نجاح كبير للسياسة الخارجية المصرية فى عهد الرئيس السيسى، وخلال السنوات الـ٨ الماضية عادت مصر إلى مكانتها الإقليمية والدولية والعربية والإفريقية، كدولة ذات تأثير وثقل، ونفذت سياسة تقوم على التوازن مع كل القوى الدولية المؤثرة، سواء الولايات المتحدة أو أوروبا أو روسيا أو الصين، وهو ما انعكس على الجوانب الاقتصادية وجذب كثيرًا من الاستثمارات إلى مصر.
كما نجحت مصر فى تنويع مصادر التعاون، العسكرى والاقتصادى والسياسى والدبلوماسى، مع مختلف دول العام، وتبنت سياسة مختلفة تجاه إفريقيا تؤسس لمستقبل مشرق مع دول القارة، بعدما وطدت علاقتها بمعظم الدول الإفريقية بعد سنوات من الإهمال، ونجحت فى إنهاء قرار الاتحاد الإفريقى بتعليق النشاط المصرى بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ما مثّل نقطة انطلاق مهمة للوجود الدبلوماسى المصرى على الساحة الإفريقية.
وبعد فترة من الفتور فى العلاقات المصرية- الإفريقية، منذ محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى أديس أبابا، عادت السياسة المصرية تجاه القارة إلى سابق عهدها، وأصبحت مصر تتمتع بثقل كبير داخل الاتحاد الإفريقى، وعلاقات متميزة مع دول إفريقيا كلها، وبالخصوص دول حوض النيل ووسط القارة.
وفى إطار ذلك، قام الرئيس السيسى بزيارات مباشرة لعدد من الدول، التى لم يزرها رئيس مصرى من قبل، وبدأ عهدًا جديدًا معها، كما زار دولًا مثل السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا وجيبوتى ورواندا والكونغو الديمقراطية وتشاد وكوت ديفوار وغينيا الاستوائية والجابون وزامبيا وأنجولا وجنوب إفريقيا، وغيرها.
أما عن العلاقات مع العرب، فأعتقد أن الأمور لا تحتاج إلى كلام كثير، لأن ما يحدث على أرض الواقع معروف ومحسوس، وفى كل يوم تستقبل القاهرة ملكًا أو رئيسًا أو أميرًا أو مسئولًا عربيًا، ومعظم الزعماء العرب زار مصر فى الآونة الأخيرة، كما أن الرئيس السيسى أجرى زيارات متعددة للدول العربية من المحيط إلى الخليج، ووثق العلاقات مع الأشقاء العرب، خاصة أن العلاقات بيننا أبدية وأخوية ومبنية على الاحترام والمساندة، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للآخرين.