الأب أنطوان ملكي: الكنيسة لا تدين «المثليين» المعترفين بضعفهم
قال الأب أنطوان ملكي، من كنيسة الروم الأرثوذكس: «إنه فيما في العالم ضجة كبيرة حول القرار التاريخي للمحكمة العليا في الولايات المتحدة إلغاء ما كان يُعرف بقانون رو ضد ويد، الذي اجتهدت عليه واستغلته كل المجموعات الداعمة لفلتان الإجهاض منذ 1973، فإن قراراً آخراً صدر عن محكمة منطقة وسط كاليفورنيا وهو مهم جداً بالنسبة للأرثوذكسيين الملتزمين بالتقليد والذين يحفظون الإيمان الأرثوذكسي من دون خلط مع تيارات الانحراف التي تجتاح الغرب الأمريكي والأوروبي والأوكراني».
وأضاف في تصريح له: «الواقع أن هذه التيارات تشكّل ضغطاً ليس فقط على المؤمنين في تلك البلاد، وهم يتكاثرون؛ لأن حيث تكثر الخطيئة تكثر النعمة، بل هي تصل إلينا عبر بعض الأبواق التي تضع في رأس اهتماماتها التصويب على كل ما هو تقليدي من دون أن توفر أي أسلوب رخيص في التعبير كالهزء والتحقير والتباهي بالتفلّت من منطق الحق والحياة، وذلك على غرار القضية التي أقيمت ضد الأب يوشيا ترينهام كاهن أرثوذكسي منذ العام 1993، وراعي كنيسة القديس أندراوس الأرثوذكسية الأنطاكية في ريفرسايد، كاليفورنيا».
وتابع: «الدعوى التي ربحها الأب يوشيا، كان قد تقدّم بها مع خوريته كاترين وجمعية الخدمة المسيحية الأرثوذكسية، وكنيسة القديس أندراوس ضد الناشط لحقوق المثليين، بيتر سانفيليبو المعروف بـِ«جياكومو»، ومعه المدونة الإلكترونية «الأرثوذكسية في الحوار»، فحوى التهمة هي تشويه السمعة، من خلال عدد كبير من المقالات التي تهاجم الأب يوشيا وعائلته ورعيته وخدمته وكنيسته وأبرشيته وحتى مطرانه وبطريركه، وبعض هذه الكتابات هي رسائل موجهة إلى الميتروبوليت جوزيف مطران أميركا الشمالية، وفيها دعوات لإيقاف وتجريد الأب يوشيا، وتسلّم الدفاع عن الأب يوشيا مجموعة توماس مور القانونية، وهي ذات خبرة في الدفاع عن مواقف المسيحيين في وجه التيارات الدهرية التي تجتاح الولايات المتحدة، ولها نجاحات باهرة في هذا الإطار».
وأكمل: «قضت المحكمة بتعويض قدره 300 ألف دولار ضد سانفيليبو، لنشره بيانات واتهامات كاذبة وخبيثة وتشهيرية تتعلق بالأب يوشيا ورعيته وخدمته، ومضايقة عائلته، كما أمر الحكم بإزالة 18 مقالاً عن المدونة، صدر الحكم في 23 مايو 2022، ومدونة «الأرثوذكسية في الحوار»، هي مدونة أخذت في استفزاز التقليديين بشكل خاص، والأرثوذكسيين بشكل عام، وتسعى هذه المدونة إلى التسويق للفكر المثلي ومهاجمة الكنيسة الأرثوذكسية التي لا تُجاري «الكنائس» في تشريع المثلية ومباركة زواج المثليين».
وتابع: «المثلية في أميركا ليست جرماً يحاسب عليه القانون؛ بينما في عدد غير قليل من البلدان لم تزل ممارسة المثلية جريمة على الرغم من الجهد والمال الذي تصرفه الأمم المتحدة ومشتقاتها والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والجمعيات التي تعيش على مساعدات هذه الدول والمنظمات، بينما الكنيسة الأرثوذكسية ليست معنية بالقوانين المدنية ومَن يريد أن يدافع عن الأرثوذكسية لا ينبغي أن يحاول استغلال هذه القوانين ولا بالاجتهادات التي تبرر أو تدين، يفتقدنا الرب بنجاحات بين الحين والآخر كي نستمر، والحرب طويلة، موضوع المثلية هو ببساطة صراع بين الطبيعي وما هو ضد الطبيعة، ضد الطبيعة قادر على تسخير العلم والسياسة والاقتصاد وحتى الأمن؛ لتحقيق مقاصده أما الطبيعة فتترك كل شيء يسير بالحرية التي أعطاها له الله».
وأردف: «الكنيسة الأرثوذكسية، من جهتها، تتمسك بالتعليم التقليدي في معالجة موضوع المثلية وإدانتها كممارسة واعتبارها ضعفاً كَمَيل، بينما هي لا تدين المثلي إلا متى أصرّ على عدم الاعتراف بضعفه، من هنا أن كل ما يسمى بـ«اللاهوت المثلي» مع تعدد نسخاته وصولاً إلى «لاهوت الانحراف» هو مرفوض في الكنيسة الأرثوذكسية، وذلك لكون العائلة أهم مكونات البنية التحتية للطبيعة، سعى الشرير ويسعى إلى اختراقها، على هذا الأساس ينبغي قراءة رسالة المجمع الأنطاكي حول العائلة، والنشاطات المرافقة التي نظمها المركز الأنطاكي للإعلام، والعظات التي صدرت مؤخراً عن صاحب السيادة الياس مطران بيروت وغيره من الآباء، ومجمل ما يُكتَب في كنيستنا ولو كان خجولاً».
واختتم: «أن ما تواجهه البشرية ليس ابن ساعته بل هو وضعٌ تمّ التحضير له على مدى سنوات عن طريق استغلال وتغيير فحوى عناوين عريضة كالمحبة والتسامح وعدم التمييز، طبعاً من دون إهمال الدور الذي لعبته الفرويدية ومشتقاتها والاجتهادات عليها في تشجيع الإباحية والتشكيك بالمؤسسات التقليدية والأديان».