مدبولى: الظروف الصعبة تدعونا إلى ترشيد الاستهلاك «قدر الإمكان»
عقب انتهاء الاجتماع الأسبوعي للحكومة بمقر العاصمة الإدارية الجديدة، عقد د.مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، الأربعاء، مؤتمرًا صحفيًا استهله بالترحيب بالصحفيين والإعلاميين الذين شاركوا في المؤتمر، مشيرًا إلى أن اجتماع الحكومة اليوم شهد استعراض عدد من الإجراءات والقرارات المتعلقة بالتعامل مع الأزمة العالمية الراهنة.
في هذا الإطار، أشار رئيس الوزراء إلى أن ما تتخذه الحكومة لمواجهة هذه الأزمة يأتي بتوجيهات مباشرة من الرئيس السيسي، لا سيما ما يرتبط منها بمراعاة البعد الاجتماعي في هذه الأزمة بصورة كبيرة، وأن تتحمل الدولة العبء الأكبر بشأن الزيادات التي تشهدها أسعار مختلف أنواع السلع في حدود إمكاناتها، رغم أن الدولة ليس لها ذنب في موجة التضخم العالمية التي لم يمر العالم بمثلها منذ ما يزيد على 50 أو 60 عامًا، مشيرًا إلى أن الرئيس كان قد تحدث في هذا الأمر لدى افتتاحه المجمع المتكامل للإنتاج الحيواني والألبان بمدينة السادات، الذي سعدنا جميعًا بانضمامه إلى الاقتصاد المصري.
في ضوء ذلك، استعرض مدبولي الافتتاحات الثلاثة الأخيرة التي شرفت بتواجد السيسي، وكانت تتعلق بالأمن الغذائي والذي يعد جزءًا ومكونًا أساسيًا للأمن القومي المصري، حيث بدأنا في توشكى بموسم حصاد محصول القمح، ثم مشروع مستقبل مصر والدلتا الجديدة، والمشروع الأخير الخاص بالمجمع المتكامل هذا الأسبوع بمدينة السادات، والتي تعد جميعًا نتاجًا للمشروعات القومية التي تبنتها الدولة المصرية على مدار السنوات الماضية، حيث تضخ الدولة استثمارات ضخمة لتأمين وتوفير الأمن الغذائي لمواطنيها بأكبر قدر ممكن من الإمكانات، وهو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي للدولة.
وقال رئيس الوزراء: "دعوني أؤكد مرة أخرى على التوجه الذي ذكره فخامة الرئيس، والذي أعلنته الحكومة أن هذه المشروعات بحجم البنية الأساسية الضخم المطلوب إنجازه بها لا تتوافر للقطاع الخاص القدرة للقيام بها، لكن يأتي دوره في عملية الإدارة والتشغيل والتنمية بعدما تقوم الدولة بأعمال البنية الأساسية وتمهيد الأرض أمام القطاع الخاص للدخول في شراكة مع الدولة، وهو ما يتماشى مع توجه الدولة في هذه المرحلة.
أضاف رئيس الوزراء أنه من الضروري الانتباه للدور الاجتماعي، لافتًا إلى أننا كحكومة نتابع كل ما ينشر عن هذا الموضوع، ولا سيما ما يُكتب عن أهمية تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن المصري في هذه المرحلة، ولذا فكان التوجيه من الرئيس لنا بضرورة تحمل الدولة العبء الأكبر، من هذه الزيادات ونعمل كحكومة على تمرير الجزء الأقل على المواطن، وقد ناقشنا في اجتماع مجلس الوزراء اليوم ما يخص إعادة هيكلة قطاع الكهرباء، مشيرًا في هذا الشأن لما يعرضه الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، كل عام بشأن جهود الدولة في هذا المجال، وكانت الزيادة المقررة للكهرباء يتم تنفيذها اعتبارًا من أول يوليو، وكان الوزير يحرص على عقد مؤتمر صحفي قبل ذلك بأسبوعين ليشرح بشفافية واضحة للمواطنين دوافع القيام بذلك، ومع تقديرنا للأعباء الكبيرة الملقاة على عاتق المواطنين، وجدنا أنه من المناسب إرجاء أي زيادات فى الكهرباء لمدة 6 أشهر وذلك حتى نهاية العام الحالي، وذلك وفقًا لتوجيهات الرئيس في هذا الشأن، ونحن نتابع في مجلس الوزراء تطورات الأوضاع وسندرس الأمر قبل نهاية هذه الفترة وفقًا للأوضاع العالمية.
وشرح رئيس الوزراء التكلفة التي تتحملها الدولة في قطاع الكهرباء، مشيرًا إلى أن تسعير استهلاك الكهرباء يتم تحديده وفقًا لمدخلات إنتاج الكهرباء، ومنها الغاز والوقود وهو يعتبر أهم مدخل في هذا الإطار، حيث يقوم بتشغيل محطات توليد الكهرباء، لافتًا إلى أن التسعير كان يرتكز على السعر القديم للدولار وهو 15.70 قرش، والزيادة التى شهدها سعر الدولار حتى وصل إلى 18.60 قرش تكلفتها على الدولة تقدر بمبلغ 16 مليار جنيه سنويًا، بالإضافة إلى دعم الشرائح الأولى من الاستهلاك المقدم للبسطاء، وكان مقررًا تحريكه بقيمة 4 مليارات جنيه، وعندما أضيف القيمتين تصبح ٢٠ مليار جنيه، فبالتالي إن ما نقوم به اليوم أننا نتخذ هذا القرار بعدم تطبيق أي زيادات لمدة ٦ أشهر، فهذا يحمل الدولة هذا الرقم، وهو ١٠ مليارات جنيه في بند الكهرباء فقط، ونحن نكاشف المواطنين كي يعرفوا حجم ما تتحمله الدولة عن المواطن المصري، في إطار محاولة تخفيف الأعباء عن المواطنين، مضيفًا أن الحكومة قامت عند تصميم الموازنة بوضع احتياطي لهذه الأمور.
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة في إطار حرصها على مكاشفة المواطنين من خلال الأرقام، فقد تم استعراض موقف السلع التموينية الرئيسية، من القمح وزيت الطعام والسكر، مشيرًا إلى أن القمح اليوم، وكما أكد رئيس الجمهورية، فالاحتياطي منه يكفي ٦ أشهر، للخبز المدعم الخاص بالتموين، والحمد لله، مجددًا الشكر الذي وجهه الرئيس السيسي إلى الفلاح المصري، على استجابته لمبادرة الدولة المصرية، متمنيًا أن يستمر في توريد الأقماح إلى الدولة خلال الفترة القادمة، فكلما استطعنا زيادة احتياطينا تمكنا من توفير العملة الصعبة.
أضاف أن تكلفة زيادة القمح سواء السعر الذي تمت زيادته لتوريد القمح المحلي، أو فرق السعر العالمي، ٢٣ مليار جنيه، والدولة المصرية تتحملها.
وأشار مدبولي إلى أن رصيدنا من زيت الطعام يكفي ٦ أشهر أيضًا، لافتًا إلى أننا نستورد ٩٠٪ من المادة الخام التي يتم تكريرها ليصبح زيت طعام، وأن سعر الطن عالميًا كان قبل الأزمة ٧٥٠ دولارًا، واليوم أصبح ١٧٥٠ دولارًا، فالطن زاد ألف دولار، ونحن نستهلك من زيت التموين ٧٠ ألف طن شهريًا، يعني ٨٥٠ ألف طن في السنة، يعني ٨٥٠ مليون دولار زيادة مطلوبة، وزيادة سعر الزيت محليًا لا تواكب هذه الزيادة العالمية.
أضاف: "هذه الأمثلة لخطوات تتخذها الدولة المصرية لكي تتحمل أعباء عن المواطن المصري، فالسماد الذي يحتاجه الفلاح المصري، اليوم سعره العالمي ٦٥٠ دولارًا للطن، بمعنى ١٢ ألف جنيه تقريبًا، والفلاح يتسلمه اليوم بنحو ٤٥٠٠ جنيه للطن ويصل إلى من 4800 إلى 5000 بمصاريف الشحن وخلافه، بينما السعر العالمي يسجل 12000".
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة المصرية لم تحرك على مدار الفترة السابقة سعر السولار، على الرغم من زيادة سعر المحروقات والوقود، وذلك لارتباط السولار بعدد من المجالات والقطاعات، وهو ما اضطرنا لعمل نوع من المواءمة بين المنتجات الأخرى والسولار، مع المحاولة قدر الإمكان عدم تحميل المواطن أية أعباء، قائلًا:" وهو ما زاد من قيمة التكلفة على الدولة.. لكن طالما فى إطار الموازنة وقدر الإمكان نحاول استيعاب هذا الموضوع، سعيًا لتقليل العبء على المواطن".
وأضاف رئيس الوزراء أن ما يتم إيضاحه من معلومات ومؤشرات، إنما هو توثيق لجهود الدولة المصرية فى تخفيف العبء عن المواطن المصرى، منوهًا إلى أن الغالبية العظمى من الدول مررت الزيادات التى حدثت فى السلع والخدمات بالكامل على مواطنيها، مؤكدًا أن الدولة المصرية مراعاة للظروف، وتقديرًا للأبعاد الاجتماعية، وما يتحمله المواطن المصرى من أعباء، تتحمل الجزء الأكبر، وأقل القليل نمرره على المواطن.
من ناحية أخرى، أشار رئيس الوزراء إلى الاستعدادات الخاصة باستقبال عيد الأضحى، والجهود المبذولة حاليًا لزيادة عدد الرءوس الحية خلال الفترة القادمة، سعيًا للحفاظ على استقرار أسعار اللحوم، وذلك تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية فى هذا الصدد.
واختتم رئيس الوزراء كلمته، بتوجيه رسالة للمواطن المصري، مفادها أن الدولة تبذل قصارى جهودها بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى للتعامل مع الأزمة الحالية التى لم تمر على العالم منذ نحو 100 سنة، لافتًا إلى أنه ليس لدينا أى قلق فى تدبير السلع الأساسية:" المواطن شايف السلع متاحة فى كل مكان.. ولكن دورنا كمواطنين أن نستشرف الظروف الصعبة العالمية الحالية، والتى تتسم بعدم الوضوح"، مؤكدًا أن تلك الظروف تدعونا إلى ترشيد الاستهلاك قدر الإمكان، تخفيفًا للعبء الدولاري الذى تتحمله الدولة.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة مستمرة فى التخطيط والتنفيذ للمحافظة على مستويات الاحتياطي الآمنة من السلع، مشيرًا إلى أن لدينا احتياطيات من السلع تكفى لـ6 شهور من اليوم: "مستمرون فى العمل للحفاظ على هذا الاحتياطي".
ونوه رئيس الوزراء إلى ضرورة التفكير فى طبيعة الأزمة الحالية، والتركيز على أهمية ترشيد الاستهلاك، للعبور من الأزمة غير المسبوقة، التى لا يستطيع أحد التنبؤ بانتهائها، لافتًا إلى أن هناك دولًا متقدمة ليست لديها العديد من السلع المتوافرة لدينا حاليًا.