«مؤتمر سلام»: الاستراتيجيات المتبعة في مواجهة التطرف في دولة قد لا تصلح لأخرى
أثنت الدكتورة إيمان رجب رئيس وحدة البحوث الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية على المشاركين في جلسة "خبرات وبرامج مواجهة التطرف"، وتأثير ذلك من تقديم المشورة والنصح لصانعي ومتخذي القرار.
جاء ذلك خلال ترأسها الجلسة الخامسة "خبرات وبرامج مواجهة التطرف" بمؤتمر "التطرف الديني: المنطلقات الفكرية، واستراتيجيات المواجهة" الذي نظمه مركز سلام التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
وأضافت أن المشاركين لمناقشة التطرف والإرهاب في المؤتمر من دول وقارات مختلفة مما يؤكد أن المشاركات والخبرات بنت بيئتها.
وقال السفير الدكتور أحمد سيف الدولة رئيس قسم المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب لدى مجلس الأمن إن الاستراتيجيات المتبعة في مواجهة التطرف في دولة قد لا تصلح لدولة أخرى فيجب أخذ ذلك في الاعتبار وأن تختار كل دولة ما يناسبها من إجراءات واستراتيجيات، مشيرًا إلى ضرورة الشراكة بين الحكومات والمنظمات العامة والخاصة العاملة في هذا المجال.
وقال د. روهان جوناراتنا مدير معهد دراسات الأمن القومي بسنغافورة إن الإرهاب في اضمحلال من سنة 2015م، وإن الإخوان المسلمين تشتتوا في شتى أنحاء العالم، مشيرًا إلى دَور الثقافة كعلاج أمثل للتطرف والإرهاب في مصر وغيرها، وكذلك هناك دور قوي ومهم لوسائل التواصل الاجتماعي في ذلك.
قال د. إبراهيم ليتوس الباحث في مركز بروكسل الدولي للأبحاث: إن هناك عولمة عابرة للحدود والقارات لظاهرة التطرف والإرهاب مع تقدم تكنولوجيا المعلومات وإمكانية ولوج العالم الافتراضي من طرف الجميع، ولذا بات من الضروري تعزيز واستكمال التعاون الدولي، ولاسيما بين المؤسسات البحثية ذات الصلة لتقوية بعضها البعض، وبالأخص في مجال تقاسم الأدوار في دراسة هذه الظواهر وتطوراتها.
واختتم د. ليتوس كلمته بعرض إحدى المبادرات والتجارب الأوربية في تفكيك الفكر المتطرف القائمة على إعادة تأهيل المساجين على خلفية متطرفة بالجلسات النفسية والتوجيه الاجتماعي فضلًا عن تفكيك 24 مفهومًا من المفاهيم المتطرفة كالجهاد وإقامة الخلافة وغيرها.
من جانبه تحدَّث لورينزو فودينو، مدير برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن، حول المنظور الأمريكي للتعامل مع التطرف العنيف والإرهاب، ورؤيته للسياسة الأمريكية في مواجهة التطرف العنيف، مشيرًا إلى أن مواجهة الإدارة الأمريكية مع الجماعات المتطرفة تتسم بالعنف وتتجاهل المواجهة الأيديولوجية معهم ومواجهة أفكارهم، لافتًا النظر إلى أن هذه السياسة بدأت منذ تولى باراك أوباما الإدارة الأمريكية، وسار على نهجه كل من جاء بعده.
وأضاف خلال مشاركته في فعاليات الجلسة الخامسة من مؤتمر سلام الدولي الأول أن أمريكا تعاني من إرهاب اليمين المتطرف، وتركيزها قد تباطأ كثيرًا في الشرق الأوسط، حيث وجهت جهودها نحو صراع السيطرة الاقتصادية مع دول كبري مثل الصين وكوريا.
وقال د. مرزوق أولاد عبد الله أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة أمستردام الحرة بهولندا إننا في هولندا نشأنا في مجتمع مستقر متعدد الأعراق وعندما جاءت الجماعات الإرهابية المتطرفة حوَّلت حياة الناس إلى جحيم من عدم احترام الآخر وتبديع المخالف وتفسيقه وتكفيره.
وأضاف فضيلته أن الجماعات الإرهابية قامت باستقطاب وتجنيد الأطفال، فضلًا عن قيام بعض المستشرقين الذين أعطوا صورة سيئة عن الإسلام والمسلمين، مشيرًا إلى أن السلفية في حدِّ ذاتها منهج سليم خلافًا للسلفية المرفوضة القائمة على ازدراء ونبذ الآخر التي دعا إليها المتطرفون.
وقال د. عامر الحافي أستاذ أصول الدين بكلية الشريعة بجامعة آل البيت- الأردن: إن الأردن عانى كثيرًا من التطرف لأن هناك تطرف جماعات وتطرف دول، ولدينا في التعامل في القضية الفلسطينية نموذج ومثال، مشيرًا إلى أن مفهوم الكيان الصهيوني ألهم المتطرفين في بلادنا سلوك النكاية وإنشاء التطرف المقابل.
وأشار خلال كلمته في فعاليات الجلسة الخامسة من مؤتمر سلام الدولي، أن التطرف يقف أيضًا وراء ما يحدث في سوريا والعراق، وهناك حالة من المظلومية والتطرف، مشيرًا إلى عملية حرق الطيار الأردني وكيف غيرت مسار الكثير من المواطنين الأردنيين والعرب حيث خلفت الحادثة تعاطفًا شعبويًّا، وبعدها حدث تغير نحو رصد التطرف، وتحدث كذلك عن ضرورة إيجاد مجموعة من التدابير وبناء إجماع بين الطوائف المسلمين، مشددًا على أنها فكرة مهمة جدًّا لإيقاف التطرف.
في الإطار ذاته، أشار إلى مؤتمر عمان ورسالة عمان الثانية في 2006، حيث ناقش مبدأ عدم التكفير كونه أحد مرتكزات التطرف التي لم يتم تفكيكها، مؤكدًا أن التعليم الديني ما زال يقوم على التكفير حتى وقتنا هذا، ولا يقوم على فكرة وحدة الأمة والتقارب، متسائلًا: كم من مؤسسه تعليمية تدرس مناهج تكفر طوائف ومللًا؟!
وأثنى د. محمد خالد غزالي نائب المركز الجامعي للثقافة والفنون بجامعة بادوفا في كلمته على أهمية التكوين العلمي للدعاة والعلماء، مشيرًا إلى أهمية الحاجة لتعاون ومشاركة كافة المتخصصين من العلوم الاجتماعية والنفسية لمواجهة التطرف.
ونبه على ضرورة دمج المسلمين في المجتمعات المضيفة، مشيرًا إلى عرض توصيات الاتحاد الأوروبي، ومنها استخدام أفضل التقنيات الإلكترونية لمواجهة الإرهاب.
وقال د. جاسم محمد مدير المركز الأوربي للدراسات والاستخبارات إن وحدة الإحالة عبر الإنترنت في الاتحاد الأوروبي تكتشف المحتوى الضار على الإنترنت وفي وسائل التواصل الاجتماعي وتحقق فيه. وتضطلع بمهام أساسية، وهي دعم السلطات المختصة في الاتحاد الأوروبي من خلال توفير التحليل الاستراتيجي والتشغيلي، والإبلاغ عن المحتوى الإرهابي والمتطرف العنيف على الإنترنت ومشاركته مع الشركاء المعنيين، والكشف عن محتوى الإنترنت الذي تستخدمه شبكات التهريب لجذب المهاجرين واللاجئين وطلب إزالته.
فيما أشار الدكتور محمد عبد الكريم أحمد، منسق وحدة أبحاث وحدة أفريقيا بمعهد الدراسات المستقبلية ببيروت إلى أن مؤشر الإرهاب العالمي الصادر في عام 2022 يلقي الضوء على تفسير الإرهاب، وركز على ذكر إحصائيات وأرقام تضمنت خطورة استغلال الجماعات الإرهابية لأنشطة مختلفة من شأنها جذب أعداد أخرى من الشباب لتنظيماتهم، كما أكد أن الخبراء المتخصصين الذين لديهم واقعية أكثر هم من يمكننا اللجوء إليهم لوضع أيديولوجية لمحاربة التطرف وصياغة برامج واضحة ومهنية.