الولد المخيف إيلون موسك
من المتوقع طبقا لمقاربات بسيطة أن تتمكن كيانات عملاقة مثل شركة "تسلا"أنتتجاوز الأزماتالاقتصادية الكبيرة وأن تستمر في نموها أو على الأقل ثباتهابدون خسائر، مهما حدثت من حوادث وكوارث، وهذا ما لاحظناه أثناء الجائحة، بل إن هذه الكيانات تضاعفت أرباحها وأرباح مساهميها الكبار وزادت ثرواتهم بشكل يثير الاندهاش.
الولد المخيف (إيلون موسك) زادت ثروته وتضخم نفوذه أضعافا مضاعفة ثم استخدم تويتر ليلعب بالأسواق، وبسبب تغريداته حول العملات الرقميةخسر الكثير من الناس مدخراتهم بينما من خلف الكواليس تزداد أرباحه، ولما كان تويتر هو المنصة التي ضاعفت ثراءه المعلن أو الخفي، فإنه حاليا يريد ليس فقط الاستمتاع بالتغريد من خلالها بل الاستحواذ عليها.
وبنفس الوقت يقرر الاستغناء عن 10٪ من موظفي تسلا مساهمة بسيطة منه في الكوارث الاقتصادية المتوقعة التي قد تصيب جميع أنحاء العالم، فإذا كانت هذهالشركة القوية وهذا الرجل الذي يعد أغنى رجل في العالم يفعل ذلك فما بال الشركات المتوسطة والصغيرة ومن يكافحون من أجل الاستمرار، وهو نفسه من أراد شراء تويتربمبلغ 44 مليار دولار في صفقة استعراضية مبالغ فيها قد تمنح المقربين منه فرصة لرفع قضية حجر عليه ومصادرة ممتلكاته بسبب سوء التصرففي الثروات ناهيك عن تعمد نشر الاضطرابات في الأسواق العالمية.
هل وصلت البرجماتية (النفعية) إلى هذا الحد المجنون بحيث يكون الإنفاق على صفقة أولى من تأمين العيش لعشرة آلاف شخص (منمجموع 100 ألف موظف) هم نسبة ال 10٪ الذين سيتم قطع أرزاقهم، علما بأن الحفاظ عليهم لا أعتقد أنه يكلف مليارا واحدا من ثروته.
في مصر يكاد الالتزام الأخلاقي تجاه الموظفين أن يكون معدوما والموضوع بحد ذاته لا يمثل أي أهمية تجعله يذكر أو يناقش، وبينما لم نشارك في صناعة جشع الرأسمالية، لكن الكثير من الشركات فيالقطاع الخاص تتبناه بكل حماس، فالموظف أو العامل مطالب بالعمل لأقصى عدد ساعات في اليوم بدون راحة،ودون أيحساب لما هو مذكور في القانون، والقانون نفسه ليس شيئا يذكر حتى يتم تطبيقه، وتتحايل الشركات بطريقة تلقائية لوضع لوائح داخليةتكسره ، ولا توجد منافع وظيفية إلا في أقل الحدود الممكنة، وطبعا يمكن طردك من وظيفتك بكل سهولة، ومع توقيعك على أوراق مبهمة قد لا تعرف أن لكمستحقات مالية في نهاية عملك من حقك أن تأخذها مع وجود فترة إنذار مدتها أسبوعين فقط في الغالب، وهي ربما تكون أقصر فترة إنذار في العالم.
طبعا لا أنسى أن مصر دونا عن العالم لديها معدل ربح مرتفع للغاية في أغلب المنتجات، مما يجعل الأغنياء يزدادون ثراء يوما بعد الآخر، ولأن لديهم الثروات فإنهم يحتكرون النشاط الاقتصادي أيضا، فيدخل عالم المقاولات ثم ينتقل إلى التوكيلات وبعدها لا مانع من العقارات وبعض المصانع الصغيرة للألبان مثلا.. وهكذا والناس تتفرج وتتحسر وتغضب لأنهم لا يستطيعون فتح كشك بقالة بسبب الإجراءات البيروقراطية.
الجشع.. لم نخترعه لكنه جاء على هوانا.