عبدالحى أديب: نجيب محفوظ استوحى «اللص والكلاب» من فيلمى «سلطان»
بدأ السيناريست عبدالحى أديب مسيرته بفيلم «باب الحديد» عام ١٩٥٨، الذى لم يلق نجاحًا جماهيريًا وقتها، ما جعله ومخرج الفيلم يوسف شاهين يشعران بمرارة وأسى من الانهيار غير المتوقع للعمل.
وبداية من أول يوم طُرح فيه «باب الحديد» بدور العرض السينمائية، رفض الجمهور المصرى متابعة الفيلم، وعلى النقيض تمامًا كان المثقفون مهتمين للغاية بمشاهدته.
وحسبما رواه «أديب» فى حواره لجريدة «الحياة» عام ١٩٩٩، كان المرشح الأول لبطولة الفيلم هو الفنان شكرى سرحان، الذى كان «فتى الشاشة» آنذاك، وكان من المفترض أن يؤدى دور «قناوى»، لكن خلافًا مع المنتج جبرائيل تلحمى على ٥٠ جنيهًا طلبها زيادة على أجره، دفعه للاعتذار عن عدم القيام ببطولة الفيلم.
بعدها رُشح الفنان محمود مرسى لتجسيد الشخصية، وكانت بالنسبة له أول فرصة سينمائية، لكنه اعتذر، ما جعل عبدالحى أديب ويوسف شاهين فى موقف حرج، حتى جاء اقتراح تجسيد «شاهين» شخصية «قناوى» لينقذ الموقف.
قال «أديب» مسترجعًا ما حدث: «كنت أعلم أن يوسف شاهين درس التمثيل فى معهد (باسادينا) بالولايات المتحدة، فعرضنا الفكرة على المنتج ووافق، وتبقى شىء أخير، هو وجود اسم نبيع به الفيلم، وهذه كانت شروط السوق».
رشّح عبدالحى أديب الفنان فريد شوقى للمشاركة فى الفيلم، باعتباره عاملًا تجاريًا يساعد فى توزيع العمل، واعتقد صناعه أن الفيلم سيباع فى أسرع وقت، على ضوء أن فريد شوقى بطل جماهيرى ذو شعبية واسعة، لكن الجمهور تعود على أن يراه يضرب ألف رجل ويقفز من على الأسوار، وكان ظهوره فى «باب الحديد» مخالفًا لهذه الصورة الذهنية، لذا لم يشاهد الجمهور الفيلم، وفشل تجاريًا.
مر الوقت، ونال فيلم «باب الحديد» التقدير والحفاوة والاستحقاق، واختير من ضمن أفضل ١٠٠ فيلم فى تاريخ السينما المصرية.
بعد «باب الحديد» اتفق عبدالحى أديب مع «شاهين» على مشروع فيلم «صراع الأبطال»، إنتاج عزالدين ذوالفقار، لكن علاقتهما توترت، ففضل «أديب» الانسحاب من التجربة، وأسند «ذوالفقار» إخراج الفيلم إلى توفيق صالح، وأكمل السيناريو صبرى عزت.
بعد فشل التعاون فى فيلم «صراع الأبطال»، عاد «شاهين» و«أديب» ليتعاونا معًا فى تجربة فيلم «نداء العشاق» عام ١٩٦٠، لكنهما اختلفا مرة أخرى، فاستعان يوسف شاهين بصديقه السيناريست وجيه نجيب لإعادة كتابة السيناريو مرة أخرى، ومع هذا ظلت صداقة «أديب» و«شاهين»، رغم انقطاع علاقتهما فى السينما.
وظلت علاقة السيناريست عبدالحى أديب بالفنان فريد شوقى وطيدة، واستمرت حتى وفاة «وحش الشاشة».
ومع تغيّر الظروف الشخصية والعامة، اتجه عبدالحى أديب إلى «الكتابة وفق متطلبات السوق»، كما اعترف فى حواره لـ«الحياة»، قائلًا: «عندما تحترف تتلوث بمنطق السوق، فتبدأ القيود تظهر مثل مقاييس النجم أو الشباك، وأنت هنا لم تعد حرًا أو بريئًا، لذا فشل (باب الحديد) ثم نجاح (امرأة على الطريق) جعل المنتجين يطلبون منى أفلامًا من نوعية الثانى».
أعاد عبدالحى أديب التفكير فى منهجه، وقرر ألا يكتب للسينما إلا بعد الاتفاق مع المنتج والبطل على القصة، ووضع فى حسبانه أن السينما أصبحت تجارة وصناعة، ولا بد من تحقيق الأرباح.
وقال شارحًا ذلك: «فكرة فيلم (سلطان) قدمتها مع فريد شوقى، قبل أن يأتى بعد ذلك نجيب محفوظ ويكتب رواية (اللص والكلاب)، التى لا تبتعد كثيرًا عن مناخ (سلطان)»، مضيفًا: «هذا الاحتراف من جانبى، والتزام متطلبات السوق، جعلا البعض يقول إن عبدالحى أديب ترك الاشتراكية والواقعية».