فرانز كافكا الضاحك الباكى فى الأدب الألمانى وحرق هتلر 90% من أعماله
تحل اليوم الذكري الـ139 على مولد الكاتب الألماني فرانز كافكا، الذي ولد في مثل هذا اليوم من العام 1883 في مدينة براغ الألمانية التي كانت آنذاك جزءًا من الإمبرطورية النمساوية المجرية، ويعد كافكا رائد الأدب الكابوسي أو السوداودي العجائبي، والذي أحرق هتلر كتبه.
ولد فرانز كافكا لعائلة من الطبقة الوسطي تنحدر من أصول يهودية، كان لها ستة أبناء وفرانز كان ابنها البكر، كان والده ضخمًا وأنانيًا، ورجل أعمال متغطرسًا، وصفه ابنه فرانز كافكا بأنه كان يمثل القوة والصحة والشهية وجهارة الصوت والفصاحة ورضا النفس.
كان فرانز كافكا في طفولته وحيدًا بعض الشيء، حيث كان والداه يغيبان كثيرًا عن البيت وينشغلان بالأعمال التجارية للعائلة، وكانت أمه تعمل لما يصل إلى 12 ساعة يوميًا، أما الأطفال فقد كان يهتم بهم عدد من المربين والخدم، وقد كانت علاقة كافكا بوالده مضطربة بشكل واضح، وقد ظهر ذلك واضحًا في كتابه «رسالة إلى أبي»، الذي كتبه في 100 صفحة، ويبرز بشكل أوضح في كتابه الآخر «الحكم»، حيث يقبل الشاب حكم الموت الذي أصدره عليه والده ويغرق، على عكس شخصية والده المستبدة كانت والدة فرانز كافكا هادئة وخجولة.
ظل كافكا يدرس في المرحلة الثانوية لمدة 8 سنوات وتخرج منها في سنة 1901، ثم التحق بجامعة شارلز فريناند الألمانية في براغ، بدأت شهرة فرانز كافكا في الثلاثينيات ووصلت أوجها في الستينيات من القرن المنصرم، وقد عرف بكتاباته الكابوسية القاتمة، ورأى بعض كبار الأدباء أن كافكا يرتفع إلى مستوى «دانتي» و"شكسبير"، ووصفه مواطنه الكاتب الألماني «توماس مان» بأنه: «الضاحك الباكي في الأدب الألماني».
ورغم أن الكتب التي نشرت لـ فرانز كافكا بعد موته كانت في طريقها للانتشار في السنوات العشر التالية، فإن استيلاء النازيين على السلطة في ألمانيا، قضي على فرصتها في الذيوع وهو ما تسبب في تأخر شهرته إلى سنوات أخرى.
لا يزال فرانز كافكا يحتل موقعًا متميزًا ويتمتع بمكانة خاصة في خارطة الأدب الروائي العالمي المكتوب في الربع الأول من القرن العشرين، فكتاباته لها طابع خاص وبصمة فريدة، فهو أحد عظماء الأدب في العالم الذين كانت حياتهم مأساة طويلة، ولم تأخذ أعمالهم الشهرة والانتشار والنجاح إلا بعد أن غادروا عالمنا، ولا يمكن قراءة بحث عن تحولات الأدب خاصة تلك المتعلقة بالتغيرات التي طرأت علي فن الرواية في القرن العشرين من دون أن يتردد وبقوة اسم فرانز كافكا، حتى أنه استطاع أن يفرض اسمه على ثقافة قرن كامل، على الرغم من أن أعماله ظهرت بشكل فردي عقب وفاته.
لم يكتب فرانز كافكا الكثير من الأعمال خلال حياته القصيرة، حتى أنه لم ينته أي من أعماله هذه بشكل كامل، بل وأحرق تسعين بالمائة من أعماله، ومع ذلك فقد كان ما كتبه كافيًا ليخلد اسمه في سجلات المبدعين، وليس ككاتب صاحب أسلوب متميز فحسب، بل أيضًا كمفكر كبير ورائد لذلك النوع الأدبي الذي عرف بــ«الكتابة الكابوسية».
تتجلي قدرة فرانز كافكا في كونه استطاع النفاذ إلى أعماق النفس البشرية، وتجول في متاهات الذات المعقدة، هذه المتاهات التي يصعب على أي كاتب آخر أن يدركها أو يصل إلى عمقها مال لم يمتلك ما أمتلكه فرانز كافكا من إحساس مرهف ودراية كبيرة جدًا بالنفس البشرية وتعقيداتها، وهو ما مكنه من اكتشاف مساحة جديدة لم يطأها قلم كاتب من قبله داخل النص الروائي.
هناك في هذه المساحة شيد فرانز كافكا عالمه القصصي الروائي الخاص به، عالم روائي لكنه مركب من مادة عالمنا الواقعي، بعدما أعاد ترتيبها وفقًا لقوانينه الخاصة التي ستتبلور فيما بعد بما اصطلح علي تسميته بــ«سمات الأدب الكافكي».