التفاصيل الكاملة لبدايات الإذاعة الأهلية المصرية فى العشرينيات
جاء أول عام ظهور للإذاعة الأهلية عام 1926 وتميزت المحطات الأهلية بتركز معظمها في مدينتي القاهرة والإسكندرية.
وكانت الإذاعة الأهلية تتميز بتقديم المحتوى باللغة العربية فقط في كل برامجها، بينما كانت تذيع بالإنجليزية والفرنسية والإيطالية للأجانب فى مصر.
ويسرد كتاب موسوعة تراث مصري للكاتب الصحفي والباحث أيمن عثمان، تفاصيل قصة إنشاء أول إذاعة أهلية مصرية، حيث يقول: «بدأها الطالب حبشي جرجس الذي سافر إلى إنجلترا عام 1922 لدراسة الهندسة اللاسلكية، ومن ثم عاد إلى مصر عام 1927، في ذلك الوقت لم تكن هناك محطات إذاعية مصرية، باستثناء محطة تابعة للبريطانيين تخدم أهدافهم وثقافتهم.
وأضاف: «درس حبشي فكرة إنشاء محطة إذاعية أهلية، ولكن «اليد قصيرة» فلجأ إلى وكالة البلح فوجد ضالته في وكالة «إلياس شقار»، الذي كان لديه ما تبقى من محطة الإذاعة، أعجب إلياس بفكرة حبشي، وبدلًا من أن يبيع له ما تبقى من محطة الإذاعة القديمة اشترط أن يكون شريكًا له في مشروعه، وكذلك دفع لحبشي مبلغ ستمائة جنيه لاستكمال المشروع».
وتابع: «كان أول مكان لبث إرسال إذاعة حبشي يأتي من شبرا من بيت إلياس بشارع شبرا، ومن شبرا انتقلت إلى شارع الجيش قرب ميدان القبة، مع الخلافات على الإدارة انتهت شراكة إلياس مع حبشي، واستبدله حبشي التاجر بالأستاذين أحمد فريد، وإسماعيل وهبي، وانتقلت إلى مقرها الأخير في منزل الرفاعي الكائن في شارع النجوم بحدائق القبة».
وأوضح: «كانت تذيع أغاني لصالح عبدالحي، وأم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، وأسمهان، وبديعة مصابني، وفريد الأطرش، وكان هؤلاء لا يتقاضون أجرًا مقابل حق الإذاعة، ونجحت إذاعة حبشي وكانت بمثابة أول إذاعة أهلية مصرية مملوكة لمصريين، وتبث باللغة العربية الخالصة.
كان هناك عدد من المحطات الأهلية الشهيرة حينها في مصر مثل محطة راديو فؤاد التي أنشأها عزيز بولس ومحطة راديو فاروق التي أنشأها إلياس شقال.
وتراوح إرسال معظم هذه المحطات الأهلية ما بين 2 - 4 ساعات يوميًا سواء على فترة إرسال واحدة أو على فترتين وكان الجزء الأكبر من المضمون الإذاعي الذي تقدمه معظم هذه المحطات ترفيهيًا.
وفى 31 مايو 1934 منحت الدولة لشركة ماركونى امتياز إنشاء محطة الإذاعة اللاسلكية، فصدرت التعليمات الرسمية بغلق المحطات الأهلية ومصادرتها «تأميمها»، وعينت الحكومة حبشى جرجس موظفًا فى الإذاعة الحكومية، لكنه سرعان ما تقدم باستقالته بسبب مهندسين المحطة الذين كانوا أجانب، حيث كانوا يتعمدون الإساءة إليه بمناسبة وبدون مناسبة، وتحول حبشي جرجس في ذلك الوقت إلي فتح محل متواضع لأجهزة الراديو وماكينة السينما بعد إغلاق راديو فاروق وأخوته، ولم يبق له غير الذكريات وأصدائها.