«الثقافة» تحتفى بـ«شاعر الشعب» بيرم التونسى
تنطلق غدًا الأحد بكافة قطاعات وزارة الثقافة، مجموعة من الفعاليات المتنوعة والثرية، والتي تقام احتفاء بحقبة عشرينيات القرن الماضى، وتضم نماذج من مختلف ألوان الإبداع التى تم إنتاجها خلال تلك الفترة، حيث تمثل عشرينيات القرن الماضى فترة زمنية مميزة فى تاريخ مصر الحديث تخطت المائة عام، والتي شهدت الاتصال بالثقافة الغربية والاطلاع عليها مما أدى الى ترسيخ الهوية لمواجهة انتشارها.
ومن أبرز أعلام النهضة الثقافية الفكرية في عشرينيات القرن الماضي شاعر الشعب بيرم التونسي، والذي لم يكن مجرد زجالا، بل كتب الشعر الفصيح، واستوعب دراسة الأدب العربي من مصادره الأصلية، ودرس البلاغة وعلوم اللغة وفقهها.
ــ شاعر الشعب بيرم التونسى
في بيت يطل علي البحر الأبيض بحي الأنفوشي بالإسكندرية، ولد محمود بيرم التونسي، فكان يراقب الموج الثائر تضرب جدران بيته، ومع غروب الشمس كان يودع مركب الصيد بعينيه حتي تغيب في الظلمة البعيدة.
اختار بيرم التونسي الزجل دونا عن الشعر الفصيح، لا لنقص في قدرته علي نظمه، إنما اختار التونسي فن الزجل إتساقا مع روحه المرحة.
وأشار الروائي خيري شلبي إلي أن “جميع أزجال بيرم التونسي بغير استثناء فكاهية بالدرجة الأولى، الفكاهة فيها لا تنفصل عن الغاية الانتقادية الحادة، وكلما تعمقت الفكاهة ازداد الانتقاد عمقا وحدة والعكس صحيح، ولكن لـ بيرم التونسي إلى ذلك قصائد فكاهية محضة، تلجأ إلى التضخيم الكاريكاتوري لإبراز القبح في الملامح الشائهة، وذلك لكي يصدم بها ذوي الأبصار اللاهية، فعن طريق الجمال الفني نشعر إلى أي حد هي قبيحة ويجب أن نعمل علي زوالها. وليس أدل على جمالها الفني أكثر من كونها تحولت إلى أغنيات بديعة من تلحين الشيخ زكريا أحمد”.
ــ خبرة بيرم التونسي بالتراث العربي وآدابه
ولفت خيري شلبي إلى أن “خبرة بيرم التونسي بالتراث الأدبي العربي خبرة دارس مستوعب للروح القومية متشرب لرحيقها الأصيل، وهو يجيد بعثها واستخدامها كسلاح انتقادي باتر، ولو نظرنا إلي مقاماته الشهرية لوضعنا أيدينا علي عمل فني فذ بكل المعاني، لا يقل في بنيانه ولغته عن مقامات الحريري أو بديع الزمان الهمذاني، بل هي متفوقة في الروح الفكهة التي تميز بها فن المقامة العربية بوجه عام، وإذا كانت مقامات بيرم التونسي قد استخدمت نفس اللغة العتيقة للمقامات، ونفس الشكل الفني بحذافيره وبكل تقاليده الفنية المرعية، فإن بيرم قد أكسبها سلاسة ومرونة وحيوية بما وضعه فيها من مضمون فكاهي فذ، استمده من المضمون الاجتماعي الذي تزخر به الحياة. فكل مقامة تتناول موضوعا اجتماعيا حيا ملموسا لدي الجماهير العريضة، ويعتبر موضع انتقاد بما يحتويه من مفارقات وتناقضات وسياسات خرقاء متخلفة”.
من جانبه يذهب الشاعر سعد عبد الرحمن إلى أن بيرم التونسي: “في مجال الزجل غدا بيرم التونسي وبدون مبالغة زجال لا يشق له غبار، واستطاع بموهبته الفذة أن يشيد من فن الزجل صرحًا منيفًا تناطح فيه قصائده الزجلية عصم القصائد الفصيحة لكثير من شعراء عصره ليس لأن لغة قصائده هي لغة الشعب التي يتكلم بها الجميع من مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية في الريف والحضر والسواحل والبوادي، فتفاعلوا معها وامتزجت بوعيهم ووجدانهم، بل لأن لغة قصائده الزجلية تجلت فيها من مظاهر القدرة على التعبير والبراعة في التصوير والسلاسة في الموسيقى وتوازن الإيقاع ما مكنها من استيعاب أدق المشاعر وأرهف الأحاسيس وأدق المعاني والأفكار”.