الكائنات وحيدة الخلية وتعدد الزوجات
يبدو الذكر المسلم فى كثير من المواقف وكأنه كائن وحيد الخلية، منبت الصلة عن السياقات الاجتماعية والتطورات التاريخية، وهو كائن وحيد الخلية، ليست له كينونة غير خلاياه الجنسية، فلا تفكير ولا أهمية ولا شاغل إلا رغبته الجنسية، وهى رغبة زائدة وشديدة، يدعى أنها تؤرقه ويحتاج دائمًا لمسلك لتفريغها، وهذا الحق البيولوجى لا أحد ينكره على الذكر المسلم. فكل كائن من حقه أن يلبى احتياجاته.
يولد الذكر المسلم، إنسانًا على الفطرة، لكن التربية الاجتماعية والدينية تشوه هذه الفطرة، فتغرس فى ذهنه فكرة التعدد: مثنى وثلاث ورباع.. فتجد الظرفاء يتشدقون: امرأة واحدة لا تكفى، والحوافز الجنسية تعد من أهم الجزاءات التى يحصل عليها الذكر المؤمن، تعده بحوريات «وليس حورية واحدة» العين فى الآخرة، وكأن جزاء الإيمان فى الدنيا هو التعدد الجنسى، كل هذه الأجواء تفسد فطرة الذكر. وتجعل التعدد فى الإسلام أمرًا إلهيًا، وقد يجعل منه البعض أمرًا تعبديًا، ووسيلة ظاهرية للتقرب إلى الله. وهذا الذكر يبحث دومًا عن فتوى تشجعه على الزواج الثانى، فنجد هناك فى صفحات الفتوى العديد من مثل هذه الرسائل: «أنا رجل متزوج منذ سنين، ولى عدد من الأولاد، وسعيد فى حياتى العائلية، لكننى أشعر بأننى بحاجة إلى زوجة أخرى، لأننى أريد أن أكون مستقيمًا؛ وزوجة واحدة لا تكفينى حيث لدىّ كرجل طاقة تزيد على طاقة المرأة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أنا أريد زوجة فيها شروط معينة ليست متوافرة فى زوجتى التى معى، ولأننى لا أريد أن أقع فى الحرام، وفى نفس الوقت أجد صعوبة فى الزواج من امرأة أخرى بحكم العشرة، ولأن زوجتى التى لم أرَ منها مكروهًا ترفض الزوجة الثانية رفضًا مطلقًا، فبماذا تنصحوننى؟».
دائمًا ما يتمسك من يريد الزواج بثانية برفع راية أنه يريد أن يعف نفسه ولا يريد أن يقع فى الحرام، رغم أن نقابة الصيادلة المصرية صرحت بأن استهلاك مصر من المنشطات الجنسية مقارنة بالدول الأخرى يفوق المعدلات العالمية، وأن مصر فى مصاف الدول الأكثر استهلاكًا لها، وذلك نتيجة كبر حجم السوق المصرية، إضافة إلى انتشار أمراض الضعف الجنسى فى المجتمع، التى بلغت نسبتها بين الذكور نحو ١٥٪.
انتشار استهلاك المنشطات يعنى أن هناك فجوة بين الاحتياجات أو التوقعات والقدرة، وأن حالة النشاط الجنسى الزائد هى مجرد توهمات ذهنية، لن تشبعها واحدة أو اثنتان أو أربع، وهنا بدلًا من أن يلجأ الذكر إلى متخصص فى أمراض الذكورة والأنوثة؛ ليكون الحديث على أساس علمى، ويتم فحص الزوج والزوجة، فربما تكون حالة الزوج حالة مرضية ويتم علاجها، أو يتم توجيه طاقته الزائدة إلى مجالات أخرى- مثل: مشاركة زوجته فى رعاية أطفاله، اللعب معهم، الذهاب بهم إلى الدروس وتدريبات النادى أو الساحة الشعبية، المذاكرة لهم، خاصة مع مناهج التعليم فى الصفوف الابتدائية- الكافية لسحب أى طاقة أو فرط نشاط من كل خلايا جسم.
ويجب أيضًا فحص زوجته، فربما هناك موانع صحية تحول بينها وبين الاستجابة لرغباته، فيتم علاجها، أو أن هناك موانع نفسية، فيتم إرشاد الزوج والزوجة إلى كيفية الانسجام فى العلاقة الخاصة فيتحقق الرضا والإشباع للطرفين. وكلمة الطرفين هى الكلمة التى يتغاضى عنها مدعو الفحولة والخوف من الوقوع فى الفاحشة، فهو لا يرى فى العلاقة إلا نفسه، رغبته، أما الزوجة فمجرد وعاء لتفريغ هذه الشهوة.
وإلى جانب تفريغ الشهوة، يكتشف الذكر المتزوج بعد مرور عدد من السنوات، أنه يريد زوجة لديها صفات معينة ليست موجودة فى زوجته الحالية، وطبعًا هذه الصفات لا تتعلق بدرجة التعليم أو الوعى أو الحكمة أو..، لكنها فى الغالب تتصل بصفات جسدية مثل الرشاقة، اللون الأبيض، الشعر الأشقر، وهى الصفات التى تغاضى عنها عندما تزوج زوجته الأولى لأسباب مادية أو حدث للزوجة تغيرات بسبب مرور السنوات والحمل والإنجاب، لكنه لا يتعامل مع إنسان ولا يدخل فى علاقة حقيقية، تترك كل علاماتها على جسم الشريكين وروحهما.
الذكر الذى يبحث عن زوجة ثانية هو كائن وحيد الخلية، كائن أنوى لا يعرف غير أن يذهب للعمل ويعود للغذاء، ثم يريد أن يقضى حاجته مع زوجته، فلا هموم تشغله، ولا أزمة اقتصادية تطحنه، هو نوع من الكائنات التى تعيش وتتكسب رزقها من أعمال طفيلية، لا يبذل فيها طاقته أو جزءًا من روحه فيما يعمل.
فالشهوة الجنسية الزائدة لدى الذكور، لا يكون علاجها بالسماح بمزيد من ممارستها، بل بتصريف هذه الطاقة، فالأطباء يحذرون من أن مدمنى الجنس لا يحصلون على أى شعور بالرضا الدائم عن الجنس، وهم دائمًا يبحثون عنه. ولن تكفيهم مثنى وثلاث ورباع.