في ذكرى ميلادها..
كيف دافعت فاتن حمامة عن المرأة في أفلامها؟
«الشخصية المستقلة، المعافرة، المرأة المسؤولة، الرومانسية..» وغيرها من الشخصيات التي جسدتها الفنانة الراحلة فاتن حمامة، الذي يحل اليوم 27 مايو ذكرى ميلادها، حيث غابت عن عالمنا في يوم 17 يناير 2015، وفي السطور التالية، ترصد "الدستور" أبرز قضايا المرأة التي تناولتها سيدة الشاشة العربية في أفلامها.
«الباب المفتوح.. المثابرة نحو شخصية مستقلة»
"لا أريد لك أن تستمدِ ثقتك في نفسك وفي الحياة منِّي أو من أي إنسان، أريد لك كيانك الخاص المستقل".. كلماتٌ أرسلها "حسين" إلى "ليلي" طالبًا منها ألا تُدفن كيانها في كيان شخص حتى لو كانت تحبه فلابد أن يكون للمرأة كيانها الخاص بها.
الفيلم يحكي عن فترة الأربعينيات وبالتحديد وقت الاحتلال البريطاني، مرورًا بحريق القاهرة وثورة 52 والعدوان الثلاثي، فتعبر "ليلى" عن حال الكثير من الفتيات في هذه الفترة ورغبتهن في التمرد فنجد "ليلى" تريد المشاركة في المظاهرات ولكن تنصدم برأي والدها الذي يرفض ذلك، ثم تجدها تنصدم بآراء منفتحة من جانب صديق شقيقها وفي النهاية، يدفعها الأخير لمحاولة البحث عن ذاتها المستقلة البعيدة عن سطوة المجتمع وأفكاره.
وبهذا الفيلم تحول الحديث عن المرأة من كونها مظلومة مغلوبة على أمرها للثائرة الجامعية التي لديها أفكارها المستقلة باحثة عن ذاتها و تستطيع أن ترفض ما لا تريده من أفكار وتحكمات.
«إمبراطورية م.. الأم مايسترو الحياة»
جسدت الفنانة الراحلة فاتن حمامة، شخصية الأم العاملة في حقبة السبعينيات وربة المنزل، والمسؤولة عن تربية الأبناء المشاكسين ذوات الأعمار المختلفة، فبعد وفاة الأب أصبحت هي الأم والأب مصدر الحنان وأحيانًا كثيرة نراها في سياق الفيلم الشخصية الحاسمة القوية القاسية في بعض الأحيان، معلنة أنها لا تعرف الهزيمة ومهما كلفها هذا من إرهاق وتعب عقلي وجسماني لن تهزم في هذه الحرب التي أوقعها القدر فيها.
القصة لإحسان عبدالقدوس، وقدمها للعرض السينمائي نجيب محفوظ، وشاركها في بطولة العمل الفنان أحمد مظهر، وقعت شخصية الأم حيث تمثلها فاتن حمامة في حيرة ما بين تفرغها لأبنائها واستكمال المسيرة التي بدأتها منذ سنوات طوال أو أنها تفكر كثيرًا في مستقبلها مع حبيبها القديم الذي ظهر من جديد في حياتها، ومع وصول الأبناء لسن المراهقة تبدأ العلاقة بينهم في التوتر مما يجد المشاهد نفسه أمام تشريح مطلق للعديد من القضايا المختلفة للمراهقين.
الفيلم يوضح أنه حتى علاقة الدم لا تبرر أن تدير الآخرين حسب أهوائك، فهو يحمل في طياته صورة مجسدة للثورة والتمرد والسلطة والحرية، بالتطبيق على العائلة، وباختيار الأولاد الأم في النهاية كان شرطه المشاركة، وليس التحكم وبالحب وليس الخوف.
«أريد حلًا..المرأة وقانون الخلع»
الصرخة الأولى للمرأة وأول دعوة خلع في السينما والواقع كانت من خلاله، بسبب الفيلم تغير قانون الأحوال الشخصية، بسبب الفيلم وجدت العديد من السيدات متنفس لها في علاقات كانت تأمل أن تنتهي، ولكنها كانت تتساءل طوال الوقت عن الحل إلى أن وجدته من خلال مشاهدة الفيلم، فكان بمثابة قنبلة انفجرت في السبعينيات فاتخذه البعض أنه ضد الشريعة بل وأخذته صفحات الأخوان من هذا المنطلق.
في البداية كان سيطلق على الفيلم عنوان "الجلسة سرية" حيث طلب محامي الزوج بأن تكون الجلسة سرية ولكن اقترحت "حمامة" أن يكون اسم الفيلم "أريد حلًا"؛ ليكون العنوان صرخة تطالب بها كافة السيدات اللاتي يريدن الطلاق من زوج فاسد أو منحرف أو عاطل ولا يتمكن من الحصول عليه، ورحب الجميع باقتراحها.
فيلم "أريد حلًا" تحدثت عنه السيدة جيهان السادات، فكانت تذكر اسمه عندما يسألها أحد عن أفضل فيلم فتقول "أريد حلًا" كما أن الرئيس الراحل أنور السادات، تحدث في أحد المؤتمرات عن رغبته في إصدار قرار بتغيير قانون الأحوال الشخصية عقب الفيلم فتحدث عن المسكوت عنه وقتها بالفعل.
«ليلة القبض على فاطمة ..لا يضيع حق وراه مطالب»
لا ننس المشهد الأخير من فيلم قدمته الراحلة فاتن حمامة، وهي بداخل عربية البوكس تصرخ بكلمات "اتكلموا قولوا الحق متسكتوش.. ميضعش حق وراه مطالب”.. فهو نهاية فيلم من أهم الأفلام في فترة الثمانينيات فقدمت دور امرأة يقذفها شقيقها داخل مستشفى الأمراض العقلية بحجة الجنون مستغلًا منصبه السياسي، فاعطتنا جميعًا درسًا لا ننساه وهو طالما أنت تطالب بحقك فتأكد أنه لن يضيع.
وعلى الرغم من النجاح الخاص بالفيلم إلا أن هناك العديد من المعارضين والنقاد أبدوا رأيهم السلبي فيما جاء في الفيلم من آراء وأفكار سياسية حول ثورة يوليو ومراكز القوى، وحصلت فاتن حمامة على جائزة الاستحقاق اللبناني لأفضل ممثلة عربية عن الفيلم، كما حصدت على جائزتي الاعتراف وإنجاز العمر من منظمة الفن السينمائي.
«دعاء الكروان..مظالم فتيات القرى»
"وين هنادي يا أماى ؟".. بهذه الكلمات التي عاشت معنا من وقت عرض الفيلم إلى وقتنا هذا كلمة عبرت عنها الراحلة فاتن حمامة "آمنة" وهي تتساءل عن شقيقتها وتبكي بحرقة من منا لم يتذكر صوت الكروان ومن وقتها لا نستطيع أن نسمعه دون تذكر فيلم "دعاء الكروان" لقصة الكاتب الكبير طه حسين، حيث وضع يده على قضايا في مرحلة الخمسينيات ومطلع الستينيات من القرن الماضي.
ناقش الفيلم التصادم الأول بين حياة الصعيد والحضر، ومظالم فتيات القرى بسبب الجهل وقلة المال مما يقعهن فريسة بين يدي صاحب المال والنعمة عليهن، كما ناقش العادات و التقاليد، الشرف والثأر، والصراع، والحب والانتقام، إلا أن الصفة الأخيرة غيرَّت قلب الفتاة البريئة "آمنة" لتقرر الانتقام من المهندس الذي تسبب في موت شقيقتها على يد خالها ثأرًا لشرفهم، لتجعله يركع أمامها لتخلص منه ثأر كل فتاة تسبب في بكائها وأغواها باسم الحب ولكن لم تعلم أنها اتكوت بنفس السلاح "سلاح الحب".