في ذكرى رحيله الـ 39.. أمل دنقل: أحب شعر محمود وقصائده تقدمية
تمر اليوم الذكرى الـ 39 لرحيل أحد أبرز أيقونات الشعر العربي “أمل دنقل”، والذي رحل في مثل هذا اليوم الموافق 21 مايو 1983 عن عمر يناهز 43 عاما، ورحل أمل تاركا وراءه ما نردده من بعده في كل مناسبة يقترب الاستبداد والطغيان من مدننا العربية، ترك لنا قصائده حية تركض وتقفز غاضبة تقول "لا تصالح" كلما سكنت رصاصة جباه وقلوب ابنائنا على الجبهة هنا وفي فلسطين المحتلة، تزداد سيرته خلودًا و تألقًا مع مرور الأيام، ليصبح ويظل أمل دنقل أشهر وأبرز شعراء الرفض العربي في التقرير التالي، نستعيد مواقف أمل دنقل تجاه مجايلية من شعراء العالم العربي.
وذكر الشاعر الراحل أمل دنقل للكاتب الصحفي سيد عثمان، عبر حوار مجلة “البيان الكويتية” أنه واحد من المعجيين بأشعار محمود درويش، وأعتقد أن أشعار ومحمود درويش أكثر تقدما من أشعار أدونيس. لكن مشكلة درويش الأساسية في تقديري هناك أن هناك محمودين ودرويشين، محمود قبل الهجرة من إسرائيل، ومحمود بعدها.
وتابع دنقل أنه "عندما كان داخل إسرائيل كان يعيش في شبه قفص منعزلا عن العالم العربي، صلته بالعالم تختلف عن رؤيتنا نحن، فمثلا أذكر حاجة شخصية: عندما جاء درويش إلى مصر، وسافر إلى الأقصر وأسوان عاد متألما مريضا ثلاثة أيام، وعندما سألته عن السبب قال لي أنه وجد أن كثيرا من الأطفال المصريين يمشون حفاة الأقدام، ودهشت لانني كمصري، لم تلفت نظري هذه الظاهرة، إلا كمقولة وشعار، وسمعت عنها في عهد الملكية عندما كانوا يتحدثون عن مشروع مكافحة الحفاة، لماذا حزن محمود وصدم؟.
حزن وصدم لأنه في دولة تقول أنها دولة اشتراكية من غير المعقول أن يكون هناك أطفال حفاة، وذكر لي أنه حتى الأطفال في الأرض المحتلة، وهم فقراء نسبيا لا يسيرون حفاة الأقدام.
وعن سؤال هل كانت لدى محمود صورة وردية عن العالم العربي أجاب دنقل: “كانت لدية صورة كونها من خلال إذاعة صوت العرب”، من أن مصر دولة اشتراكية مرتبطة بالمعسكر الاشتراكي تقيم السد العالي ، والمصانع ، فلابد أن هناك عملا لكل فرد وحذاء لكل مواطن . لك أن تتصور الصدمة التي أصيب بها محمود درويش عندما خرج إلى عالم الصراع العربي المعقد خارج الأرض المحتلة.
وتابع دنقل "لاشك في أن مرحلة الصراع العربي الراهن ، والمرحلة العربية الاجتماعية الراهنة اختلطت فيها كثير من القيم فأنت لاتستطيع أن تحكم مثلا من هو الخائن ومن هو العميل ومن هو الثوري والوطني بدقة، لأن المقاييس اختلطت وتلاتهادمات تبدلت بشكل لا يترك الأبيض أبيض والأسود أسود كما كان يتصور محمود درويش قبل مغادرته إسرائيل.
وختم دنقل ومن هنا فإن الغموض إذا جاز انسحاب هذا الوصف على شعر محمود ردويش، هو نتيجة لغموض أو اختلاط في تصور الأشياء عنده. عندما كان الأبيض أبيص والأسود أسود كان شعره داخلا الأرض المحتلة غنائيا، ولكن عندما دخل حلبة الصراع وشارك فيها بفكرة وحضوره كان لابد أن يلجأ إلى القصيدة الدرامية التي تشابك فيها الخيوط، وقد لا تلتقى، وقد لا تنحل المعادلة في ذهنة أبدا.