صمود الشعب الفلسطينى والذكرى الرابعة والسبعون
تحل هذا العام الذكرى الرابعة والسبعون على اغتصاب فلسطين وإنشاء الكيان الصهيونى على أرض فلسطين العربية «15 مايو 1948» وسط ازدياد المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة من كل فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الاعتداءات الصهيونية لأكثر من عام على حى الشيخ جراح بمدينة القدس، ومحاولات المستوطنين الاستيلاء على منازل المقدسيين، وارتكاب العدو جرائم حرب ضد الإنسانية باستهداف عائلات فلسطينية وتهجيرها قسرياً أو هدم منازلها وقتلها فى حرب إبادة جماعية على مرأى ومسمع من العالم ذى الضمير الغائب والصمت المريب.. ووسط أنظمة عربية إما مهرولة للتطبيع أو صامتة، أنظمة تابعة للسياسات الأمريكية، وتعمل على حماية أمن الكيان الصهيونى.
كما تجىء الذكرى وسط اشتداد اعتداءات المستوطنين وجنود جيش الاحتلال الصهيونى على المصلين فى باحات المسجد الأقصى والمعتكفين فى ليالى رمضان الأخيرة، وقتل وإصابة مئات من الشعب الفلسطينى «الشباب والنساء والأطفال والمسنين العزل الذين يواصلون الصلاة فى شهر رمضان المبارك»، شعب الجبارين الصامد الواقف فى وجه تهويد مدينة القدس، وتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، وذلك وسط تصاعد المواجهات بين الشباب الفلسطينى وقوات الاحتلال عقب تهديدات منظمات الهيكل المزعوم باقتحام الأقصى وإدخال القرابين وذبحها فى ساحات الحرم القدسى، مع التهديد أيضا باقتحامات جديدة للمسجد الأقصى فى يوم ما يسمى بـ"استقلال إسرائيل" والذى يأتى عشية الذكرى 74 لاغتصاب فلسطين.. كما تجىء الذكرى الـ74 وسط توحش العدو الصهيونى ومنعه الفلسطينيين من الوصول لكنيسة القيامة للاحتفال بعيد القيامة المجيد، ووسط الإعلان من جانب العدو عن هدم 8 قرى فلسطينية لبناء آلاف الوحدات غير الشرعية للمستوطنين الصهاينة.
تجىء الذكرى الرابعة والسبعون وسط رعب وخوف الكيان الصهيونى من اشتداد المقاومة الفلسطينية فى كل أراضى فلسطين، ووسط ازدياد الهجرة العكسية لليهود من الداخل للخارج.. ويقول الباحث السياسى الإسرائيلى افرايم غانور، فى جريدة «معاريف» الإسرائيلية: «إن الإسرائيليين يحيون ذكرى تأسيس دولتهم فى عامها الرابع والسبعين والأرض تهتز من تحتهم غاضبة وقلقة، وأبدى عدد من القادة الإسرائيليين تخوفهم من زوال دولتهم قبل العام الثمانين».
تجىء الذكرى الرابعة والسبعون مع تزايد أعداد الأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال «4650 أسيرا وأسيرة، منهم 34 امرأة و160 طفلا، و500 من المعتقلين الإداريين، و600 من المرضى، و9 من نواب المجلس التشريعى» يعانون من كافة أشكال التعذيب، من منع الزيارات والعلاج والأدوية، هذا بجانب احتجاز 9 جثامين لأفراد استشهدوا داخل سجون الاحتلال.
تجىء الذكرى الرابعة والسبعون مع استمرار المقاومة الفلسطينية المسلحة والشعبية وسط ارتفاع أصوات الشعوب الحرة المتضامنة مع الشعب الفلسطينى ضد الكيان العنصرى، ودعم ومساندة الشعوب العربية الحرة الرافضة للتطبيع مع العدوالصهيونى بكافة أشكاله، ورفض شعوب العالم الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية، بجانب نجاح ونمو حركات المقاطعة للكيان الصهيونى ولمنتجات المستوطنات غير الشرعية، بل والمقاطعة الأكاديمية من جانب عدد من الدول الأوروبية.
كما تحل ذكرى "النكبة" بعد صدور تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش «مؤسسة حقوق إنسان عالمية مقرها الولايات المتحدة الأمريكية»، الذى تضمن فى فقراته "إن ما يجرى فى فلسطين هو نظام أبارتهايد مكتمل الأركان، والحكومة الإسرائيلية أظهرت نيتها فى الحفاظ على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين فى جميع أنحاء الأراضى التى تسيطر عليها، واقترنت هذه النية بالقمع المنهجى للفلسطينيين والأفعال اللا إنسانية ضدهم، وذلك يرقى إلى جريمة الفصل العنصرى".. كما يتهم التقرير السياسة الإسرائيلية بالسعى وراء أكبر مساحة من الأرض بأقل عدد من الفلسطينيين، ويشير إلى أن جرائم الفصل العنصرى والاضطهاد تمارس ضد الفلسطينيين كلهم فى الضفة الغربية وقطاع غزة وفى الأراضى الفلسطينية منذ عام 1948، وضد الفلسطينيين الذين طُردوا من ديارهم وهُجروا منها ومُنعوا من العودة إليها فى حين يتاح لليهود ذلك.
تمرالذكرى الرابعة والسبعون وما زالت ترن فى أذنى مقولة الراحل المناضل العظيم الدكتور عبدالوهاب المسيرى منذ 14 عاما فى الذكرى الستين للنكبة عام 2008: "لاتقولوا 60 عاما على النكبة بل قولوا 60 عاما من المقاومة، فالشعب الفلسطينى صامد وباقٍ والكيان الصهيونى الاستعمارى الاستيطانى إلى زوال".
إن العدو الصهيونى وجوهره الاستعمارى الاستيطانى ارتبط تاريخه وإنشاؤه على حساب طرد وقتل الشعب الفلسطينى، وقهر وسلب وقمع من تبقى على أرضه واعتقال شبابه ونسائه وأطفاله، ووضعهم وتعذيبهم فى سجون الاحتلال.
إننا ننادى بصوت عالٍ ونتوجه إلى كل الأحرار فى العالم ونقول لهم قاطعوا الكيان العنصرى سياسيا واقتصاديا وثقافيا وفنيا ورياضيا، ودافعوا عن القدس وهويتها وتاريخها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ادعموا حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، وحق اللاجئين فى العودة إلى ديارهم.