أخرج أول فيلم مصري روائي طويل
كيف أثرت طفولة إستيفان روستي وتخلي والده عنه في مسيرته الحياتية؟
"أنا عايز أهني وأرقص وأغني فرحان بفرحكم، رقصني يا جدع. قالوا منين القبايل قولت أنا أجريجي"، صدق أو لا تصدق أنها أغنية ترنم بها متعهد أدوار الشر في السينما المصرية، إستيفان روستي والذي تحل اليوم ذكري رحيله عن عالمنا، في مثل هذا اليوم من العام ١٩٦٤.
لا ينسى عشاق فن السينما أشهر جمل إستيفان روستي، في أفلامه التي ناهزت المائة وخمسين فيلما، ومن أشهر هذه الإفيهات: “نشنت يا فالح” والتي وجهها إلى الفنان محمد توفيق بعدما أطلق عليه الرصاص بالخطأ، خلال أحداث فيلم “حبيبي الأسمر”. “في صحة المفاجأت” خلال فيلم تمر حنة، “طب عن إذنك أتحزم وأجيلك”، والتي وجهها إلى الفنانة فردوس محمد خلال أحداث فيلم “سيدة القصر”، حينما طلب أن يراقصها. وغيرها من الجمل الفنية التي لا تنسي لفنان مازال يعيش في وجدان وذاكرة محبي الفن السابع جيلا بعد جيل.
ويذهب المؤرخ الفني السينمائي حسن إمام عمر، إلى أن الفنان إستيفان روستي له شخصية مميزة ومذاق خاص في الأداء التمثيلي، وبالرغم من أن كل أدواره تدور في دائرة الشر والانتقام وتدبير المؤامرات، إلا أنه وبتفوقه في تجسيد هذه الأدوار كان ينال إعجاب وتقدير الجميع.
كما له في مجال الإخراج السينمائي باع طويل وتاريخ لا ينسي ولا ينكر، فهو مخرج أول فيلم مصري روائي طويل، ألا وهو فيلم “ليلي”، والذي أطلق علي منتجته الفنانة عزيزة أميرة لقب مؤسسة فن السينما في مصر.
يبدو اسم إستيفان روستي أنه لأحد الأجانب الذين وفدوا إلي مصر في عشرينيات القرن المنصرم، ليشاركوا في البدايات الأولي لصناعة السينما المصرية، وفي الحقيقة أن إستيفان روستي ولد في مصر تحديدا في حدائق شبرا ١٦ نوفمبر ١٨٩١، ودون اسمه في شهادة الميلاد علي نفس اسم والده “ستيفاني دي روستي”، وهو بارون نمساوي من أسرة عريقة في النمسا حدث خلاف بينه وبين أسرته لرفضه الزواج من ابنة عمه، وسافر إلي إيطاليا، وفي روما ألتقي بفتاة أحبها وتزوجها ولم يستطع العودة بها إلى النمسا فجاء إلى مصر.
راقت لوالد إستيفان روستي الإقامة في القاهرة فاشتري فيلا في حدائق شبرا وعاش مع زوجته الإيطالية. وعندما وصل خبر هذا الزواج إلى أسرته في النمسا، أرسل له والده واستدعاه مهددا بحرمانه من كل شيء إن لم يترك زوجته الإيطالية. وبالفعل وقبل ميلاد إستيفان روستي بحوالي شهرين، اضطر والده للعودة إلى النمسا، ويرضخ لأوامر أسرته ويتزوج ابنة عمه، لكنه ظل لحوالي عامين يراسل زوجته الإيطالية في مصر ويرسل لها من حين لآخر بعض النقود.
ــ طفولة إستيفان روستي وتعليمه
ألتحق إستيفان روستي بمدرسة “الفرير” الفرنسية، وبعدها المدرسة الخديوية وفيها أتم دراسته للمرحلة الثانوية. وعندما توقف والده عن إرسال النقود أضطرت والدته إلى بيع الفيلا التي كان زوجها قد كتبها باسمها، وتسكن في شقة عادية، وتحتفظ بالنقود من أجل تعليم إستيفان ومواجهة متطلبات الحياة.
في المدرسة الخديوية أنضم إستيفان روستي إلى فريق التمثيل بالمدرسة وأثبت تفوقا كبيرا في كل الأدوار التي كانت تسند إليه في الحفلات المدرسية. وبعد حصوله على شهادة “البكالوريا”، طلبت منه والدته البحث عن عمل والاستقلال بحياته لأنها قررت أن تتزوج، وحكت له حكاية زواجها من أبيه وكيف تركهم ورضخ لأسرته، وهي الحكاية التي لم يكن يعرفها إستيفان روستي، إلا عندما كبر وحصل علي البكالوريا. وأصرت والدته على الزواج من نجار إيطالي كان يزورهما من وقت لآخر، وإن كان إستيفان روستي لا يستريح لهذا الشخص فاستقل بحياته.